الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6342 ) مسألة قال : وله أن ينكحها بعد انقضاء العدتين يعني للزوج الثاني أن يتزوجها بعد قضاء العدتين . فأما الزوج الأول ، فإن كان طلاقه ثلاثا ، لم تحل له بهذا النكاح وإن وطئ فيه ; لأنه نكاح باطل ، وإن كان طلاقه دون الثلاث ، فله نكاحها أيضا بعد العدتين . وإن كانت رجعية ، فله رجعتها في عدتها منه . وعن أحمد رواية أخرى ، أنها تحرم على الزوج الثاني على التأبيد . وهو قول مالك وقديم قولي الشافعي لقول عمر لا ينكحها أبدا . ولأنه استعجل الحق قبل وقته فحرمه في وقته ، كالوارث إذا قتل موروثه ، ولأنه يفسد النسب فيوقع التحريم المؤبد ، كاللعان .

                                                                                                                                            وقال الشافعي في الجديد : له نكاحها بعد قضاء عدة الأول ، ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه ; ولأنه وطء يلحق به النسب ، فلا يمنع من نكاحها في عدتها منه ، كالوطء في النكاح ، ولأن العدة إنما شرعت حفظا للنسب ، وصيانة للماء ، والنسب ، لاحق به هاهنا ، فأشبه ما لو خالعها ثم نكحها في عدتها ، وهذا حسن موافق للنظر . ولنا على إباحتها بعد العدتين ، أنه لا يخلو ; إما أن يكون تحريمها بالعقد أو بالوطء في النكاح الفاسد أو بهما ، وجميع ذلك لا يقتضي التحريم ، بدليل ما لو نكحها بلا ولي ووطئها ، ولأنه لو زنى بها ، لم تحرم عليه على التأبيد ، فهذا [ ص: 102 ] أولى ، ولأن آيات الإباحة عامة ، كقوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم } وقوله { والمحصنات من المؤمنات } .

                                                                                                                                            فلا يجوز تخصيصها بغير دليل ، وما روي عن عمر في تحريمها ، فقد خالفه علي فيه ، وروي عن عمر ، أنه رجع عن قوله في التحريم إلى قول علي ، فإن عليا قال : إذا انقضت عدتها ، فهو خاطب من الخطاب . فقال عمر ردوا الجهالات إلى السنة . ورجع إلى قول علي . وقياسهم يبطل بما إذا زنى بها ، فإنه قد استعجل وطأها ، ولا تحرم عليه على التأبيد . ووجه تحريمها قبل قضاء عدة الثاني عليه قول الله تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } ولأنه وطء يفسد به النسب ، فلم يجز النكاح في العدة منه ، كوطء الأجنبي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية