الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد ، كره منعها . وبيتها خير لها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها ) صرح به جماعة ; لقوله عليه السلام : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وبيوتهن خير لهن ، وليخرجن تفلات . رواه أحمد ، وأبو داود . وتخرج غير متطيبة لهذا الخبر ، وقال عليه السلام : إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن . متفق عليه ، وأمه كامرأته ، وظاهره : أن لها حضور صلاة الرجال جماعة للخبر ، وعنه : الفرض ، وكرهه القاضي ، وابن عقيل للشابة ، وذكره ابن هبيرة اتفاقا ، والمراد للمستحسنة خوف الفتنة بها ، قال بعض الحنفية : والفتوى اليوم على الكراهة في كل الصلوات لظهور الفساد ، واستحبه ابن هبيرة ، وقيل : يحرم في الجمعة ، قال في " الفروع " : [ ص: 58 ] ويتوجه في غيرها مثلها ، وإن مجالس الوعظ كذلك وأولى ، ( وبيتها خير لها ) أطلقه الأصحاب ; وهو مراد ، وجزم به المجد وغيره للأخبار الخاصة في النساء بالنسبة إلى مسجده عليه السلام ، وروى أحمد : حدثنا هارون : أخبرني عبد الله بن وهب : حدثنا داود بن قيس ، عن عبد الله بن سويد الأنصاري ، عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي ، قالت : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيتها ، وأتته فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل وهو حديث حسن إن شاء الله تعالى ، وأطلق في " عيون المسائل " ، و " المستوعب " ، و " الرعاية " أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف ، وبالمدينة بخمسين ألفا ، وبالأقصى نصفه ; لخبر أنس . فيكون المراد غير صلاة المرأة في بيتها فلا تعارض ، وكذا مضاعفة النفل على غيرها ، لكن كلام الأصحاب أن النافلة بالبيت أفضل للأخبار ، ومسجد المدينة مراد ; لأنه السبب ، وهذا أظهر ، ويحتمل أن مرادهم التفضيل المذكور بالنسبة إلى سائر المساجد ، أو إلى غير البيوت ، فلم تدخل البيوت فلا تعارض .



                                                                                                                          مسائل : الجن مكلفون في الجملة ; يدخل كافرهم النار ، ومؤمنهم الجنة ، لا أنه [ ص: 59 ] تصير ترابا كالبهائم ، وثوابه النجاة من النار ، وهم في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافا لمن قال : لا يأكلون ، ولا يشربون فيها ، أو أنهم في ربض الجنة ، ولم يبعث إليهم نبي قبل نبينا ، وليس منهم رسول . ذكره القاضي وغيره ، وقيل : بلى ; وهو قول الضحاك ، وقال ابن حامد : هم كالإنس في التكليف ، والعبادات ، وتنعقد الجمعة والجماعة بالملائكة ، وبمسلمي الجن ; وهو موجود زمن النبوة ، والمراد في الجمعة من لزمته كما هو ظاهر كلام ابن حامد ، فإن المذهب لا ينعقد بآدمي لا تلزمه ، كمسافر وصبي . فهنا أولى ، وذكر الشيخ تقي الدين أنهم كالإنس في الحد والحقيقة ، فلا يكون تكليفهم مساويا لما على الإنس ، لكن يشاركونهم في جنس التكليف بالأمر والنهي ، والتحليل والتحريم بلا نزاع ; فقد يدل على مناكحتهم ، وغيرها ، ويقتضيه إطلاق الأصحاب ، وفي " المغني " : لا تصح الوصية لجني ; لأنه لا يملك بالتمليك كالهبة ، قال في " الفروع " : فيتوجه من انتفاء التمليك منا منع الوطء ; لأنه في مقابلة مال ، وإذا صح نكاح جنية فهي في الحقوق كآدمية ، لظاهر الشرع إلا ما خصه الدليل ، وأنه لا بد من شروط صحة ذلك ، ويقبل قولهم : إن ما بيدهم ملكهم مع إسلامهم ، وكافرهم كالحربي ، ويجري التوارث الشرعي ، وأنه يعتبر لصحة صلاتهم ما يعتبر لصحة صلاة الآدمي ، وظاهر ما سبق أنهم في الزكاة والصوم والحج كذلك ، ويحرم عليهم ظلم الإنس ، وظلم بعضهم بعضا ، ويسقط فرض غسل ميت بغسلهم . قال في " الفروع " : ويتوجه مثله كل فرض كفاية إلا الأذان ، وكذا تحل ذبيحته لوجود المقتضي ، وعدم المانع ، ولعدم اعتبار التكليف فيه ، وقال ابن مسعود : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال : ذاك رجل بال الشيطان في [ ص: 60 ] أذنه متفق عليه . خص الأذن لأنها حاسة الانتباه . قيل : ظهر عليه ، وسخر منه ، ويتوجه أنه على ظاهره كقيئه ، فيكون بوله وقيئه طاهرا ; وهو غريب .




                                                                                                                          الخدمات العلمية