الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غالب بن عبد الله الكلبي إلى بني الملوح بالكديد ، وأمره أن يغير عليهم .

قال ابن إسحاق : فحدثني يعقوب بن عتبة ، عن مسلم بن عبد الله الجهني ، عن جندب بن مكيث الجهني ، قال : كنت في سريته ، فمضينا حتى إذا كنا بقديد لقينا به الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي ، فأخذناه فقال : إنما جئت لأسلم ، فقال له غالب بن عبد الله : إن كنت إنما جئت لتسلم ، فلا يضرك رباط يوم وليلة ، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك ، فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود ، وقال له : امكث معه حتى نمر عليك ، فإذا عازك ، فاحتز رأسه ، فمضينا حتى أتينا بطن الكديد ، فنزلناه عشية بعد العصر ، فبعثني أصحابي إليه ، فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر ، فانبطحت عليه وذلك قبل غروب الشمس ، فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التل ، فقال لامرأته : إني لأرى سوادا على هذا التل ما رأيته في أول النهار ، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك ، فنظرت فقالت : لا والله لا أفقد شيئا . قال : فناوليني قوسي وسهمين من نبلي ، [ ص: 321 ] فناولته ، فرماني بسهم فوضعه في جنبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك ، ثم رماني بالآخر ، فوضعه في رأس منكبي ، فنزعته فوضعته ، ولم أتحرك ، فقال لامرأته : أما والله ، لقد خالطه سهامي ، ولو كان ربيئة لتحرك ، فإذا أصبحت فابتغي سهمي ، فخذيهما لا تمضغهما الكلاب علي ، قال : فأمهلناهم حتى إذا راحت روائحهم ، واحتلبوا وسكنوا ، وذهبت عتمة الليل ، شننا عليهم الغارة ، فقتلنا من قتلنا ، واستقنا النعم ، فوجهنا قافلين به ، وخرج صريخهم إلى قومهم ، وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث بن مالك وصاحبه ، فانطلقنا به معنا ، وأتانا صريخ الناس ، فجاءنا ما لا قبل لنا به ، حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادي من قديد ، أرسل الله عز وجل من حيث شاء سيلا ، لا والله ما رأينا قبل ذلك مطرا ، فجاء بما لا يقدر أحد يقدم علي ، فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون إلينا ما يقدر أحد منهم أن يقدم عليه ، ونحن نحدوها ، فذهبنا سراعا حتى أسندناها في المشلل ، ثم حدرناها عنه ، فأعجزنا القوم بما في أيدينا .

وقد قيل : إن هذه السرية هي السرية التي قبلها . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية