الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( خاتمة ) يقع الترجيح بين حدود سمعية ظنية مفيدة لمعان مفردة تصورية . وهي حدود الأحكام الظنية المفيدة لمعان مفردة تصورية ، وذلك : لأن الأمارات المفضية إلى التصديقات كما يقع التعارض فيها ، ويرجح بعضها على بعض ، كذلك الحدود السمعية يقع التعارض فيها . ويرجح بعضها على بعض ، وخرج بقوله " السمعية " العقلية ، التي هي تعريف الماهيات ، فإنها ليست مقصودة هنا إذا تقرر هذا . فإنه ( يرجح من حدود سمعية : ظنية مفيد لمعان مفردة تصورية صريح ) لأن الترجيح في الحدود السمعية تارة يكون باعتبار اللفظ ، وتارة يكون باعتبار المعنى . وتارة يكون باعتبار أمر خارج .

فمن الترجيح باعتبار الألفاظ : الصراحة ، فيرجح الحد الذي بلفظ صريح على حد فيه تجوز ، أو استعارة ، أو اشتراك ، أو غرابة ، أو اضطراب . ومحل هذا : إن قلنا : إن التجوز والاستعارة والاشتراك تكون في الحدود ، والصحيح : المنع . قال الكوراني : إلا إذا اشتهر المجاز ، حيث لا يتبادر غيره ( و ) من الترجيح باعتبار [ ص: 667 ] المعنى ( أعرف ) يعني بأن يكون المعرف من أحدهما أعرف من الآخر ( و ) من الترجيح باعتبار المعنى أيضا ( أعم ) يعني بأن يكون مدلول أحدهما أعم من مدلول الآخر ، فيرجح الأعم ليتناول الأخص وغيره فتكثر الفائدة . وقيل : يقدم الأخص للاتفاق على ما يتناوله الأخص ; لتناول الحدين له والاختلاف فيما زاد على مدلول الأخص . والمتفق عليه أولى ( و ) من الترجيح باعتبار المعنى أيضا ( ذاتي ) يعني : أنه يرجح التعريف بكونه ذاتيا على كونه عرضيا ; لأن التعريف بالذاتي يفيد كنه الحقيقة ، بخلاف العرضي .

( من ذا ) أي : يقدم من هذا التعريف الذاتي ما هو ( حقيقي تام ، ف ) ما هو حقيقي ( ناقص ) فما هو ( رسمي كذلك ) يعني : أنه يقدم بعد ذلك التعريف الرسمي التام . فالتعريف الرسمي الناقص ( فلفظي ) يعني : أنه يلي الرسمي الناقص : التعريف اللفظي ( و ) يكون الترجيح في الحدود السمعية باعتبار أمر خارج أيضا فيرجح أحد الحدين ( بموافقة ) نقل شرعي ، أو لغوي ( أو ) ب ( مقارنة نقل سمعي ، أو لغوي ) على ما لا يكون كذلك ( أو عمل أهل المدينة ، أو ) عمل ( الخلفاء ) الراشدين - ( أو ) عمل ( عالم ) يعني : أنه يرجح أحد التعريفين بموافقة عمل أهل المدينة . أو بموافقة عمل الخلفاء الأربعة ، أو بموافقة الأئمة الأربعة ، أو بموافقة عمل عالم واحد على ما لا يكون كذلك ; لحصول القوة بذلك .

( و ) يرجح أحد التعريفين أيضا ( بكون طريق تحصيله أسهل ) من طريق الآخر ( أو أظهر ) من طريق الآخر . يعني : أن أحد التعريفين يرجح على الآخر برجحان طريق اكتسابه ، بأن يكون طريق اكتسابه أي اكتساب أحدهما قطعيا ، وطريق اكتساب الآخر ظنيا ، أو اكتساب أحدهما أرجح من طريق اكتساب الآخر ، بكون طريقه أسهل أو أظهر ، فيقدم الأسهل أو الأظهر على غيره ; لأنه أفضى إلى المقصود ، وأغلب على الظن ( و ) يرجح أحد التعريفين أيضا ( بتقرير حكم حظر ) على تعريف مقرر لحكم إباحة ( أو نفي ) يعني : أنه يرجح تعريف مقرر لنفي حكم على تعريف مقرر للإثبات ( أو درء حد ) يعني : أنه يرجح تعريف مقرر لدرء حد ، بأن يلزم من العمل به درء الحد ، على ما لا يكون كذلك ( أو [ ص: 668 ] ثبوت عتق ، أو ) ثبوت ( طلاق ونحوه ) يعني أنه يرجح أحد التعريفين بكونه يلزم من العمل به ثبوت عتق أو طلاق ، أو نحو ذلك على ما لا يلزم من العمل بذلك قاله ابن مفلح وغيره . ثم قال : فالترجيح به على ما سبق في الحجج .

( وضابط الترجيح ) يعني القاعدة الكلية في الترجيح ( أنه متى اقترن بأحد ) دليلين ( متعارضين أمر نقلي ) كآية أو خبر ( أو ) أمر ( اصطلاحي ) كعرف أو عادة ( عام ) ذلك الأمر ( أو خاص ، أو ) اقترن بأحد الدليلين ( قرينة عقلية ، أو ) قرينة ( لفظية ، أو ) قرينة ( حالية ، وأفاد ) ذلك الاقتران ( زيادة ظن : رجح به ) لما ذكرنا من أن رجحان الدليل هو بالزيادة في قوته أو ظن إفادته المدلول ، وذلك أمر حقيقي لا يختلف في نفسه . وإن اختلفت مداركه ( وتفاصيله ) أي : تفاصيل الترجيح ( لا تنحصر ) وذلك : لأن مثارات الظنون التي بها الرجحان والترجيح كثيرة جدا . فحصرها بعيد ; لأنك إذا اعتبرت الترجيحات في الدلائل من جهة ما يقع في المركبات من نفس الدلائل ومقدماتها ، وفي الحدود من جهة ما يقع في نفس الحدود من مفرداتها ، ثم ركبت بعضها مع بعض حصل أمور لا تكاد تنحصر . تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية