الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أمر التعبد :

ومنه أمر التعبد : قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ) ، فهذا الأمر بخلاف الأمر الأول ، هذا أمر تعبد ، يكون المأمور به بين أمرين : إن عمل بما أمره الله بنية وإرادة ، كان مطيعا لله عاملا [ ص: 558 ] له ، وإن ترك أمره ، قاصدا لذلك ، كان عاصيا لله ، وذلك بتقدير العزيز العليم ، والأمر الأول هو أمر التكوين لا يجوز أن يكون من المأمور به خلاف ما أمر به ، والمأمورون بأمر التعبد يختلف أفعالهم ، فيطيع بعضهم ، ويعصي بعض ، وأمر التعبد يعيده مرة بعد أخرى ، ويكرره ، ويعد على العمل به ، ويوعد على ترك العمل به ، وأمر التكوين لا يكون إلا مرة واحدة ، ولا وعد فيه ، ولا وعيد ، ثم أمر التعبد يكون على وجهين : أمر افتراض وإيجاب ، وأمر ندب واختيار ، فأمر الإيجاب نحو قوله : ( آمنوا بالله ورسوله ) ، ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، وما أشبه ذلك ، والدليل على إيجاب هذه وافتراضها تأكيد الله إياها بإعلامه افتراضها ، وتغليظه على تاركيها بالوعيد .

وأمر الندب والاختيار نحو قوله : ( ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ) ، ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه ) .

فقال رجل من أهل العلم بالتفسير : أدبار السجود الركعات بعد المغرب ، وأدبار النجوم الركعات قبل الفجر .

وقال بعضهم : هو التسبيح في أدبار الصلوات ، وكل ذلك تطوع ، وقال الله : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) ، فأمر به ، وأعلمه أنه نافلة .
[ ص: 559 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية