الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في غزوة ذات السلاسل

وهي وراء وادي القرى ، بضم السين الأولى وفتحها ، لغتان ، وبينها وبين [ ص: 341 ] المدينة عشرة أيام ، وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان .

قال ابن سعد : بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف المدينة ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص ، فعقد له لواء أبيض ، وجعل معه راية سوداء ، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ، ومعهم ثلاثون فرسا ، وأمره أن يستعين بمن مر به من بلي ، وعذرة ، وبلقين ، فسار الليل ، وكمن النهار ، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا ، فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين ، وعقد له لواء ، وبعث له سراة المهاجرين والأنصار ، وفيهم أبو بكر وعمر ، وأمره أن يلحق بعمرو ، وأن يكونا جميعا ولا يختلفا ، فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ، فقال عمرو : إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير ، فأطاعه أبو عبيدة فكان عمرو يصلي بالناس ، وسار حتى وطئ بلاد قضاعة ، فدوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم . ولقي في آخر ذلك جمعا ، فحمل عليهم المسلمون ، فهربوا في البلاد ، وتفرقوا ، وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بقفولهم وسلامتهم ، وما كان في غزاتهم .

وذكر ابن إسحاق نزولهم على ماء لجذام ، يقال له : السلسل ، قال : وبذلك سميت ذات السلاسل .

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن داود عن عامر ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش ذات السلاسل ، فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين ، واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب ، وقال لهما : " تطاوعا " ، قال : وكانوا أمروا أن يغيروا على بكر ، فانطلق عمرو وأغار على قضاعة ؛ لأن بكرا أخواله ، قال : فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعملك علينا ، وإن ابن فلان قد اتبع أمر القوم فليس لك [ ص: 342 ] معه أمر ، فقال أبو عبيدة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نتطاوع ، فأنا أطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن عصاه عمرو .

التالي السابق


الخدمات العلمية