الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أمر التهدد والوعيد :

ووجه آخر : لفظه لفظ الأمر ، والمراد به التهدد ، والوعيد ، من ذلك قوله : ( قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه ) .

وقوله : ( قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ) .

وقوله لإبليس : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) .

وقوله : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) كل هذا على الوعيد ، والتغليظ تحذيرا ، وتهديدا ، لا على أمر التعبد ، ولا على الإباحة .

ومنه حديث المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من باع الخمر فليشقص الخنازير " .

608 - حدثنا إسحاق ، أنا وكيع ، ثنا طعمة الجعفري ، عن [ ص: 565 ] عمر بن بيان التغلبي ، عن عروة بن المغيرة ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من باع الخمر فليشقص الخنازير " .

قال وكيع : يقصبها .

* قال أبو عبد الله : قوله : فليشقص الخنازير ظاهره أمر ، وباطنه نهي ، فكذلك قوله : ( قولوا أسلمنا ) ليس هو أمر تعبد لهم بأن يقولوا أسلمنا لغير الله ، ولو قالوه ما كانوا مطيعين ، وكانوا كالذين قال : ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ) ، فقعدوا ، ولم يكونوا مطيعين بالقعود ، لأن قعودهم لم يكن لله ، وكذلك أولئك لم يكن إسلامه لله ، ولو كانوا أسلموا [ ص: 566 ] لله مخلصين له دينهم ، ثم قالوا : أسلمنا ، لكانوا مطيعين لله ، مؤمنين به ، لأن الإيمان بالله والإسلام لله لا يفترقان .

التالي السابق


الخدمات العلمية