الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا

                                                                                                                                                                                                                                      عاليهم ثياب [ ص: 75 ] سندس خضر قيل: "عاليهم" ظرف على أنه خبر مقدم، و"ثياب" مبتدأ مؤخر، والجملة صفة أخرى لـ"ولدان" كأنه قيل: يطوف عليهم ولدان فوقهم ثياب... إلخ. وقيل: حال من ضمير "عليهم" أو "حسبتهم"، أي: يطوف عليهم ولدان عاليا للمطوف عليهم ثياب... إلخ، أو حسبتهم لؤلؤا منثورا عاليا لهم ثياب... إلخ. وقرئ: (عاليهم) بالرفع على أنه مبتدأ خبره ثياب، أي ما يعلوهم من لباسهم ثياب سندس، وقرئ: (خضر) بالجر حملا على سندس بالمعنى؛ لكونه اسم جنس. وإستبرق بالرفع عطفا على "ثياب"، وقرئ: برفع الأول وجر الثاني، وقرئ بالعكس، وقرئ: بجرهما، وقرئ: (واستبرق) بوصل الهمزة والفتح على أنه استفعل من "البريق" ، جعل علما لهذا النوع من الثياب. وحلوا أساور من فضة عطف على يطوف عليهم، ولا ينافيه قوله تعالى: أساور من ذهب لإمكان الجمع والمعاقبة والتبعيض، فإن حلي أهل الجنة يختلف حسب اختلاف أعمالهم، فلعله تعالى يفيض عليهم جزاء لما عملوه بأيديهم حليا وأنوارا تتفاوت تفاوت الذهب والفضة، أو حال من ضمير "عاليهم" بإضمار "قد"، وعلى هذا يجوز أن يكون هذا للخدم وذاك للمخدومين. وسقاهم ربهم شرابا طهورا هو نوع آخر يفوق النوعين السالفين، كما يرشد إليه إسناد سقيه إلى رب العالمين ووصفه بالطهورية، فإنه يطهر شاربه عن دنس الميل إلى الملاذ الحسية والركون إلى ما سوى الحق، فيتجرد لمطالعة جماله ملتذا بلقائه باقيا ببقائه، وهي الغاية القاصية من منازل الصديقين، ولذلك ختم بها مقالة ثواب الأبرار.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية