الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6344 ) مسألة قال : وإن أتت بولد يمكن أن يكون منهما ، أري القافة وألحق بمن ألحقوه منهما وانقضت عدتها منه ، واعتدت للآخر وجملته أنها إذا كانت حاملا ، انقضت عدتها منه بوضع حملها ; لقوله سبحانه { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . ثم ننظر ; فإن كان يمكن أن يكون من الأول دون الثاني ، وهو أن تأتي به لدون ستة أشهر من وطء الثاني ، وأربع سنين فما دونها من فراق الأول ، فإنه يلحق بالأول ، وتنقضي عدتها به منه بوضعه ، ثم تعتد بثلاثة قروء عن الثاني .

                                                                                                                                            وإن أمكن كونه من الثاني دون الأول وهو أن تأتي به لستة أشهر فما زاد إلى أربع سنين من وطء الثاني ، ولأكثر من أربع سنين منذ بانت من الأول فهو ملصق بالثاني دون الأول ، فتنقضي به عدتها من الثاني ، ثم تتم عدة الأول . وتقدم عدة الثاني هاهنا على عدة الأول ; لأنه لا يجوز أن يكون الحمل من إنسان والعدة من غيره . وإن أمكن أن يكون منهما ، وهو أن تأتي به لستة أشهر فصاعدا من وطء الثاني ، ولأربع سنين فما دونها من بينونتها من الأول ، أري القافة ، فإن ألحقته بالأول ، لحق به ، كما لو أمكن أن يكون منه دون الثاني ، وإن ألحقته بالثاني ، لحق به ، وكان الحكم كما لو أمكن كونه من الثاني دون الأول فإن أشكل أمره على القافة ، أو لم تكن قافة لزمها أن تعتد بعد وضعه بثلاثة قروء ; لأنه إن كان من الأول فقد أتت بما عليها من عدة الثاني ، وإن كان من الثاني ، فعليها أن تكمل عدة الأول ، [ ص: 103 ] ليسقط الفرض بيقين .

                                                                                                                                            فأما الولد ، فقال أبو بكر : يضيع نسبه ; لأنه لا دليل على نسبته إلى واحد منهما ، فأشبه ما لو كان مجنونا ، لم ينتسب إلى واحد منهما . وقال أبو عبد الله بن حامد : يترك حتى يبلغ ، فينتسب إلى أحدهما ، وإن ألحقته القافة بهما ، لحق بهما . ومقتضى المذهب أن تنقضي عدتها به منهما جميعا ; لأن نسبه ثبت منهما ، كما تنقضي عدتها به من الواحد الذي يثبت نسبه منهما . وإن نفته القافة عنهما ، فحكمه حكم ما لو أشكل أمره ، وتعتد بعد وضعه بثلاث قروء ، ولا ينتفي عنهما بقول القافة ; لأن عمل القافة في ترجيح أحد صاحبي الفراش ، لا في النفي عن الفراش كله ، ولهذا لو كان صاحب الفراش واحدا فنفته القافة عنه ، لم ينتف عنه بقولها .

                                                                                                                                            فأما إن ولدت لدون ستة أشهر من وطء الثاني ، ولأكثر من أربع سنين من فراق الأول ، لم يلحق بواحد منهما ، ولا تنقضي به عدتها منه ; لأننا نعلم أنه من وطء آخر ، فتنقضي به عدتها من ذلك الوطء ، ثم تتم عدة الأول ، وتستأنف عدة الثاني ; لأنه قد وجد ما يقتضي عدة ثالثة ، وهو الوطء الذي حملت منه ، فتجب عليها عدتان ، وإتمام العدة الأولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية