الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) اعلم أن ( الكتابة بعلمه كالقضاء بعلمه ) في الأصح بحر فمن جوزه جوزها [ ص: 439 ] ومن لا فلا إلا أن المعتمد عدم حكمه بعلمه في زماننا أشباه وفيها الإمام يقضي بعلمه في حد قذف وقود وتعزير . قلت : فهل الإمام قيد كما قدمناه في الحدود ؟ لم أره لكن في شرح الوهبانية للشرنبلالي والمختار الآن عدم حكمه بعلمه مطلقا كما لا يقضي بعلمه في الحدود الخالصة لله تعالى كزنا وخمر مطلقا غير أنه يعزر من به أثر السكر للتهمة وعن الإمام إن علم القاضي في طلاق وعتاق وغصب يثبت الحيلولة على وجه الحسبة لا القضاء .

التالي السابق


مطلب في قضاء القاضي بعلمه

( قوله فمن جوزه جوزها ) وشرط جوازه عند الإمام أن يعلم في حال قضائه في المصر الذي هو قاضيه بحق غير حد خالص لله تعالى من قرض أو بيع أو غصب ، أو تطليق أو قتل عمد أو حد قذف ، فلو علم قبل القضاء في حقوق العباد : ثم ولي فرفعت إليه تلك الحادثة أو علمها في حال قضائه في غير مصره ثم دخله فرفعت لا يقضي [ ص: 439 ] عنده ، وقالا : يقضي وكذا الخلاف لو علم بها وهو قاض في مصره ، ثم عزل ثم أعيد وأما في حد الشرب والزنا فلا ينفذ قضاؤه بعلمه اتفاقا منح ملخصا ، وبه علم أنه في الحدود الخالصة لله تعالى لا ينفذ كما صرح به في شرح أدب القضاء معللا ، بأن كل واحد من المسلمين يساوي القاضي فيه ، وغير القاضي إذا علم لا يمكنه إقامة الحد فكذا هو ثم قال إلا في السكران أو من به أمارة السكر ينبغي له أن يعزره للتهمة ولا يكون حدا ا هـ .

( قوله ومن لا فلا ) قال في الفتح إلا أن التفاوت هنا هو أن القاضي يكتب بالعلم الحاصل قبل القضاء بالإجماع .

( قوله إلا أن المعتمد ) أي عند المتأخرين لفساد قضاة الزمان ، وعبارة الأشباه : الفتوى اليوم على عدم العمل بعلم القاضي في زماننا كما في جامع الفصولين .

( قوله وفيها ) أي في الأشباه نقلا عن السراجية ، لكن في منية المفتي الملخصة من السراجية التعبير بالقاضي لا بالإمام حيث قال القاضي يقضي بعلمه بحد القذف والقصاص والتعزير ، ثم قال قضى بعلمه في الحدود الخالصة لله تعالى لا يجوز ا هـ أفاده بعض المحشين ، وهذا موافق لما مر عن الفتح من الفرق بين الحد الخالص لله تعالى وبين غيره ففي الأول لا يقضي اتفاقا بخلاف غيره فيجوز القضاء فيه بعلمه وهذا على قول المتقدمين ، وهو خلاف المفتى به كما علمت .

[ تنبيه ] ذكر في النهر في الكفالة بحثا أنه يجب أن يحمل الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين على ما كان من حقوق العباد ، أما حقوق الله المحضة فيقضي فيها بعلمه اتفاقا ثم استدل لذلك بأن له التعزير بعلمه .

قلت : ولا يخفى أنه خطأ صريح مخالف لصريح كلامهم كما علمت . وأما التعزير فليس بحد كما أسمعناك من عبارة شرح أدب القضاء وأيضا فهو ليس بقضاء .

( قوله فهل الإمام قيد ) أقول على فرض ثبوته في عبارة السراجية ليس بقيد لما علمت من عبارة الفتح المصرحة بجواز قضاء القاضي بعلمه في قتل عمد أو حد قذف لكونه من حقوق العباد .

( قوله لكن إلخ ) استدرك على ما نقله ثانيا عن الأشباه بأنه مبني على خلاف المختار ، أو على قوله فهل الإمام قيد فإن قول الشرنبلالي لا يقضي بعلمه في الحدود الخالصة لله تعالى يعني اتفاقا يفهم منه أنه يقضي بعلمه في غيرها كحد قذف وقود وتعزير على قول المتقدمين ، وهو خلاف المختار فيكون ذكر الإمام غير قيد فافهم .

( قوله مطلقا ) أي سواء كان علمه بعد توليته أو قبلها ح أو سواء كان حدا غير خالص لله تعالى أو قودا أو غيرهما من حقوق العباد .

( قوله وخمر مطلقا ) أي سواء سكر منه أو لا .

( قوله للتهمة ) أي إذا علم القاضي بأنه سكران له تعزيره لأن القاضي له تعزير المتهم وإن لم يثبت عليه كما مر تحريره في الكفالة .

( قوله يثبت الحيلولة ) أي بأن يأمر بأن يحال بين المطلق وزوجته والمعتق وأمته أو عبده والغاصب وما غصبه بأن يجعله تحت يد أمين إلى أن يثبت ما علمه القاضي بوجه شرعي .

( قوله على وجه الحسبة ) أي الاحتساب وطلب الثواب لئلا يطأها الزوج أو السيد أو الغاصب .

( قوله لا القضاء ) أي لا على طريق الحكم بالطلاق أو العتاق أو الغصب




الخدمات العلمية