الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عقد ]

                                                          عقد : العقد : نقيض الحل ; عقده يعقده عقدا وتعقادا وعقده ; أنشد ثعلب :


                                                          لا يمنعنك من بغا ء الخير تعقاد التمائم

                                                          واعتقده كعقده ; قال جرير :


                                                          أسيلة معقد السمطين منها     وريا حيث تعتقد الحقابا

                                                          وقد انعقد وتعقد والمعاقد : مواضع العقد . والعقيد : المعاقد . قال سيبويه : وقالوا هو مني معقد الإزار أي : بتلك المنزلة في القرب ، فحذف وأوصل ، وهو من الظروف المختصة التي أجريت مجرى غير المختصة لأنه كالمكان وإن لم يكن مكانا ، وإنما هو كالمثل ، وقالوا للرجل إذا لم يكن عنده غناء : فلان لا يعقد الحبل أي : أنه يعجز عن هذا على هوانه وخفته ; قال :


                                                          فإن تقل يا ظبي حلا حلا     تعلق وتعقد حبلها المنحلا

                                                          أي : تجد وتتشمر لإغضابه وإرغامه حتى كأنها تعقد على نفسه الحبل . [ ص: 221 ] والعقدة : حجم العقد ، والجمع عقد . وخيوط معقدة : شدد للكثرة . ويقال : عقدت الحبل ، فهو معقود ، وكذلك العهد ; ومنه عقدة النكاح ; وانعقد عقد الحبل انعقادا . وموضع العقد من الحبل : معقد ، وجمعه معاقد . وفي حديث الدعاء : أسألك بمعاقد العز من عرشك أي : بالخصال التي استحق بها العرش العز أو بمواضع انعقادها منه ، وحقيقة معناه : بعز عرشك ; قال ابن الأثير : وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء . وجبر عظمه على عقدة إذا لم يستو . والعقدة : قلادة . والعقد : الخيط ينظم فيه الخرز ، وجمعه عقود . وقد اعتقد الدر والخرز وغيره إذا اتخذ منه عقدا ، قال عدي بن الرقاع :


                                                          وما حسينة إذ قامت تودعنا     للبين واعتقدت شذرا ومرجانا

                                                          والمعقاد : خيط ينظم فيه خرزات وتعلق في عنق الصبي . وعقد التاج فوق رأسه واعتقده : عصبه به ; أنشد ثعلب لابن قيس الرقيات :


                                                          يعتقد التاج فوق مفرقه‌‌     على جبين كأنه الذهب

                                                          وفي حديث قيس بن عباد قال : كنت آتي المدينة فألقى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحبهم إلي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأقيمت صلاة الصبح فخرج عمر وبين يديه رجل ، فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري ، فدفعني من الصف وقام مقامي ثم قعد يحدثنا ، فما رأيت الرجال مدت أعناقها متوجهة إليه فقال : هلك أهل العقد ورب الكعبة ، قالها ثلاثا ، ولا آسى عليهم إنما آسى على من يهلكون من الناس ; قال أبو منصور : العقد الولايات على الأمصار ، ورواه غيره : هلك أهل العقد ، وقيل : هو من عقد الولاية للأمراء . وفي حديث أبي : هلك أهل العقدة ورب الكعبة ; يريد البيعة المعقودة للولاية . وعقد العهد واليمين يعقدهما عقدا وعقدهما : أكدهما . أبو زيد في قوله تعالى : والذين عقدت أيمانكم وعاقدت أيمانكم ; وقد قرئ عقدت بالتشديد ، معناه التوكيد والتغليظ ، كقوله تعالى : ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها في الحلف أيضا . وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى : والذين عاقدت أيمانكم المعاقدة : المعاهدة والميثاق . والأيمان : جمع يمين القسم أو اليد . فأما الحرف في سورة المائدة : ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان بالتشديد في القاف قراءة الأعمش وغيره ، وقد قرئ عقدتم بالتخفيف ; قال الحطيئة :


                                                          أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا‌‌     وإن عاهدوا أوفوا وإن عاقدوا شدوا

                                                          وقال آخر :


                                                          قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم

                                                          وقال في موضع آخر : عاقدوا ، وفي موضع آخر : عقدوا ، والحرف قرئ بالوجهين ; وعقدت الحبل والبيع والعهد فانعقد . والعقد : العهد ، والجمع عقود ، وهي أوكد العهود . ويقال : عهدت إلى فلان في كذا وكذا ، وتأويله ألزمته ذلك ، فإذا قلت : عاقدته أو عقدت عليه فتأويله أنك ألزمته ذلك باستيثاق . والمعاقدة : المعاهدة . وعاقده : عاهده . وتعاقد القوم : تعاهدوا . وقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود قيل : هي العهود ، وقيل : هي الفرائض التي ألزموها ; قال الزجاج : أوفوا بالعقود خاطب الله المؤمنين بالوفاء بالعقود التي عقدها الله تعالى عليهم ، والعقود التي يعقدها بعضهم على بعض على ما يوجبه الدين . والعقيد : الحليف ; قال أبو خراش الهذلي :


                                                          كم من عقيد وجار حل عندهم‌‌     ومن مجار بعهد الله قد قتلوا

                                                          وعقد البناء بالجص يعقده عقدا : ألزقه . والعقد : ما عقدت من البناء ، والجمع أعقاد وعقود . وعقد : بنى عقدا . والعقد : عقد طاق البناء ، وقد عقده البناء تعقيدا . وتعقد القوس في السماء إذا صار كأنه عقد مبني . وتعقد السحاب : صار كالعقد المبني . وأعقاده : ما تعقد منه ، واحدها عقد . والمعقد : المفصل . والأعقد من التيوس : الذي في قرنه التواء ، وقيل : الذي في قرنه عقدة ، والاسم العقد . والذئب الأعقد : المعوج . وفحل أعقد إذا رفع ذنبه ، وإنما يفعل ذلك من النشاط . وظبية عاقد : انعقد طرف ذنبها ، وقيل : هي العاطف ، وقيل : هي التي رفعت رأسها حذرا على نفسها وعلى ولدها . والعقداء من الشاء : التي ذنبها كأنه معقود . والعقد : التواء في ذنب الشاة يكون فيه كالعقدة ; شاة أعقد وكبش أعقد وكذلك ذئب أعقد وكلب أعقد ; قال جرير :


                                                          تبول على القتاد بنات تيم     مع العقد النوابح في الديار

                                                          وليس شيء أحب إلى الكلب من أن يبول على قتادة أو على شجيرة صغيرة غيرها . والأعقد : الكلب لانعقاد ذنبه جعلوه اسما له معروفا . وكل ملتوي الذنب أعقد . وعقدة الكلب : قضيبه وإنما قيل له عقدة إذا عقدت عليه الكلبة فانتفخ طرفه . والعقد : تشبث ظبية اللعوة ببسرة قضيب الثمثم ، والثمثم كلب الصيد ، واللعوة : الأنثى ، وظبيتها : حياؤها . وتعاقدت الكلاب : تعاظلت ; وسمى جرير الفرزدق عقدان ، إما على التشبيه له بالكلب الأعقد الذنب ، وإما على التشبيه بالكلب المتعقد مع الكلبة إذا عاظلها ، فقال :


                                                          وما زلت يا عقدان صاحب سوأة     تناجي بها نفسا لئيما ضميرها

                                                          وقال أبو منصور : لقبه عقدان لقصره ; وفيه يقول :


                                                          يا ليت شعري ما تمنى مجاشع     ولم يترك عقدان للقوس منزعا

                                                          أي : أعرق في النزع ولم يدع للصلح موضعا . وإذا أرتجت الناقة على ماء الفحل فهي عاقد ، وذلك حين تعقد بذنبها فيعلم أنها قد حملت وأقرت باللقاح . وناقة عاقد : تعقد بذنبها عند اللقاح ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          جمال ذات معجمة وبزل     عواقد أمسكت لقحا وحول

                                                          وظبي عاقد : واضع عنقه على عجزه ، قد عطفه للنوم ; قال ساعدة بن جؤية :

                                                          [ ص: 222 ]

                                                          وكأنما وافاك يوم لقيتها     من وحش مكة عاقد متربب

                                                          والجمع العواقد ; قال النابغة الذبياني :


                                                          حسان الوجوه كالظباء العواقد

                                                          وهي العواطف أيضا . وجاء عاقدا عنقه أي : لاويا لها من الكبر . وفي الحديث : من عقد لحيته فإن محمدا بريء منه ; قيل : هو معالجتها حتى تنعقد وتتجعد ، وقيل : كانوا يعقدونها في الحروب فأمرهم بإرسالها ، كانوا يفعلون ذلك تكبرا وعجبا . وعقد العسل والرب ونحوهما يعقد وانعقد وأعقدته فهو معقد وعقيد : غلظ ; قال المتلمس في ناقة له :


                                                          أجد إذا استنفرتها من مبرك     حلبت مغابنها برب معقد

                                                          وكذلك عقيد عصير العنب . وروى بعضهم : عقدت العسل والكلام أعقدت ; وأنشد :


                                                          وكأن ربا أو كحيلا معقدا

                                                          قال الكسائي : ويقال للقطران والرب ونحوه : أعقدته حتى تعقد . واليعقيد : عسل يعقد حتى يخثر ، وقيل : اليعقيد طعام يعقد بالعسل . وعقدة اللسان : ما غلظ منه . وفي لسانه عقدة وعقد أي : التواء . ورجل أعقد وعقد : في لسانه عقدة أو رتج ; وعقد لسانه يعقد عقدا . وعقد كلامه : أعوصه وعماه . وكلام معقد أي : مغمض . وقال إسحاق بن فرج : سمعت أعرابيا يقول : عقد فلان بن فلان عنقه إلى فلان إذا لجأ إليه وعكدها . وعقد قلبه على الشيء : لزمه ، والعرب تقول : عقد فلان ناصيته إذا غضب وتهيأ للشر ; وقال ابن مقبل :


                                                          أثابوا أخاهم إذ أرادوا زياله     بأسواط قد عاقدين النواصيا

                                                          وفي حديث : الخيل معقود في نواصيها الخير أي : ملازم لها كأنه معقود فيها . وفي حديث الدعاء : لك من قلوبنا عقدة الندم ; يريد عقد العزم على الندامة وهو تحقيق التوبة . وفي الحديث : لآمرن براحلتي ترحل ثم لا أحل لها عقدة حتى أقدم المدينة أي : لا أحل عزمي حتى أقدمها ; وقيل : أراد لا أنزل عنها فأعقلها حتى أحتاج إلى حل عقالها . وعقدة النكاح والبيع : وجوبهما ; قال الفارسي : هو من الشد والربط ، ولذلك قالوا : إملاك المرأة ، لأن أصل هذه الكلمة أيضا العقد ، فقيل إملاك المرأة كما قيل عقدة النكاح ; وانعقد النكاح بين الزوجين والبيع بين المتبايعين . وعقدة كل شيء : إبرامه . وفي الحديث : من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقد الجزية كناية عن تقريرها على نفسه كما تعقد الذمة للكتابي عليها . واعتقد الشيء : صلب واشتد . وتعقد الإخاء : استحكم ؛ مثل تذلل . وتعقد الثرى : جعد . وثرى عقد على النسب : متجعد . وعقد الشحم يعقد : انبنى وظهر . والعقد : المتراكم من الرمل ، واحده عقدة والجمع أعقاد . والعقد لغة في العقد ; وقال هميان :


                                                          يفتح طرق العقد الرواتجا

                                                          لكثرة المطر . والعقد : ترطب الرمل من كثرة المطر . وجمل عقد : قوي . ابن الأعرابي : العقد الجمل القصير الصبور على العمل . ولئيم أعقد : عسر الخلق ليس بسهل ; وفلان عقيد الكرم وعقيد اللؤم . والعقد في الأسنان كالقادح . والعاقد : حريم البئر وما حوله . والتعقد في البئر : أن يخرج أسفل الطي ويدخل أعلاه إلى جرابها ، وجرابها اتساعها . وناقة معقودة القرا : موثقة الظهر ; وجمل عقد ; قال النابغة :


                                                          فكيف مزارها إلا بعقد     ممر ليس ينقضه الخؤون

                                                          المراد الحبل وأراد به عهدها . والعقدة : الضيعة . واعتقد أرضا : اشتراها . والعقدة : الأرض الكثيرة الشجر وهي تكون من الرمث والعرفج ، وأنكرها بعضهم في العرفج ، وقيل : هو المكان الكثير الشجر والنخل ; وفي الحديث : فعدلت عن الطريق فإذا بعقدة من شجر أي : بقعة كثيرة الشجر ; وقيل : العقدة من الشجر ما يكفي الماشية ; وقيل : هي من الشجر ما اجتمع وثبت أصله يريد الدوام . وقولهم : آلف من غراب عقدة ; قال ابن حبيب : هي أرض كثيرة النخيل لا يطير غرابها . وفي الصحاح : آلف من غراب عقدة لأنه لا يطير . والعقدة : بقية المرعى ، والجمع عقد وعقاد . وفي أرض بني فلان عقدة تكفيهم سنتهم ، يعني مكانا ذا شجر يرعونه . وكل ما يعتقده الإنسان من العقار ، فهو عقدة له . واعتقد ضيعة ومالا أي : اقتناهما . وقال ابن الأنباري : في قولهم لفلان عقدة ، العقدة عند العرب الحائط الكثير النخل . ويقال للقرية الكثيرة النخل : عقدة ، وكأن الرجل إذا اتخذ ذلك فقد أحكم أمره عند نفسه واستوثق منه ، ثم صيروا كل شيء يستوثق الرجل به لنفسه ويعتمد عليه عقدة . ويقال للرجل إذا سكن غضبه : قد تحللت عقده . واعتقد كذا بقلبه وليس له معقود أي : عقد رأي . وفي الحديث : أن رجلا كان يبايع وفي عقدته ضعف أي : في رأيه ونظره في مصالح نفسه . والعقد والعقدان : ضرب من التمر . والعقد ، وقيل العقد : قبيلة من اليمن ثم من بني عبد شمس بن سعد . وبنو عقيدة : قبيلة من قريش . وبنو عقيدة : قبيلة من العرب . والعقد : بطون من تميم . وقيل : العقد قبيلة من العرب ينسب إليهم العقدي . والعقد : من بني يربوع خاصة ; حكاه ابن الأعرابي . قال : واللبك بنو الحارث بن كعب ما خلا منقرا ، وذئاب الغضا بنو كعب بن مالك بن حنظلة . والعنقود : واحد عناقيد العنب ، والعنقاد لغة فيه ; قال الراجز :


                                                          إذ لمتي سوداء كالعنقاد

                                                          والعقدة من المرعى : هي الجنبة ما كان فيها من مرعى عام أول ، فهو عقدة وعروة فهذا من الجنبة ، وقد يضطر المال إلى الشجر ، ويسمى عقدة وعروة فإذا كانت الجنبة لم يقل للشجر عقدة ولا عروة ; قال : ومنه سميت العقدة ; وقال ابن الرقاع العاملي :


                                                          خضبت لها عقد البراق جبينها     من عركها علجانها وعرادها

                                                          وفي حديث ابن عمرو : ألم أكن أعلم السباع هاهنا كثيرا ؟ قيل : نعم [ ص: 223 ] ولكنها عقدت فهي تخالط البهائم ، ولا تهيجها أي : عولجت بالأخذ والطلسمات كما يعالج الروم الهوام ذوات السموم ، يعني عقدت ومنعت أن تضر البهائم . وفي حديث أبي موسى : أنه كسا في كفارة اليمين ثوبين ظهرانيا ومعقدا ; المعقد : ضرب من برود هجر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية