الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2861 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17409يوسف بن موسى حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11816أبو إسحاق الفزاري عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة قال حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15956سالم أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله كنت كاتبا له قال كتب إليه nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى nindex.php?page=hadith&LINKID=652801حين خرج إلى الحرورية فقرأته فإذا فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال أيها الناس nindex.php?page=treesubj&link=30992_32079_7862_33386_33387_25875_8364_25561_30415_32496لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم
[ ص: 181 ]
[ ص: 181 ] قوله : ( باب لا تمنوا لقاء العدو ) ذكر فيه حديث عبد الله بن أبي أوفى في ذلك ، وقد تقدم مقطعا في أبواب منها " الجنة تحت البارقة " اقتصر على قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=888582 " واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ومنها " الصبر عند القتال " واقتصر على قوله " وإذا لقيتموهم فاصبروا ، ومنها " الدعاء على المشركين بالهزيمة " واقتصر على الفصل المتعلق بالحديث منه ، وقد تقدم الكلام فيه على شيء في إسناده في أول ترجمة ، وأورده بتمامه في " القتال بعد الزوال ، وتقدم الكلام فيما يتعلق بذلك فيه .
قوله : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=888583لا تمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ) قال ابن بطال : حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يئول إليه الأمر ، وهو نظير nindex.php?page=treesubj&link=30205سؤال العافية من الفتن ، وقد قال الصديق " لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر " وقال غيره : إنما نهى عن nindex.php?page=treesubj&link=25875تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو ، وكل ذلك يباين الاحتياط والأخذ بالحزم . وقيل يحمل النهي على ما إذا وقع الشك في المصلحة أو حصول الضرر ، وإلا فالقتال فضيلة وطاعة . ويؤيد الأول تعقيب النهي بقوله : وسلوا الله العافية ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير مرسلا nindex.php?page=hadith&LINKID=888584لا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون عسى أن تبتلوا بهم وقال ابن دقيق العيد : لما كان nindex.php?page=treesubj&link=32871لقاء الموت من أشق الأشياء على النفس وكانت الأمور الغائبة ليست كالأمور المحققة لم يؤمن أن يكون عند الوقوع كما ينبغي فيكره التمني لذلك ولما فيه لو وقع من احتمال أن يخالف الإنسان ما وعد من نفسه ، ثم أمر بالصبر عند وقوع الحقيقة انتهى . واستدل بهذا الحديث على منع nindex.php?page=treesubj&link=24640طلب المبارزة ، وهو رأي nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، وكان علي يقول : لا تدع إلى المبارزة ، فإذا دعيت فأجب تنصر ، لأن الداعي باغ . وقد تقدم قول علي في ذلك .
[ ص: 182 ] قوله : ( ثم قال : اللهم منزل الكتاب إلخ ) أشار بهذا الدعاء إلى وجوه النصر عليهم ، فبالكتاب إلى قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=14قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم وبمجري السحاب إلى القدرة الظاهرة في تسخير السحاب حيث يحرك الريح بمشيئة الله تعالى ، وحيث يستمر في مكانه مع هبوب الريح ، وحيث تمطر تارة وأخرى لا تمطر ، فأشار بحركته إلى إعانة المجاهدين في حركتهم في القتال ، وبوقوفه إلى إمساك أيدي الكفار عنهم ، وبإنزال المطر إلى غنيمة ما معهم حيث يتفق قتلهم ، وبعدمه إلى هزيمتهم حيث لا يحصل الظفر بشيء منهم ، وكلها أحوال صالحة للمسلمين . وأشار بهازم الأحزاب إلى التوسل بالنعمة السابقة ، وإلى تجريد التوكل ، واعتقاد أن الله هو المنفرد بالفعل . وفيه التنبيه على عظم هذه النعم الثلاث ، فإن بإنزال الكتاب حصلت النعمة الأخروية وهي الإسلام ، وبإجراء السحاب حصلت النعمة الدنيوية وهي الرزق ، وبهزيمة الأحزاب حصل حفظ النعمتين ، وكأنه قال : اللهم كما أنعمت بعظيم النعمتين الأخروية والدنيوية وحفظتهما فأبقهما .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في هذا الحديث من وجه آخر أنه صلى الله عليه وسلم دعا أيضا فقال nindex.php?page=hadith&LINKID=888585اللهم أنت ربنا وربهم ، ونحن عبيدك وهم عبيدك نواصينا ونواصيهم بيدك ، فاهزمهم وانصرنا عليهم nindex.php?page=showalam&ids=16000ولسعيد بن منصور من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا نحوه لكن بصيغة الأمر عطفا على قوله ( وسلوا الله العافية : فإن بليتم بهم فقولوا اللهم ) فذكره وزاد ( وغضوا أبصاركم واحملوا عليهم على بركة الله ) .