الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 307 ] ( 135 ) باب ذكر الدليل على ضد قول من زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في المفصل بعد هجرته إلى المدينة .

              559 - أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا الربيع بن سليمان المرادي ، نا شعيب - يعني ابن الليث - ، نا الليث ، عن بكر بن عبد الله ، عن نعيم بن عبد الله المجمر ، أنه قال : صليت مع أبي هريرة فوق هذا المسجد ، فقرأ ( إذا السماء انشقت ) فسجد فيها ، وقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها .

              قد خرجت طرق هذا الخبر في كتاب الصلاة ، " كتاب الكبير " ، من قال عن أبي هريرة : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو سجدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ( إذا السماء انشقت ) .

              قال أبو بكر : وأبو هريرة إنما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم بعد الهجرة بسنين . قال في خبر عراك بن مالك ، عن أبي هريرة : قدمت المدينة والنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر قد استخلف على المدينة سباع بن عرفطة .

              وقال قيس بن أبي حازم : سمعت أبا هريرة يقول : صحبت النبي ثلاث سنوات ، وقد أعلم أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في ( إذا السماء انشقت ) و ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .

              وقد أعلمت في غير موضع من كتبنا أن المخبر والشاهد الذي يجب قبول شهادته وخبره من يخبر بكون الشيء ، ويشهد على رؤية الشيء وسماعه ، لا من ينفي كون الشيء وينكره ومن قال : لم يفعل فلان كذا ليس بمخبر ولا شاهد ، وإنما الشاهد من يشهد ويقول : رأيت فلانا يفعل كذا ، وسمعته يقول كذا ، وهذا لا يخفى على من يفهم العلم والفقه ، وقد بينت هذه المسألة في غير موضع من كتبنا .

              [ ص: 308 ] وتوهم بعض من لم يتبحر العلم أن خبر الحارث بن عبيد ، عن مطر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة حجة من زعم أن لا سجود في المفصل ، وهذا من الجنس الذي أعلمت أن الشاهد من يشهد برؤية الشيء أو سماعه لا من ينكره ويدفعه ، وأبو هريرة قد أعلم أنه قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سجد في ( إذا السماء انشقت ) [ الانشقاق ] و ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق ] بعد تحوله إلى المدينة ، إذ كانت صحبته إياه إنما كان بعد تحول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لا قبل .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية