الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عقب ]

                                                          عقب : عقب كل شيء ، وعقبه ، وعاقبته ، وعاقبه وعقبته ، وعقباه ، وعقبانه : آخره ; قال خالد بن زهير الهذلي :


                                                          فإن كنت تشكو من خليل مخافة فتلك الجوازي عقبها ونصورها

                                                          يقول : جزيتك بما فعلت بابن عويمر . والجمع : العواقب والعقب . والعقبان ، والعقبى : كالعاقبة ، والعقب . وفي التنزيل : ولا يخاف عقباها قال ثعلب : معناه لا يخاف الله - عز وجل - عاقبة ما عمل أن يرجع عليه في العاقبة ، كما نخاف نحن . والعقب والعقب : العاقبة ، مثل عسر وعسر . ومنه قوله تعالى : هو خير ثوابا وخير عقبا أي : عاقبة . وأعقبه بطاعته أي : جازاه . والعقبى جزاء الأمر . وقالوا : العقبى لك في الخير أي : العاقبة . وجمع العقب والعقب : أعقاب ، لا يكسر على غير ذلك . الأزهري : وعقب القدم وعقبها : مؤخرها ، مؤنثة ، منه ; وثلاث أعقب ، وتجمع على أعقاب . وفي الحديث : أنه بعث أم سليم لتنظر له امرأة ، فقال : انظري إلى عقبيها ، أو عرقوبيها ; قيل : لأنه إذا اسود عقباها ، اسود سائر جسدها . وفي الحديث : نهى عن عقب الشيطان ، وفي رواية : عقبة الشيطان في الصلاة ; وهو أن يضع أليتيه على عقبيه ، بين السجدتين ، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء . وقيل : أن يترك عقبيه غير مغسولين في الوضوء ، وجمعها أعقاب ، وأعقب ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          فرق المقاديم قصار الأعقب

                                                          وفي حديث علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول - صلى الله عليه وسلم : يا علي إني أحب لك ما أحب لنفسي ، وأكره لك ما أكره لنفسي ; لا تقرأ وأنت راكع ، ولا تصل عاقصا شعرك ، ولا تقع على عقبيك في الصلاة ، فإنها عقب الشيطان ، ولا تعبث بالحصى وأنت في الصلاة ، ولا تفتح على الإمام . وعقبه يعقبه عقبا : ضرب عقبه . وعقب عقبا : شكا عقبه . وفي الحديث : ويل للعقب من النار ، وويل للأعقاب من النار ; وهذا يدل على أن المسح على القدمين غير جائز ; وأنه لا بد من غسل الرجلين إلى الكعبين ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يوعد بالنار ، إلا في ترك العبد ما فرض عليه ، وهو قول أكثر أهل العلم . قال ابن الأثير : وإنما خص العقب بالعذاب ، لأنه العضو الذي لم يغسل ، وقيل : أراد صاحب العقب ، فحذف المضاف ; وإنما قال ذلك لأنهم كانوا لا يستقصون غسل أرجلهم في الوضوء . وعقب النعل : مؤخرها ، أنثى . ووطئوا عقب فلان : مشوا في أثره . وفي الحديث : أن نعله كانت معقبة ، مخضرة ، ملسنة . المعقبة : التي لها عقب . وولى على عقبه ، وعقبيه إذا أخذ في وجه ثم انثنى . والتعقيب : أن ينصرف من أمر أراده . وفي الحديث : لا تردهم على أعقابهم أي : إلى حالتهم الأولى من ترك الهجرة . وفي الحديث : ما زالوا مرتدين على أعقابهم أي : راجعين إلى الكفر ، كأنهم رجعوا إلى ورائهم . وجاء معقبا أي : في آخر النهار . وجئتك في عقب الشهر ، وعقبه ، وعلى عقبه أي : لأيام بقيت منه عشرة أو أقل . وجئت في عقب الشهر ، وعلى عقبه ، وعقبه ، وعقبانه أي : بعد مضيه كله . وحكى اللحياني : جئتك عقب رمضان أي : آخره . وجئت فلانا على عقب ممره ، وعقبه ، وعقبه ، وعقبه ، وعقبانه أي : بعد مروره . وفي حديث عمر : أنه سافر في عقب رمضان أي : في آخره وقد بقيت منه بقية ; وقال اللحياني : أتيتك على عقب ذاك وعقب ذاك ، وعقب ذاك ، وعقب ذاك ، وعقبان ذاك ، وجئتك عقب قدومه أي : بعده . وعقب فلان على فلانة إذا تزوجها بعد زوجها الأول ، فهو عاقب لها أي : آخر أزواجها . والمعقب : الذي أغير عليه فحرب ، فأغار على الذي كان أغار عليه ، فاسترد ماله ; وأنشد ابن الأعرابي في صفة فرس :


                                                          يملأ عينيك بالفناء وير     ضيك عقابا إن شيت أو نزقا

                                                          قال : عقابا يعقب عليه صاحبه أي : يغزو مرة بعد أخرى ; قال : وقالوا عقابا أي : جريا بعد جري ; وقال الأزهري : هو جمع عقب . وعقب فلان في الصلاة تعقيبا إذا صلى ، فأقام في موضعه ينتظر صلاة أخرى .

                                                          [ ص: 215 ] وفي الحديث : من عقب في صلاة ، فهو في الصلاة أي : أقام في مصلاه ، بعدما يفرغ من الصلاة ; ويقال : صلى القوم وعقب فلان . وفي الحديث : التعقيب في المساجد انتظار الصلوات بعد الصلوات . وحكى اللحياني : صلينا عقب الظهر ، وصلينا أعقاب الفريضة تطوعا أي : بعدها . وعقب هذا هذا إذا جاء بعده ، وقد بقي من الأول شيء ; وقيل : عقبه إذا جاء بعده . وعقب هذا هذا إذا ذهب الأول كله ، ولم يبق منه شيء . وكل شيء جاء بعد شيء ، وخلفه ، فهو عقبه ، كماء الركية ، وهبوب الريح ، وطيران القطا ، وعدو الفرس . والعقب - بالتسكين : الجري يجيء بعد الجري الأول ; تقول : لهذا الفرس عقب حسن ; وفرس ذو عقب وعقب أي : له جري بعد جري ; قال امرؤ القيس :


                                                          على العقب جياش كأن اهتزامه‌‌     إذا جاش فيه حميه غلي مرجل

                                                          وفرس يعقوب : ذو عقب ، وقد عقب يعقب عقبا . وفرس معقب في عدوه : يزداد جودة . وعقب الشيب يعقب ويعقب عقوبا ، وعقب : جاء بعد السواد ; ويقال : عقب في الشيب بأخلاق حسنة . والعقب ، والعقب ، والعاقبة : ولد الرجل ، وولد ولده الباقون بعده . وذهب الأخفش إلى أنها مؤنثة . وقولهم : ليست لفلان عاقبة أي : ليس له ولد ; وقول العرب : لا عقب له أي : لم يبق له ولد ذكر ; وقوله تعالى : وجعلها كلمة باقية في عقبه أراد عقب إبراهيم - عليه السلام - يعني : لا يزال من ولده من يوحد الله . والجمع : أعقاب . وأعقب الرجل إذا مات وترك عقبا أي : ولدا ; يقال : كان له ثلاثة أولاد ، فأعقب منهم رجلان أي : تركا عقبا ، ودرج واحد ; وقول طفيل الغنوي :


                                                          كريمة حر الوجه لم تدع هالكا‌‌     من القوم هلكا في غد غير معقب

                                                          يعني : أنه إذا هلك من قومها سيد ، جاء سيد ، فهي لم تندب سيدا واحدا لا نظير له أي : إن له نظراء من قومه . وذهب فلان فأعقبه ابنه إذا خلفه ، وهو مثل عقبه . وعقب مكان أبيه يعقب عقبا وعاقبة ، وعقب إذا خلف ; وكذلك عقبه يعقبه عقبا ، الأول لازم ، والثاني متعد ، وكل من خلف بعد شيء فهو عاقبة ، وعاقب له ; قال : وهو اسم جاء بمعنى المصدر ، كقوله تعالى : ليس لوقعتها كاذبة وذهب فلان فأعقبه ابنه إذا خلفه ، وهو مثل عقبه ; ويقال لولد الرجل : عقبه وعقبه ، وكذلك آخر كل شيء عقبه ، وكل ما خلف شيئا ، فقد عقبه ، وعقبه . وعقبوا من خلفنا ، وعقبونا : أتوا . وعقبونا من خلفنا ، وعقبونا أي : نزلوا بعدما ارتحلنا . وأعقب هذا هذا إذا ذهب الأول ، فلم يبق منه شيء ، وصار الآخر مكانه . والمعقب : نجم يعقب نجما أي : يطلع بعده . وأعقبه ندما وغما : أورثه إياه ; قال أبو ذؤيب :


                                                          أودى بني وأعقبوني حسرة‌‌     بعد الرقاد وعبرة ما تقلع

                                                          ويقال : فعلت كذا فاعتقبت منه ندامة أي : وجدت في عاقبته ندامة . ويقال : أكل أكلة فأعقبته سقما أي : أورثته . ويقال : لقيت منه عقبة الضبع ، كما يقال : لقيت منه است الكلب أي : لقيت منه الشدة . وعاقب بين الشيئين إذا جاء بأحدهما مرة ، وبالآخر أخرى . ويقال : فلان عقبة بني فلان أي : آخر من بقي منهم . ويقال للرجل إذا كان منقطع الكلام : لو كان له عقب لتكلم أي : لو كان له جواب . والعاقب : الذي دون السيد ; وقيل : الذي يخلفه . وفي الحديث : قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - نصارى نجران : السيد والعاقب ; فالعاقب : من يخلف السيد بعده . والعاقب والعقوب : الذي يخلف من كان قبله في الخير . والعاقب : الآخر . وقيل : السيد والعاقب هما من رؤسائهم ، وأصحاب مراتبهم ، والعاقب يتلو السيد . وفي الحديث : أنا العاقب أي : آخر الرسل ; وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، والماحي يمحو الله بي الكفر ، والحاشر أحشر الناس على قدمي ، والعاقب ; قال أبو عبيد : العاقب آخر الأنبياء ; وفي المحكم : آخر الرسل . وفلان يستقي على عقب آل فلان أي : في إثرهم ; وقيل : على عقبتهم أي : بعدهم . والعاقب والعقوب : الذي يخلف من كان قبله في الخير . والمعقب : المتبع حقا له يسترده . وذهب فلان وعقب فلان بعد ، وأعقب . والمعقب : الذي يتبع عقب الإنسان في حق ; قال لبيد يصف حمارا وأتانه :


                                                          حتى تهجر في الرواح وهاجه‌‌     طلب المعقب حقه المظلوم

                                                          وهذا البيت استشهد به الجوهري على قوله : عقب في الأمر إذا تردد في طلبه مجدا ، وأنشده ; وقال : رفع المظلوم ، وهو نعت للمعقب ، على المعنى ، والمعقب خفض في اللفظ ومعناه أنه فاعل . ويقال أيضا : المعقب الغريم المماطل . عقبني حقي أي : مطلني ، فيكون المظلوم فاعلا ، والمعقب مفعولا . وعقب عليه : كر ورجع . وفي التنزيل : ولى مدبرا ولم يعقب . وأعقب عن الشيء : رجع . وأعقب الرجل : رجع إلى خير . وقول الحارث بن بدر : كنت مرة نشبه وأنا اليوم عقبه ; فسره ابن الأعرابي فقال : معناه كنت مرة إذا نشبت أو علقت بإنسان لقي مني شرا ، فقد أعقبت اليوم ورجعت أي : أعقبت منه ضعفا . وقالوا : العقبى إلى الله أي : المرجع . والعقب : الرجوع ; قال ذو الرمة :


                                                          كأن صياح الكدر ينظرن عقبنا     تراطن أنباط عليه طغام

                                                          معناه : ينتظرن صدرنا ليردن بعدنا . والمعقب : المنتظر . والمعقب : الذي يغزو غزوة بعد غزوة ، ويسير سيرا بعد سير ، ولا يقيم في أهله بعد القفول . وعقب بصلاة بعد صلاة ، وغزاة بعد غزاة : والى . وفي الحديث : وإن كل غازية غزت يعقب بعضها بعضا أي : يكون الغزو بينهم نوبا ، فإذا خرجت طائفة ثم عادت ، لم تكلف أن تعود ثانية ، حتى تعقبها أخرى غيرها . ومنه حديث عمر : أنه كان يعقب الجيوش في كل عام . وفي الحديث : ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين ; إلا أنها كانت عقبا ، أي : تصلي طائفة بعد طائفة ، فهم يتعاقبونها تعاقب [ ص: 216 ] الغزاة . ويقال للذي يغزو غزوا بعد غزو ، وللذي يتقاضى الدين ، فيعود إلى غريمه في تقاضيه : معقب ; وأنشد بيت لبيد :


                                                          طلب المعقب حقه المظلوم

                                                          والمعقب : الذي يكر على الشيء ، ولا يكر أحد على ما أحكمه الله ، وهو قول سلامة بن جندل :


                                                          إذا لم يصب في أول الغزو عقبا

                                                          أي : غزا غزوة أخرى . وعقب في النافلة بعد الفريضة كذلك . وفي حديث أبي هريرة : كان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا أي : يتناوبونه في القيام إلى الصلاة . وفي حديث أنس بن مالك : أنه سئل عن التعقيب في رمضان ، فأمرهم أن يصلوا في البيوت . وفي التهذيب : فقال : إنهم لا يرجعون إلا لخير يرجونه ، أو شر يخافونه . قال ابن الأثير : التعقيب هو أن تعمل عملا ، ثم تعود فيه ; وأراد به هاهنا صلاة النافلة ، بعد التراويح ، فكره أن يصلوا في المسجد ، وأحب أن يكون ذلك في البيوت . وحكى الأزهري عن إسحاق بن راهويه : إذا صلى الإمام في شهر رمضان بالناس ترويحة ، أو ترويحتين ، ثم قام الإمام من آخر الليل ، فأرسل إلى قوم فاجتمعوا فصلى بهم بعدما ناموا ، فإن ذلك جائز إذا أراد به قيام ما أمر أن يصلى من الترويح ، وأقل ذلك خمس ترويحات ، وأهل العراق عليه . قال : فأما أن يكون إمام صلى بهم أول الليل الترويحات ، ثم رجع آخر الليل ليصلي بهم جماعة ، فإن ذلك مكروه ، لما روي عن أنس وسعيد بن جبير من كراهيتهما التعقيب ; وكان أنس يأمرهم أن يصلوا في بيوتهم . وقال شمر : التعقيب أن يعمل عملا من صلاة أو غيرها ، ثم يعود فيه من يومه ; يقال : عقب بصلاة بعد صلاة ، وغزوة بعد غزوة ; قال : وسمعت ابن الأعرابي يقول : هو الذي يفعل الشيء ثم يعود إليه ثانية . يقال : صلى من الليل ثم عقب ، أي : عاد في تلك الصلاة . وفي حديث عمر : أنه كان يعقب الجيوش في كل عام ; قال شمر : معناه أنه يرد قوما ويبعث آخرين يعاقبونهم . يقال : عقب الغازية بأمثالهم ، وأعقبوا إذا وجه مكانهم غيرهم . والتعقيب : أن يغزو الرجل ، ثم يثني من سنته ; قال طفيل يصف الخيل :


                                                          طوال الهوادي والمتون صليبة‌‌     مغاوير فيها للأمير معقب

                                                          والمعقب : الرجل يخرج من حانة الخمار إذا دخلها من هو أعظم منه قدرا ; ومنه قوله :


                                                          وإن تبغني في حلقة القوم تلقني‌‌     وإن تلتمسني في الحوانيت تصطد

                                                          أي : لا أكون معقبا . وعقب وأعقب إذا فعل هذا مرة ، وهذا مرة . والتعقيب في الصلاة : الجلوس بعد أن يقضيها لدعاء أو مسألة . وفي الحديث : من عقب في صلاة ، فهو في الصلاة . وتصدق فلان بصدقة ليس فيها تعقيب أي : استثناء . وأعقبه الطائف إذا كان الجنون يعاوده في أوقات ; قال امرؤ القيس يصف فرسا :


                                                          ويخضد في الآري حتى كأنه‌‌     به عرة أو طائف غير معقب

                                                          وإبل معاقبة : ترعى مرة في حمض ، ومرة في خلة . وأما التي تشرب الماء ، ثم تعود إلى المعطن ، ثم تعود إلى الماء ، فهي العواقب ; عن ابن الأعرابي . وعقبت الإبل من مكان إلى مكان تعقب عقبا ، وأعقبت : كلاهما تحولت منه إليه ترعى . ابن الأعرابي : إبل عاقبة تعقب في مرتع بعد الحمض ، ولا تكون عاقبة إلا في سنة جدبة ، تأكل الشجر ثم الحمض . قال : ولا تكون عاقبة في العشب . والتعاقب : الورد مرة بعد مرة . والمعقبات : اللواتي يقمن عند أعجاز الإبل المعتركات على الحوض ، فإذا انصرفت ناقة دخلت مكانها أخرى ، وهي الناظرات العقب . والعقب : نوب الواردة ترد قطعة فتشرب ، فإذا وردت قطعة بعدها فشربت ، فذلك عقبتها . وعقبة الماشية في المرعى : أن ترعى الخلة عقبة ، ثم تحول إلى الحمض ، فالحمض عقبتها ; وكذلك إذا حولت من الحمض إلى الخلة ، فالخلة عقبتها ; وهذا المعنى أراد ذو الرمة بقوله يصف الظليم :


                                                          ألهاه آء وتنوم وعقبته     من لائح المرو والمرعى له عقب

                                                          وقد تقدم . والمعقاب : المرأة التي من عادتها أن تلد ذكرا ثم أنثى . ونخل معاقبة : تحمل عاما وتخلف آخر . وعقبة القمر : عودته - بالكسر . ويقال : عقبة - بالفتح - وذلك إذا غاب ثم طلع . ابن الأعرابي : عقبة القمر - بالضم - نجم يقارن القمر في السنة مرة ; قال :


                                                          لا تطعم المسك والكافور لمته‌‌     ولا الذريرة إلا عقبة القمر

                                                          هو لبعض بني عامر ، يقول : يفعل ذلك في الحول مرة ; ورواية اللحياني عقبة - بالكسر - وهذا موضع نظر ، لأن القمر يقطع الفلك في كل شهر مرة . وما أعلم ما معنى قوله : يقارن القمر في كل سنة مرة . وفي الصحاح يقال : ما يفعل ذلك إلا عقبة القمر إذا كان يفعله في كل شهر مرة . والتعاقب والاعتقاب : التداول . والعقيب : كل شيء أعقب شيئا . وهما يتعاقبان ويعتقبان أي : إذا جاء هذا ، ذهب هذا ، وهما يتعاقبان كل الليل والنهار ، والليل والنهار يتعاقبان ، وهما عقيبان ، كل واحد منهما عقيب صاحبه . وعقيبك : الذي يعاقبك في العمل ، يعمل مرة وتعمل أنت مرة . وفي حديث شريح : أنه أبطل النفح إلا أن تضرب فتعاقب أي : أبطل نفح الدابة برجلها ، وهو رفسها ، كان لا يلزم صاحبها شيئا إلا أن تتبع ذلك رمحا . وعقب الليل النهار : جاء بعده . وعاقبه أي : جاء بعقبه ، فهو معاقب وعقيب أيضا ; والتعقيب مثله . وذهب فلان وعقبه فلان بعد ، واعتقبه أي : خلفه . وهما يعقبانه ويعتقبان عليه ويتعاقبان : يتعاونان عليه . وقال أبو عمرو : النعامة تعقب في مرعى بعد مرعى ، فمرة تأكل الآء ، ومرة التنوم ، وتعقب بعد ذلك في حجارة المرو ، وهي عقبته ، ولا يغث عليها شيء من المرتع ، وهذا معنى قول ذي الرمة :


                                                          . . . . . . . . . وعقبته‌‌     من لائح المرو والمرعى له عقب

                                                          [ ص: 217 ] وقد ذكر في صدر هذه الترجمة . واعتقب بخير ، وتعقب : أتى به مرة بعد مرة . وأعقبه الله بإحسانه خيرا ; والاسم منه العقبى ، وهو شبه العوض ، واستعقب منه خيرا أو شرا : اعتاضه ، فأعقبه خيرا أي : عوضه وأبدله . وهو بمعنى قوله :


                                                          ومن أطاع فأعقبه بطاعته     كما أطاعك وادلله على الرشد

                                                          وأعقب الرجل إعقابا إذا رجع من شر إلى خير . واستعقبت الرجل ، وتعقبته إذا طلبت عورته وعثرته . وتقول : أخذت من أسيري عقبة إذا أخذت منه بدلا . وفي الحديث : سأعطيك منها عقبى أي : بدلا عن الإبقاء والإطلاق . وفي حديث الضيافة : فإن لم يقروه ، فله أن يعقبهم بمثل قراه أي : يأخذ منهم عوضا عما حرموه من القرى . وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاما ، ويخاف على نفسه التلف . يقال : عقبهم وعقبهم - مشددا ومخففا - وأعقبهم إذا أخذ منهم عقبى وعقبة ، وهو أن يأخذ منهم بدلا عما فاته . وتعقب من أمره : ندم ; وتقول : فعلت كذا فاعتقبت منه ندامة أي : وجدت في عاقبته ندامة . وأعقب الرجل : كان عقيبه ; وأعقب الأمر إعقابا وعقبانا وعقبى حسنة أو سيئة . وفي الحديث : ما من جرعة أحمد عقبى من جرعة غيظ مكظومة ، وفي رواية : أحمد عقبانا أي : عاقبة . وأعقب عزه ذلا : أبدل ; قال :


                                                          كم من عزيز أعقب الذل عزه‌‌     فأصبح مرحوما وقد كان يحسد

                                                          ويقال : تعقبت الخبر إذا سألت غير من كنت سألته أول مرة . ويقال : أتى فلان إلي خيرا فعقب بخير منه ; وأنشد :


                                                          فعقبتم بذنوب غير مر

                                                          ويقال : رأيت عاقبة من طير إذا رأيت طيرا يعقب بعضها بعضا ، تقع هذه فتطير ، ثم تقع هذه موقع الأولى . وأعقب طي البئر بحجارة من ورائها : نضدها . وكل طريق بعضه خلف بعض : أعقاب ، كأنها منضودة عقبا على عقب ; قال الشماخ في وصف طرائق الشحم على ظهر الناقة :


                                                          إذا دعت غوثها ضراتها فزعت‌‌     أعقاب ني على الأثباج منضود

                                                          والأعقاب : الخزف الذي يدخل بين الآجر في طي البئر ، لكي يشتد ; قال كراع : لا واحد له . وقال ابن الأعرابي : العقاب الخزف بين السافات ; وأنشد في وصف بئر :


                                                          ذات عقاب هرش وذات جم

                                                          ويروى : " وذات حم " أراد وذات حمء ، ثم اعتقد إلقاء حركة الهمزة على ما قبلها ، فقال : وذات حم . وأعقاب الطي : دوائره إلى مؤخره . وقد عقبنا الركية أي : طويناها بحجر من وراء حجر . والعقاب : حجر يستنثل على الطي في البئر أي : يفضل . وعقبت الرجل : أخذت من ماله مثل ما أخذ مني ، وأنا أعقب - بضم القاف - ويقال : أعقب عليه يضربه . وعقب الرجل في أهله : بغاه بشر وخلفه . وعقب في أثر الرجل بما يكره يعقب عقبا : تناوله بما يكره ووقع فيه . والعقبة : قدر فرسخين ; والعقبة أيضا : قدر ما تسيره ، والجمع عقب ; قال :


                                                          خودا ضناكا لا تسير العقبا

                                                          أي : إنها لا تسير مع الرجال ، لأنها لا تحتمل ذلك لنعمتها وترفها ; كقول ذي الرمة :


                                                          فلم تستطع مي مهاواتنا السرى‌‌     ولا ليل عيس في البرين خواضع

                                                          والعقبة : الدولة ; والعقبة : النوبة ; تقول : تمت عقبتك ; والعقبة أيضا : الإبل يرعاها الرجل ، ويسقيها عقبته أي : دولته ، كأن الإبل سميت باسم الدولة ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          إن علي عقبة أقضيها‌     لست بناسيها ولا منسيها

                                                          أي : أنا أسوق عقبتي ، وأحسن رعيها . وقوله : لست بناسيها ولا منسيها يقول : لست بتاركها عجزا ولا بمؤخرها ; فعلى هذا إنما أراد : ، ولا منسئها ، فأبدل الهمزة ياء ; لإقامة الردف . والعقبة : الموضع الذي يركب فيه . وتعاقب المسافران على الدابة : ركب كل واحد منهما عقبة . وفي الحديث : فكان الناضح يعتقبه منا الخمسة أي : يتعاقبونه في الركوب واحدا بعد واحد . يقال : جاءت عقبة فلان أي : جاءت نوبته ووقت ركوبه . وفي الحديث : من مشى عن دابته عقبة ، فله كذا ، أي : شوطا . ويقال : عاقبت الرجل ، من العقبة ، إذا راوحته في عمل ، فكانت لك عقبة وله عقبة ; وكذلك أعقبته . ويقول الرجل لزميله : أعقب وعاقب أي : انزل حتى أركب عقبتي ; وكذلك كل عمل . ولما تحولت الخلافة إلى الهاشميين عن بني أمية ، قال سديف شاعر بني العباس :


                                                          أعقبي آل هاشم يا أميا

                                                          يقول : انزلي عن الخلافة حتى يركبها بنو هاشم ، فتكون لهم العقبة عليكم . واعتقبت فلانا من الركوب أي : نزلت فركب . وأعقبت الرجل وعاقبته في الراحلة إذا ركب عقبة ، وركبت عقبة ، مثل المعاقبة . والمعاقبة في الزحاف : أن تحذف حرفا لثبات حرف ، كأن تحذف الياء من مفاعيلن وتبقي النون ، أو تحذف النون وتبقي الياء ، وهو يقع في جملة شطور من شطور العروض . والعرب تعقب بين الفاء والثاء وتعاقب ؛ مثل جدث وجدف . وعاقب : راوح بين رجليه . وعقبة الطائر : مسافة ما بين ارتفاعه وانحطاطه ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وعروب غير فاحشة‌‌     قد ملكت ودها حقبا
                                                          ثم آلت لا تكلمنا     كل حي معقب عقبا

                                                          معنى قوله : معقب أي : يصير إلى غير حالته التي كان عليها . وقدح معقب : وهو المعاد في الربابة مرة بعد مرة ، تيمنا بفوزه ; وأنشد :


                                                          بمثنى الأيادي والمنيح المعقب

                                                          وجزور سحوف المعقب إذا كان سمينا ; وأنشد :


                                                          بجلمة عليان سحوف المعقب

                                                          [ ص: 218 ] وتعقب الخبر : تتبعه . ويقال : تعقبت الأمر إذا تدبرته . والتعقب : التدبر والنظر ، ثانية ; قال طفيل الغنوي :


                                                          فلن يجد الأقوام فينا مسبة‌‌     إذا استدبرت أيامنا بالتعقب

                                                          يقول : إذا تعقبوا أيامنا ، لم يجدوا فينا مسبة .

                                                          ويقال : لم أجد عن قولك متعقبا أي : رجوعا أنظر فيه أي : لم أرخص لنفسي التعقب فيه ، لأنظر آتيه أم أدعه . وفي الأمر معقب أي : تعقب ; قال طفيل :


                                                          مغاوير من آل الوجيه ولاحق‌‌     عناجيج فيها للأريب معقب

                                                          وقوله : لا معقب لحكمه أي : لا راد لقضائه . وقوله تعالى : ولى مدبرا ولم يعقب أي : لم يعطف ولم ينتظر . وقيل : لم يمكث ، وهو من كلام العرب ; وقال قتادة : لم يلتفت ; وقال مجاهد : لم يرجع . قال شمر : وكل راجع معقب ; وقال الطرماح :


                                                          وإن تونى التاليات عقبا

                                                          أي : رجع . واعتقب الرجل خيرا أو شرا بما صنع : كافأه به . والعقاب والمعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل سوءا ; والاسم العقوبة . وعاقبه بذنبه معاقبة وعقابا : أخذه به . وتعقبت الرجل إذا أخذته بذنب كان منه . وتعقبت عن الخبر إذا شككت فيه ، وعدت للسؤال عنه ; قال طفيل :


                                                          تأوبني هم مع الليل منصب     وجاء من الأخبار ما لا أكذب
                                                          تتابعن حتى لم تكن لي ريبة‌‌     ولم يك عما خبروا متعقب

                                                          وتعقب فلان رأيه إذا وجد عاقبته إلى خير . وقوله تعالى : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم هكذا قرأها مسروق بن الأجدع ، وفسرها : فغنمتم . وقرأها حميد : فعقبتم - بالتشديد : قال الفراء : وهي بمعنى عاقبتم ، قال : وهي كقولك : تصعر وتصاعر ، وتضعف وتضاعف ، في ماضي فعلت وفاعلت ; وقرئ " فعقبتم " ، خفيفة . وقال أبو إسحاق النحوي : من قرأ " فعاقبتم " ، فمعناه أصبتموهم في القتال بالعقوبة حتى غنمتم ; ومن قرأ " فعقبتم " ، فمعناه فغنمتم ; وعقبتم أجودها في اللغة ; وعقبتم جيد أيضا أي : صارت لكم عقبى ، إلا أن التشديد أبلغ ; وقال طرفة :


                                                          فعقبتم بذنوب غير مر

                                                          قال : والمعنى أن من مضت امرأته منكم إلى من لا عهد بينكم وبينه ، أو إلى من بينكم وبينه عهد ، فنكث في إعطاء المهر ، فغلبتم عليه ، فالذي ذهبت امرأته يعطى من الغنيمة المهر من غير أن ينقص من حقه في الغنائم شيء ، يعطى حقه كملا ، بعد إخراج مهور النساء . والعقب والمعاقب : المدرك بالثأر . وفي التنزيل العزيز : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          ونحن قتلنا بالمخارق فارسا‌‌     جزاء العطاس لا يموت المعاقب

                                                          أي : لا يموت ذكر ذلك المعاقب بعد موته . وقوله : جزاء العطاس أي : عجلنا إدراك الثأر ، قدر ما بين التشميت والعطاس . وعن الأصمعي : العقب : العقاب ; وأنشد :


                                                          لين لأهل الحق ذو عقب ذكر

                                                          ويقال : إنه لعالم بعقمى الكلام ، وعقبى الكلام ، وهو غامض الكلام الذي لا يعرفه الناس ، وهو مثل النوادر . وأعقبه على ما صنع : جازاه . وأعقبه بطاعته أي : جازاه ، والعقبى جزاء الأمر . وعقب كل شيء ، وعقباه ، وعقبانه ، وعاقبته : خاتمته . والعقبى : المرجع . وعقب الرجل يعقب عقبا : طلب مالا أو غيره . ابن الأعرابي : المعقب الخمار ; وأنشد :


                                                          كمعقب الريط إذ نشرت هدابه

                                                          قال : وسمي الخمار معقبا ; لأنه يعقب الملاءة ، يكون خلفا منها . والمعقب : القرط . والمعقب : السائق الحاذق بالسوق . والمعقب : بعير العقب . والمعقب : الذي يرشح للخلافة بعد الإمام . والمعقب : النجم الذي يطلع ، فيركب بطلوعه الزميل المعاقب ; ومنه قول الراجز :


                                                          كأنها بين السجوف معقب     أو شادن ذو بهجة مربب

                                                          أبو عبيدة : المعقب نجم يتعاقب به الزميلان في السفر ، إذا غاب نجم وطلع آخر ، ركب الذي كان يمشي . وعقبة القدر : ما التزق بأسفلها من تابل وغيره . والعقبة : مرقة ترد في القدر المستعارة - بضم العين - وأعقب الرجل : رد إليه ذلك ; قال الكميت :


                                                          وحاردت النكد الجلاد ولم يكن‌‌     لعقبة قدر المستعيرين معقب

                                                          وكان الفراء يجيزها بالكسر ، بمعنى البقية . ومن قال عقبة - بالضم - جعله من الاعتقاب . وقد جعلها الأصمعي والبصريون - بضم العين . وقرارة القدر : عقبتها . والمعقبات : الحفظة ، من قوله عز وجل : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه . والمعقبات : ملائكة الليل والنهار ; لأنهم يتعاقبون ، وإنما أنثت لكثرة ذلك منها ، نحو نسابة وعلامة ، وهو ذكر . وقرأ بعض الأعراب : له معاقيب . قال الفراء : المعقبات الملائكة ، ملائكة الليل تعقب ملائكة النهار ، وملائكة النهار تعقب ملائكة الليل . قال الأزهري : جعل الفراء عقب بمعنى عاقب ، كما يقال : عاقد وعقد ، وضاعف وضعف ، فكأن ملائكة النهار تحفظ العباد ، فإذا جاء الليل جاء معه ملائكة الليل ، وصعد ملائكة النهار ، فإذا أقبل النهار عاد من صعد ; وصعد ملائكة الليل ، كأنهم جعلوا حفظهم عقبا أي : نوبا . وكل من عمل عملا ثم عاد إليه فقد عقب . وملائكة معقبة ، ومعقبات جمع الجمع ; وقول النبي - صلى الله عليه وسلم : معقبات لا يخيب قائلهن ، وهو أن يسبح في دبر صلاته ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، ويحمده ثلاثا وثلاثين تحميدة ، ويكبره أربعا وثلاثين تكبيرة ; سميت معقبات ، لأنها عادت مرة بعد مرة ، أو لأنها تقال عقيب الصلاة . وقال شمر : أراد بقوله معقبات تسبيحات تخلف بأعقاب الناس ; [ ص: 219 ] قال : والمعقب من كل شيء : ما خلف بعقب ما قبله ; وأنشد ابن الأعرابي للنمر بن تولب :


                                                          ولست بشيخ قد توجه دالف     ولكن فتى من صالح القوم عقبا

                                                          يقول : عمر بعدهم وبقي .

                                                          والعقبة : واحدة عقبات الجبال . والعقبة : طريق - في الجبل - وعر ، والجمع عقب وعقاب . والعقبة : الجبل الطويل ، يعرض للطريق فيأخذ فيه ، وهو طويل صعب شديد ، وإن كانت خرمت بعد أن تسند وتطول في السماء ، في صعود وهبوط أطول من النقب ، وأصعب مرتقى ، وقد يكون طولهما واحدا . سند النقب فيه شيء من اسلنقاء ، وسند العقبة مستو كهيئة الجدار . قال الأزهري : وجمع العقبة عقاب وعقبات . ويقال : من أين كانت عقبك أي : من أين أقبلت ؟ والعقاب : طائر من العتاق مؤنثة ; وقيل : العقاب يقع على الذكر والأنثى ، إلا أن يقولوا هذا عقاب ذكر ; والجمع : أعقب وأعقبة ; عن كراع ; وعقبان وعقابين : جمع الجمع ; قال :


                                                          عقابين يوم الدجن تعلو وتسفل

                                                          وقيل : جمع العقاب أعقب ; لأنها مؤنثة . وأفعل بناء يختص به جمع الإناث ، مثل عناق وأعنق ، وذراع وأذرع . وعقاب عقنباة ; ذكره ابن سيده في الرباعي . وقال ابن الأعرابي : عتاق الطير العقبان ، وسباع الطير التي تصيد ، والذي لم يصد الخشاش . وقال أبو حنيفة : من العقبان عقبان تسمى عقبان الجرذان ، ليست بسود ، ولكنها كهب ، ولا ينتفع بريشها ، إلا أن يرتاش به الصبيان الجماميح . والعقاب : الراية . والعقاب : الحرب عن كراع . والعقاب : علم ضخم . وفي الحديث : أنه كان اسم رايته - عليه السلام - العقاب وهي العلم الضخم . والعرب تسمي الناقة السوداء عقابا ، على التشبيه . والعقاب الذي يعقد للولاة شبه بالعقاب الطائر ، وهي مؤنثة أيضا ; قال أبو ذؤيب :


                                                          ولا الراح راح الشام جاءت سبيئة‌‌     لها غاية تهدي الكرام عقابها

                                                          عقابها : غايتها ، وحسن تكراره لاختلاف اللفظين ، وجمعها عقبان . والعقاب : فرس مرداس بن جعونة . والعقاب : صخرة ناتئة ناشزة في البئر ، تخرق الدلاء ، وربما كانت من قبل الطي ; وذلك أن تزول الصخرة عن موضعها ، وربما قام عليها المستقي ; أنثى ، والجمع كالجمع . وقد عقبها تعقيبا : سواها . والرجل الذي ينزل في البئر فيرفعها ، يقال له : المعقب . ابن الأعرابي : القبيلة صخرة على رأس البئر ، والعقابان من جنبتيها يعضدانها . وقيل : العقاب صخرة ناتئة في عرض جبل ، شبه مرقاة . وقيل : العقاب مرقى في عرض الجبل . والعقابان : خشبتان يشبح الرجل بينهما الجلد . والعقاب : خيط صغير ، يدخل في خرتي حلقة القرط ، يشد به . وعقب القرط : شده بعقب خشية أن يزيغ ; قال سيار الأباني :


                                                          كأن خوق قرطها المعقوب‌‌     على دباة أو على يعسوب

                                                          جعل قرطها كأنه على دباة ، لقصر عنق الدباة ، فوصفها بالوقص . والخوق : الحلقة . واليعسوب : ذكر النحل . والدباة : واحدة الدبى ، نوع من الجراد . قال الأزهري : العقاب الخيط الذي يشد طرفي حلقة القرط . والمعقب : القرط ; عن ثعلب . واليعقوب : الذكر من الحجل والقطا ، وهو مصروف لأنه عربي لم يغير ، وإن كان مزيدا في أوله ، فليس على وزن الفعل ; قال الشاعر :


                                                          عال يقصر دونه اليعقوب

                                                          والجمع : اليعاقيب . قال ابن بري : هذا البيت ذكره الجوهري على أنه شاهد على اليعقوب ، لذكر الحجل ، والظاهر في اليعقوب هذا أنه ذكر العقاب ، مثل اليرخوم ذكر الرخم ، واليحبور ذكر الحبارى ; لأن الحجل لا يعرف لها مثل هذا العلو في الطيران ; ويشهد بصحة هذا القول قول الفرزدق :


                                                          يوما تركن لإبراهيم عافية     من النسور عليه واليعاقيب

                                                          فذكر اجتماع الطير على هذا القتيل من النسور واليعاقيب ، ومعلوم أن الحجل لا يأكل القتلى . وقال اللحياني : اليعقوب ذكر القبج . قال ابن سيده : فلا أدري ما عنى بالقبج : ألحجل ، أم القطا ، أم الكروان ؟ والأعرف أن القبج الحجل . وقيل اليعاقيب من الخيل ، سميت بذلك تشبيها بيعاقيب الحجل لسرعتها ; قال سلامة بن جندل :


                                                          ولى حثيثا وهذا الشيب يتبعه‌‌     لو كان يدركه ركض اليعاقيب

                                                          قيل : يعني اليعاقيب من الخيل ; وقيل : ذكور الحجل . والاعتقاب : الحبس والمنع والتناوب . واعتقب الشيء : حبسه عنده . واعتقب البائع السلعة أي : حبسها عن المشتري حتى يقبض الثمن ; ومنه قول إبراهيم النخعي : المعتقب ضامن لما اعتقب ; الاعتقاب : الحبس والمنع . يريد أن البائع إذا باع شيئا ثم منعه المشتري حتى يتلف عند البائع فقد ضمن . وعبارة الأزهري : حتى تلف عند البائع هلك من ماله ، وضمانه منه . وعن ابن شميل : يقال باعني فلان سلعة ، وعليه تعقبة إن كانت فيها ، وقد أدركتني في تلك السلعة تعقبة . ويقال : ما عقب فيها ، فعليك في مالك أي : ما أدركني فيها من درك فعليك ضمانه . وقوله - عليه السلام : لي الواجد يحل عقوبته وعرضه ; عقوبته : حبسه ، وعرضه : شكايته ; حكاه ابن الأعرابي وفسره بما ذكرناه . واعتقبت الرجل : حبسته . وعقبة السرو ، والجمال ، والكرم ، وعقبته ، وعقبه : كله أثره وهيئته ، وقال اللحياني : أي : سيماه وعلامته ; قال : والكسر أجود . ويقال : على فلان عقبة السرو والجمال - بالكسر - إذا كان عليه أثر ذلك . والعقبة : الوشي كالعقمة ، وزعم يعقوب أن الباء بدل من الميم . وقال اللحياني : العقبة ضرب من ثياب الهودج موشى . ويقال : عقبة وعقمة - بالفتح . والعقب العصب الذي تعمل منه الأوتار ، الواحدة عقبة . وفي الحديث : أنه مضغ عقبا وهو صائم ; قال ابن الأثير : هو - بفتح القاف - العصب والعقب من كل شيء : عصب المتنين ، والساقين ، [ ص: 220 ] والوظيفين ، يختلط باللحم يمشق منه مشقا ، ويهذب وينقى من اللحم ، ويسوى منه الوتر ; واحدته عقبة ، وقد يكون في جنبي البعير . والعصب : العلباء الغليظ ، ولا خير فيه ، والفرق بين العقب والعصب : أن العصب يضرب إلى الصفرة ، والعقب يضرب إلى البياض ، وهو أصلبها وأمتنها . وأما العقب ، مؤخر القدم : فهو من العصب لا من العقب . وقال أبو حنيفة : قال أبو زياد : العقب عقب المتنين من الشاة والبعير والناقة والبقرة . وعقب الشيء يعقبه ويعقبه عقبا ، وعقبه : شده بعقب . وعقب الخوق ، وهو حلقة القرط ، يعقبه عقبا : خاف أن يزيغ فشده بعقب ، وقد تقدم أنه من العقاب . وعقب السهم والقدح والقوس عقبا إذا لوى شيئا من العقب عليه ; قال دريد بن الصمة :


                                                          وأسمر من قداح النبع فرع     به علمان من عقب وضرس

                                                          قال ابن بري : صواب هذا البيت : وأصفر من قداح النبع ; لأن سهام الميسر توصف بالصفرة ; كقول طرفة :


                                                          وأصفر مضبوح نظرت حواره‌‌     على النار واستودعته كف مجمد

                                                          وعقب قدحه يعقبه عقبا : انكسر فشده بعقب ، وكذلك كل ما انكسر فشد بعقب . وعقب فلان يعقب عقبا إذا طلب مالا أو شيئا غيره . وعقب النبت يعقب عقبا : دق عوده واصفر ورقه ; عن ابن الأعرابي . وعقب العرفج إذا اصفرت ثمرته ، وحان يبسه . وكل شيء كان بعد شيء ، فقد عقبه ; وقال :


                                                          عقب الرذاذ خلافهم فكأنما‌‌     بسط الشواطب بينهن حصيرا

                                                          والعقيب ، مخفف الياء : موضع . وعقب : موضع أيضا ; وأنشد أبو حنيفة :


                                                          حوزها من عقب إلى ضبع‌‌     في ذنبان ويبيس منقفع

                                                          ومعقب : موضع ; قال :


                                                          رعت بمعقب فالبلق نبتا     أطار نسيلها عنها فطارا

                                                          والعقيب : طائر ، لا يستعمل إلا مصغرا . وكفرتعقاب ، وكفرعاقب : موضعان . ورجل عقبان : غليظ ; عن كراع ; قال : والجمع عقبان ; قال : ولست من هذا الحرف على ثقة . ويعقوب : اسم إسرائيل أبي يوسف - عليهما السلام - لا ينصرف في المعرفة ، للعجمة والتعريف ، لأنه غير عن جهته ، فوقع في كلام العرب غير معروف المذهب . وسمي يعقوب بهذا الاسم ; لأنه ولد مع عيصو في بطن واحد . ولد عيصو قبله ، ويعقوب متعلق بعقبه ، خرجا معا ، فعيصو أبو الروم . قال الله تعالى في قصة إبراهيم وامرأته - عليهما السلام : فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قرئ ( يعقوب ) ، بالرفع ، وقرئ ( يعقوب ) بفتح الباء ، فمن رفع ، فالمعنى : ومن وراء إسحاق يعقوب مبشر به ; ومن فتح " يعقوب " ، فإن أبا زيد والأخفش زعما أنه منصوب ، وهو في موضع الخفض عطفا على قوله بإسحاق ، والمعنى : بشرناها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق بيعقوب ; قال الأزهري : وهذا غير جائز عند حذاق النحويين من البصريين والكوفيين . وأما أبو العباس أحمد بن يحيى فإنه قال : نصب يعقوب بإضمار فعل آخر ، كأنه قال : فبشرناها بإسحاق ووهبنا لها من وراء إسحاق يعقوب ، ويعقوب عنده في موضع النصب ، لا في موضع الخفض ، بالفعل المضمر ; وقال الزجاج : عطف يعقوب على المعنى الذي في قوله فبشرناها ، كأنه قال : وهبنا لها إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب أي : وهبناه لها أيضا ; قال الأزهري : وهكذا قال ابن الأنباري ، وقول الفراء قريب منه ; وقول الأخفش وأبي زيد عندهم خطأ . ونيق العقاب : موضع بين مكة والمدينة . ونجد العقاب : موضع بدمشق ; قال الأخطل :


                                                          ويامن عن نجد العقاب وياسرت     بنا العيس عن عذراء دار بني السحب

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية