الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 93 ] رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا

                                                                                                                                                                                                                                      رب السماوات والأرض وما بينهما بدل من "ربك" وقوله تعالى: الرحمن صفة له، وقيل: صفة للأول، وأيا ما كان ففي ذكر ربوبيته تعالى للكل ورحمته الواسعة إشعار بمدار الجزاء المذكور، وقوله تعالى: يملكون منه خطابا استئناف مقرر لما أفاده الربوبية العامة من غاية العظمة والكبرياء واستقلاله تعالى بما ذكر من الجزاء والعطاء من غير أن يكون لأحد قدرة عليه، وقرئ: برفعهما، فقيل: على أنهما خبران لمبتدأ مضمر، وقيل: الثاني نعت للأول، وقيل: الأول مبتدأ والثاني خبره، و"لا يملكون" خبر آخر، أو هو الخبر والرحمن صفة للأول، وقيل: لا يملكون حال لازمة، وقيل: الأول مبتدأ و"الرحمن" مبتدأ ثان و"يملكون" خبره، والجملة خبر للأول، وحصل الربط بتكرير المبتدأ بمعناه على رأي من يقول به، والأوجه أن يكون كلاهما مرفوعا على المدح، أو يكون الثاني نعتا للأول و"لا يملكون" استئنافا على حاله، ففيه ما ذكر من الإشعار بمدار الجزاء والعطاء، كما في البدلية لما أن المرفوع، أو المنصوب مدحا تابع لما قبله معنى إن كان منقطعا عنه إعرابا، كما فصل في قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب من سورة البقرة، وقرئ: بجر الأول على البدلية، ورفع الثاني على الأبتداء والخبر ما بعده، أو على أنه خبر لمبتدأ مضمر وما بعده استئناف، أو خبر ثان، أو حال وضمير "لا يملكون" لأهل السماوات والأرض ، أي: لا يملكون أن يخاطبوه تعالى من تلقاء أنفسهم، كما ينبئ عنه لفظ "الملك" خطابا ما في شيء ما، والمراد: نفي قدرتهم على أن يخاطبوه تعالى بشيء من نقص العذاب، أو زيادة الثواب من غير إذنه على أبلغ وجه وآكده، وقيل: ليس في أيديهم مما يخاطب الله به يأمر به في أمر الثواب والعقاب خطاب واحد يتصرفون فيه تصرف الملاك فيزيدون فيه، أو ينقصون منه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية