الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والصبح ) بضم الصاد وحكي كسرها لغة أول النهار ، ويدخل وقتها ( بالفجر الصادق ) لخبر جبريل فإنه علقه على الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على الصائم وإنما يحرمان بالصادق ( وهو المنتشر ضوءه معترضا بالأفق ) كما تقدم ، وقيد هنا بالصادق وأطلق في خروج وقت العشاء إشارة إلى أن الحكم دائر على الصادق الآتي في كلامه ( ويبقى ) وقتها ( حتى تطلع الشمس ) للخبر وهو ( وقت الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس ) أي بعضها كما مر ( والاختيار أن لا تؤخر عن الإسفار ) أي الإضاءة لخبرجبريل المار .

                                                                                                                            وله أربعة أوقات فضيلة ، وهي : أوله ثم اختيار إلى الإسفار ، ثم جواز بلا كراهة إلى الحمرة قبل طلوعها ، ثم جواز مع الكراهة بمعنى أنه يكره تأخيرها إليه .

                                                                                                                            ونص الشافعي على أنها الوسطى لقوله تعالى { حافظوا على الصلوات } الآية إذ لا قنوت إلا فيها ، ولخبر مسلم { قالت عائشة لمن يكتب لها مصحفا : اكتب والصلاة الوسطى وصلاة العصر ، ثم قالت : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم } إذ العطف يقتضي المغايرة .

                                                                                                                            قال المصنف عن الماوردي في الحاوي : صحت الأحاديث أنها العصر كخبر { شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر } ومذهب الشافعي اتباع الحديث فصار هذا مذهبه ، ولا يقال في المسألة قولان كما وهم فيه بعض أصحابنا ، وقال في شرح مسلم : نعم الأصح أنها العصر كما قاله الماوردي ، ولا كراهة في تسمية الصبح غداة كما ذكره في الروضة .

                                                                                                                            نعم الأولى عدم تسميتها بذلك [ ص: 372 ] وتسمى فجرا وصبحا لورود الفجر في الكتاب والسنة بهما معا ( قلت : يكره تسمية المغرب عشاء و ) تسمية ( العشاء عتمة ) لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب ، قال : وتقول الأعراب هي العشاء } ولقوله { لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل } وما ورد عن تسميتها عتمة في الأحاديث الصحيحة محمول على بيان الجواز أو أنه خاطب به من يشتبه عليه العشاء بالمغرب أو أنه كان قبل النهي ، وما ذكر من كراهة تسميتها عتمة هو ما في الروضة والتحقيق ، لكنه في المجموع نقل عن نص الأم أنه يستحب أن لا تسمى بذلك ، وذهب إليه المحققون من أصحابنا ، وقالت طائفة قليلة تكره .

                                                                                                                            قال في المهمات : فظهر أن الفتوى على عدم الكراهة ، وقد فهم أكثر المتأخرين المخالفة ، وأفاد الوالد رحمه الله تعالى عدمها إذ ليس في النص حكم تسميتها بذلك ، وقد سكت عنه المحققون ، وصرحت الطائفة الأخرى بكراهتها وهو الوجه لورود النهي الخاص فيها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : عن الإسفار ) يقال سفر الصبح وأسفر ، ويجب حمل عن الإسفار على استعمال عن بمعنى إلى لتوافق عبارة الروضة وغيرها ، أو يراد الجزء الأول من الإسفار فإنها إذا وقعت فيه صدق أنها أخرت عن الجزء الأول ، لكن هذا الأخير يقتضي أن مقارنة آخرها للجزء الأول من الاختيار ، فالتأويل الأول أولى بل متعين ا هـ عميرة ؟ ( قوله : ثم ) اختيار التعبير بثم يفيد أن وقت الاختيار لا يشارك وقت الفضيلة ، وقول المنهج في وقت العصر والاختيار من ذلك : أي آخر وقت الظهر إلخ ، وتعبيره بمثله في وقت العشاء والصبح يقتضي أن وقت الفضيلة مشترك بينه وبين الاختيار وما زاد عليه اختيار لا غير ، ومثل ما في [ ص: 372 ] المنهج في متن الروض ( قوله : يكره تسمية المغرب عشاء ) ظاهره ولو بالتغليب كالعشاءين ، واقتضاه كلام شرح المنهج في صلاة المسافر حيث قال : وغلب في التثنية العصر لشرفها والمغرب للنهي عن تسميتها عشاء ، لكن نقل سم في حاشية شرح المنهج عن الشارح أنه لا يكره : أي مع التغليب ( قوله : وتسمية العشاء ) لا يقال : كان الأولى عدم تقدير التسمية لأن العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه : لأنا نقول : الغرض من ذكره الإشارة إلى أن العامل فيه التسمية المذكورة في المتن كما أجابوا به في أمثال ذلك ، كما لو قيل لم يقم ولم يقعد زيد من قولهم ذكر لم ليس المراد منه تقدير عامل غير الأول ، بل مرادهم به مجرد بيان العامل المتقدم ( قوله : عدمها ) أي عدم المخالفة ( قوله : وهي ) أي الكراهة وقوله : الوجه معتمد .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ثم اختيار ) أي : فقط وإلا ، فهو يشارك الفضيلة في وقتها . [ ص: 372 ] قوله : لورود الفجر في الكتاب إلخ ) عبارة شرح الروض ; لأن القرآن جاء بالثاني أي : الفجر والسنة بهما معا ( قوله : عدمها ) أي المخالفة لما بينه بعد .

                                                                                                                            وحاصل كلامه أنه لا مخالفة في كلام النووي الذي فهمه منه أكثر المتأخرين ; لأن ما نقله عن الأم ليس فيه تعرض لحكم التسمية ، إذ الذي فيها أنه يستحب أن لا تسمى فيبقى إذا سميت هل يكون مكروها أو خلاف الأولى ؟ لا تعرض في النص لذلك ، وكذلك المحققون التابعون للنص ساكتون عن ذلك ، فرجعنا إلى الكراهة المصرح بها في كلام النووي في الروضة والتحقيق الوارد بها النص




                                                                                                                            الخدمات العلمية