الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ؛ المعنى : وما منهم من أحد إلا ليؤمنن به؛ وكذلك قوله : وإن منكم إلا واردها ؛ المعنى : ما منكم أحد إلا واردها؛ وكذلك : وما منا إلا له مقام معلوم ؛ المعنى : وما منا أحد إلا له مقام معلوم؛ ومثله قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم



                                                                                                                                                                                                                                        المعنى ما في قومها أحد يفضلها؛ فالمعنى : ليؤمنن به قبل موته؛ فالهاء في " موته " ؛ راجعة على [ ص: 130 ] كافر؛ في بعض الأقاويل؛ وقد قيل : ما من أحد إلا ليؤمنن بعيسى ممن كفر به قبل موته؛ لأن الميت قبل موته يعاين عمله؛ فيعلم صالحه من طالحه؛ وكل كافر إذا عاين آمن بكل نبي كفر به قبل موته؛ وقالوا - في الهاء؛ في قوله : ليؤمنن به ؛ أي : بعيسى؛ وقال بعضهم : بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ والقولان واحد؛ لأن من كفر بنبي عاين قبل موته أنه كان على ضلال؛ وآمن حيث لا ينفعه الإيمان؛ وقال بعضهم : " إلا ليؤمنن به " ؛ أي : سيؤمن بعيسى إذا نزل لقتل المسيخ الدجال؛ وهذا بعيد في اللغة؛ لأنه قال : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ؛ والذين يبقون إلى ذلك الوقت إنما هم شرذمة منهم؛ ولكنه يحتمل أنهم كلهم يقولون : إن عيسى الذي ينزل لقتل الدجال؛ نحن نؤمن؛ فيجوز على هذا؛ والله أعلم بحقيقته.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية