الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما هو أي: رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الغيب على ما يخبر به من الوحي إليه وغيره من الغيوب بضنين من الضن بكسر الضاد وفتحها بمعنى البخل؛ أي: ببخيل لا يبخل بالوحي ولا يقصر في التبليغ والتعليم ومنح كل ما هو مستعد له من العلوم على خلاف الكهنة؛ فإنهم لا يطلعون على ما يزعمون معرفته إلا بإعطاء حلوان. وقرأ ابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير وعائشة وعمر بن عبد العزيز وابن جبير وعروة وهشام بن جندب ومجاهد وغيرهم ومن السبعة النحويان وابن كثير: «بظنين» بالظاء؛ أي: بمتهم من الظنة بالكسر بمعنى التهمة؛ وهو نظير الوصف السابق ب ( أمين ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه بضعيف القوة على تبليغ الوحي من قولهم: بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء، والأول أشهر، ورجحت هذه القراءة عليه بأنها أنسب بالمقام لاتهام الكفرة له صلى الله تعالى عليه وسلم ونفي التهمة أولى من نفي البخل، وبأن التهمة تتعدى بعلى دون البخل؛ فإنه لا يتعدى بها إلا باعتبار تضمينه معنى الحرص ونحوه، لكن قال الطبري بالضاد خطوط المصاحف كلها، ولعله أراد المصاحف المتداولة فإنهم قالوا بالظاء خط مصحف ابن مسعود، ثم إن هذا لا ينافي قول أبي عبيدة: إن الظاء والضاد في الخط القديم لا يختلفان إلا بزيادة رأس إحداهما على الأخرى زيادة يسيرة قد تشتبه كما لا يخفى. والفرق بين الضاد والظاء مخرجا أن الضاد مخرجها من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره، ومنهم من يتمكن من إخراجها منهما، والظاء مخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا. واختلفوا في إبدال إحداهما بالأخرى: هل يمتنع وتفسد به الصلاة أم لا؟ فقيل: تفسد قياسا، ونقله في المحيط البرهاني عن عامة المشايخ، ونقله في الخلاصة عن أبي حنيفة ومحمد، وقيل: لا استحسانا، ونقله فيها عن عامة المشايخ كأبي مطيع البلخي، ومحمد بن سلمة، وقال جمع: إنه إذا أمكن الفرق بينهما فتعمد ذلك وكان مما لم يقرأ به كما هنا وغير المعنى فسدت صلاته وإلا فلا لعسر التمييز بينهما خصوصا على العجم، وقد أسلم كثير منهم في الصدر الأول ولم ينقل حثهم على الفرق وتعليمه من الصحابة ولو كان لازما لفعلوه ونقل، وهذا هو الذي ينبغي أن يعود عليه ويفتى به وقد جمع بعضهم الألفاظ التي لا يختلف معناها ضادا وظاء في رسالة صغيرة، ولقد أحسن بذلك فليراجع فإنه مهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية