الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            8 - 29 - باب الخطبة قبل التروية .

                                                                                            5535 عن محمد بن عبد الله الثقفي قال : شهدت خطبة ابن الزبير بالموسم قال : ما شعرنا حتى خرج - علينا قبل يوم التروية بيوم ، وهو محرم - رجل كهيئة كهل جميل ، فأقبل فقالوا : هذا - يا أمير المؤمنين - فرقي المنبر وعليه ثوبان أبيضان ، ثم سلم عليهم فردوا عليه السلام ثم لبى بأحسن تلبية سمعتها قط ، ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإنكم جئتم من آفاق شتى وفودا على الله تعالى فحق على الله أن يكرم وفده ، فمن جاء يطلب ما عند الله فإن طالب الله لا يخيب ، فصدقوا قولكم بفعل ، فإن ملاك القول الفعل والنية النية القلوب ، الله الله في أيامكم هذه فإنها أيام يغفر فيها الذنوب ، جئتم من آفاق شتى في غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجون هاهنا . ثم لبى ولبى الناس وتكلم بكلام كثير . ثم قال : أما بعد فإن الله عز وجل قال في كتابه : الحج أشهر معلومات قال : وهي ثلاثة أشهر : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ) لا جماع ( ولا فسوق ) لا سباب ( ولا جدال ) لا مراء ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) . وقال عز وجل : لا جناح عليكم ( أن تبتغوا فضلا من ربكم ) فأحل لهم التجارة . ثم قال : فإذا أفضتم من عرفات ، وهو الموقف الذي يقفون عنده حتى تغيب الشمس ، ثم يفيضون منه : فاذكروا الله عند المشعر الحرام قال : وهي الجبال التي يقفون عند المزدلفة فاذكروه كما هداكم قال : ليس هذا يوم ، هذا لأهل البلد كانوا يفيضون من جمع ، ويفيض الناس من عرفات ، فأبى الله لهم ذلك فأنزل : ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس إلى ( مناسككم ) . قالوا : وكانوا إذا فرغوا من حجتهم تفاخروا بالآباء ، فأنزل الله عز وجل بعام : فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قال : يعملون في دنياهم لآخرتهم زمتهم ودنياهم . قال : ثم قرأ حتى بلغ [ ص: 250 ] واذكروا الله في أيام معدودات ، قال : وهي أيام التشريق فذكر الله فيهن بتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وتمجيد . قال : ثم ذكر مهل الناس . قال : مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ومهل أهل العراق من العقيق ، ومهل أهل نجد وأهل الطائف من قرن ، وأهل اليمن من يلملم . قال : ثم دعا على كفرة أهل الكتاب فقال : اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يجحدون بآياتك ويكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك اللهم عذبهم ، واجعل قلوبهم قلوب نساء فواجر - في دعاء كثير - ثم قال : إن هاهنا رجالا قد أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة بأن يقدم الرجل من خراسان مهلا بالحج حتى إذا قدم قالوا : أحل من حجك بعمرة ثم أهل بحج من هاهنا والله ما كانت المتعة إلا لمحصر ، ثم لبى ولبى الناس ، فما رأيت يوما قط كان أكثر باكيا من يومئذ .

                                                                                            رواه الطبراني في الكبير ، وفيه سعيد بن المرزبان ، وقد وثق ، وفيه كلام كثير ، وفيه غيره ممن لم أعرفه .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية