الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ووالد عطف على هذا البلد المقسم به، وكذا قوله تعالى: وما ولد والمراد بالأول آدم عليه السلام وبالثاني جميع ولده على ما أخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس ورواه جماعة أيضا عن مجاهد وقتادة وابن جبير. وقيل: المراد آدم عليه السلام والصالحون من ذريته، وقيل: نوح عليه السلام وذريته، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران أنهما إبراهيم عليه السلام وجميع ولده، وقيل: إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل عليه السلام والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ادعى أنه ينبئ عن ذلك المعطوف عليه فإنه حرم إبراهيم ومنشأ إسماعيل ومسقط رأس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم أجمعين. وقال الطبري [ ص: 135 ] والماوردي: يحتمل أن يكون الوالد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لتقدم ذكره، وما ولد أمته لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد».

                                                                                                                                                                                                                                      ولقراءة عبد الله: «وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم» وفي القسم بذلك مبالغة في شرفه عليه الصلاة والسلام وهو كما ترى. وقيل: المراد كل والد وولده من العقلاء وغيرهم، ونسب ذلك لابن عباس. وأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق عكرمة عنه أنه قال: الوالد الذي يلد، وما ولد العاقر الذي لا يلد من الرجال والنساء، ونسب إلى ابن جبير أيضا، فما عليه نافية فيحتاج إلى تقدير موصول يصح به المعنى الذي أريد كأنه قيل: ووالد والذي ما ولد، وإضمار الموصول في مثله لا يجوز عند البصريين ومع هذا هو خلاف الظاهر، ولعل ظاهر اللفظ عدم التعيين في المعطوفين، وظاهر العطف على هذا البلد إرادة من له دخل فيه وشهرة بنسبة البلد إليه أو المشهور في ذلك إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وتنكير «والد» على ما اختاره غير واحد للتعظيم وإيثار ما على من بناء على أن المراد ب «ما ولد» العاقل لإرادة الوصف فتفيد التعظيم في مقام المدح، وأنه مما لا يكتنه كنهه لشدة إبهامها، ولذا أفادت التعجب أو التعجيب وإن لم تكن استفهامية كما في قوله تعالى: والله أعلم بما وضعت أي: أي مولود عظيم الشأن وضعته، والتعظيم والتعجيب على تقدير أن يراد بما ولد ذرية آدم عليه السلام مثلا قيل: باعتبار التغليب وقيل: باعتبار الكثرة. وما خص به الإنسان من خواص البشر كالعقل وحسن الصورة، ومن تأمل في شؤون الإنسان من حيث هو إنسان يعلم أنه من تلك الحيثية معظم يتعجب منه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية