الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب قسمة الوصي على أهل الوصية والورثة

( قال : رحمه الله وإذا كان في الميراث دين على الناس فأدخلوه في القسمة لم يجز ; لما بينا أن من وقع الدين في نصيبه يكون متملكا على أصحابه نصيبهم من الدين بعوض وتمليك الدين من غير من عليه الدين بعوض لا يجوز ) وكذلك لو اقتسموا الدين فأخذ كل واحد منهم من حقه فيها دينا على رجل خاصة لم يجز ; لأن كل واحد منهم مملك نصيبه مما في ذمة زيد من صاحبه لم يتملك عليه من نصيبه مما في ذمة عمر وإذا كان تمليك الدين من غير من عليه الدين لا يجوز بعوض عين فلان لا يجوز بعوض دين أولى ، وكذلك إن كان الدين كله على رجل واحد فقسمتهم فيه قبل القبض باطلة ; لأن القسمة حيازة ولا يتحقق ذلك فيما في الذمة ولا تجوز قسمة وصي الأب بين الصغير ; لأن القسمة في معنى المعاوضة وليس للوصي ولاية بيع مال أحد القسمين من صاحبه ; لأنه لا ينفرد بالتصرف إلا عند منفعة ظاهرة لليتيم وفي هذا التصرف أن تقع أحدهما أضر بالآخر ، وإن كان معهم ورثة كبار فإن قسم نصيب الصغيرين معا جاز ذلك ; لأن المعاوضة في مال الصغيرين مع الوارث الكبير جائزة ، فكذلك قسمة نصيب الصغيرين معا مع الوارث الكبير ( قال ) في الأصل ، وكذلك الأب ومراده هذا الفصل لا ما قبله فقسمة الأب مع ابنيه الصغيرين جائزة ; لأنه يملك بيع مال أحدهما من صاحبه بخلاف الوصي فيفرده [ ص: 70 ] بالتصرف ولا يتقيد بشرط منفعة ظاهرة للصبي

ولا تجوز قسمة وصي الميت على الكبار وهم كارهون ; لأنه لا ولاية له عليهم في المعاوضة والتصرف في مالهم إذا كانوا حضورا فإن كان فيهم غائب فقاسم الوصي عليه لم يجز في العقار وجاز في غيره ; لأن القسمة في العروض من الحفظ وللوصي ولاية الحفظ في نصيب الكبير الغائب فكان له في نصيبه من القسمة ما يرجع إلى الحفظ فأما العقار فحصته بنفسها وليس في قسمتها معنى الحفظ بل هو مطلق التصرف ولا ولاية له في نصيب الكبير الغائب في مطلق التصرف ، وإن كان فيهم صغير وكبير غائب وكبير حاضر فعزل الوصي نصيب الكبير الغائب مع نصيب الصغير وقاسم الكبار الحضور فهو جائز في العقار وغيرها في قول أبي حنيفة رحمه الله ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله على الكبير الغائب في العقار وهذه تنبني على ما بيناه في كتاب الشفعة أن عند أبي حنيفة بثبوت ولايته في نصيب الصغير يملك بيع جميع التركة من العقار وغيره وعندهما لا يملك البيع إلا في نصيب الصغير ، فكذلك القسمة ; لأن فيها معنى البيع ، وكذلك الحكم في وصي الذمي ; لأنه في ملك التصرف كوصي المسلم فإن كان الوصي ذميا والميت ورثته مسلمون ; فإنه يخرج من الوصية ; لأن في الوصية نوع ولاية ولا ولاية للكافر على المسلم ، وإن قاسم على الصغير قبل أن يخرج جازت قسمته مثل قسمة الوصي المسلم ; لأن القسمة تصرف كسائر التصرفات والإنابة في التصرف بعد الموت كالإنابة في الحياة بالوكالة ولو وكل المسلم ذميا بالتصرف نفذ تصرفه عليه ، فكذلك إذا جعله وصيا في التصرف بعد موته قلنا ينفذ تصرفه بطريق النيابة ما لم يخرج من الوصاية لاعتبار معنى الولاية ، وكذلك لو كان الوصي عبدا لغير الميت فهو وصي نافذ التصرف بطريق النيابة بمنزلة ما لو وكله في حياته حتى يخرجه القاضي من الولاية فالرقيق ليس من أهل أن تثبت له الولاية على غيره ; لأنه لا ولاية له على نفسه وإنما يتعدى إلى الغير عند وجود شرط التعدي ما كان للمرء من الولاية على نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية