القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=30726_31931_32423_32424_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل [44]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44ألم تر من رؤية القلب، وضمن معنى الانتهاء، أي: ألم ينته علمك إليهم، أو من رؤية البصر، أي: ألم تنظر
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب أي: حظا من علم التوراة، وهم أحبار اليهود، قال العلامة
أبو السعود : المراد بالذي أوتوه ما بين لهم فيها من الأحكام والعلوم التي من جملتها ما علموه من نعوت النبي - صلى الله عليه وسلم - وحقية الإسلام، والتعبير عنه بالنصيب
[ ص: 1275 ] المنبئ عن كونه حقا من حقوقهم التي يجب مراعاتها والمحافظة عليها للإيذان بكمال ركاكة آرائهم حيث ضيعوه تضييعا.
وتنوينه تفخيمي مؤيد للتشنيع عليهم، والتعجيب من حالهم، فالتعبير عنهم بالموصول للتنبيه بما في حيز الصلة على كمال شناعتهم، والإشعار بمكان ما طوي ذكره في المعاملة المحكية عنهم من الهدى الذي هو أحد العوضين:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44يشترون الضلالة وهو البقاء على اليهودية، بعد وضوح الآيات لهم على صحة نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنه هو النبي المبشر به في التوراة والإنجيل، أي: يأخذون الضلالة ويتركون ما أوتوه من الهدى ليشتروا ثمنا قليلا من حطام الدنيا.
وإنما طوي ذكر المتروك لغاية ظهور الأمر، لا سيما بعد الإشعار المذكور، والتعبير عن ذلك بالاشتراء - الذي هو عبارة عن استبدال السلعة بالثمن، أي: أخذها بدلا منه أخذا ناشئا عن الرغبة فيها والإعراض عنه - للإيذان بكمال رغبتهم في الضلالة، التي حقها أن يعرض عنها كل الإعراض، وإعراضهم عن الهداية التي يتنافس فيها المتنافسون، وفيه من التسجيل على نهاية سخافة عقولهم، وغاية ركاكة آرائهم ما لا يخفى، حيث صورت حالهم بصورة ما لا يكاد يتعاطاه أحد ممن له أدنى تمييز، قاله
أبو السعود .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44ويريدون أن تضلوا السبيل أي: لا يكتفون بضلال أنفسهم بل يريدون بما فعلوا من كتمان نعوته - صلى الله عليه وسلم - أن تضلوا أيها المؤمنون سبيل الحق كما ضلوا، ويودون لو تكفرون بما أنزل عليكم من الهدى والعلم النافع.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=30726_31931_32423_32424_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ [44]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44أَلَمْ تَرَ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ، وَضُمِّنَ مَعْنَى الِانْتِهَاءِ، أَيْ: أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلَيْهِمْ، أَوْ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ، أَيْ: أَلَمْ تَنْظُرْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ أَيْ: حَظًّا مِنْ عِلْمِ التَّوْرَاةِ، وَهُمْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ، قَالَ الْعَلَّامَةُ
أَبُو السُّعُودِ : الْمُرَادُ بِالَّذِي أُوتُوهُ مَا بُيِّنَ لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْعُلُومِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا عَلِمُوهُ مِنْ نُعُوتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَقِيَةِ الْإِسْلَامِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالنَّصِيبِ
[ ص: 1275 ] الْمُنْبِئِ عَنْ كَوْنِهِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِمُ الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا لِلْإِيذَانِ بِكَمَالِ رَكَاكَةِ آرَائِهِمْ حَيْثُ ضَيَّعُوهُ تَضْيِيعًا.
وَتَنْوِينُهُ تَفْخِيمِيٌّ مُؤَيِّدٌ لِلتَّشْنِيعِ عَلَيْهِمْ، وَالتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِهِمْ، فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِالْمَوْصُولِ لِلتَّنْبِيهِ بِمَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ عَلَى كَمَالِ شَنَاعَتِهِمْ، وَالْإِشْعَارِ بِمَكَانِ مَا طُوِيَ ذِكْرُهُ فِي الْمُعَامَلَةِ الْمَحْكِيَّةِ عَنْهُمْ مِنَ الْهُدَى الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَهُوَ الْبَقَاءُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، بَعْدَ وُضُوحِ الْآيَاتِ لَهُمْ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ هُوَ النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، أَيْ: يَأْخُذُونَ الضَّلَالَةَ وَيَتْرُكُونَ مَا أُوتُوهُ مِنَ الْهُدَى لِيَشْتَرُوا ثَمَنًا قَلِيلًا مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا.
وَإِنَّمَا طُوِيَ ذِكْرُ الْمَتْرُوكِ لِغَايَةِ ظُهُورِ الْأَمْرِ، لَا سِيَّمَا بَعْدَ الْإِشْعَارِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِالِاشْتِرَاءِ - الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِبْدَالِ السِّلْعَةِ بِالثَّمَنِ، أَيْ: أَخْذِهَا بَدَلًا مِنْهُ أَخْذًا نَاشِئًا عَنِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ - لِلْإِيذَانِ بِكَمَالِ رَغْبَتِهِمْ فِي الضَّلَالَةِ، الَّتِي حَقُّهَا أَنْ يُعْرَضَ عَنْهَا كُلَّ الْإِعْرَاضِ، وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْهِدَايَةِ الَّتِي يَتَنَافَسُ فِيهَا الْمُتَنَافِسُونَ، وَفِيهِ مِنَ التَّسْجِيلِ عَلَى نِهَايَةِ سَخَافَةِ عُقُولِهِمْ، وَغَايَةِ رَكَاكَةِ آرَائِهِمْ مَا لَا يَخْفَى، حَيْثُ صُوِّرَتْ حَالُهُمْ بِصُورَةِ مَا لَا يَكَادُ يَتَعَاطَاهُ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٍ، قَالَهُ
أَبُو السُّعُودِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ أَيْ: لَا يَكْتَفُونَ بِضَلَالِ أَنْفُسِهِمْ بَلْ يُرِيدُونَ بِمَا فَعَلُوا مِنْ كِتْمَانِ نُعُوتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَضِلُّوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ سَبِيلَ الْحَقِّ كَمَا ضَلُّوا، وَيَوَدُّونَ لَوْ تَكْفُرُونَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ النَّافِعِ.