الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إذا التقى الختانان

                                                                                                                                                                                                        287 حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام ح وحدثنا أبو نعيم عن هشام عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل تابعه عمرو بن مرزوق عن شعبة مثله وقال موسى حدثنا أبان قال حدثنا قتادة أخبرنا الحسن مثله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب إذا التقى الختانان ) المراد بهذه التثنية ختان الرجل والمرأة والختن قطع جلدة كمرته وخفاض المرأة والخفض قطع جليدة في أعلى فرجها تشبه عرف الديك بينها وبين مدخل الذكر جلدة رقيقة وإنما ثنيا بلفظ واحد تغليبا وله نظائر وقاعدته رد الأثقل إلى الأخف والأدنى إلى الأعلى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( هشام ) هو الدستوائي في الموضعين وإنما فرقهما ; لأن معاذا قال " حدثنا " وأبا نعيم قال " عن " وطريق معاذ إلى الصحابي كلهم بصريون .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إذا جلس ) لضمير المستتر فيه وفي قوله " جهد " للرجل والضميران البارزان في قوله " شعبها " و " جهدها " للمرأة ، وترك إظهار ذلك للمعرفة به ، وقد وقع مصرحا به في رواية لابن المنذر من وجه آخر عن أبي هريرة قال إذا غشي الرجل امرأته فقعد بين شعبها الحديث ، والشعب جمع شعبة وهي القطعة من الشيء قيل المراد هنا يداها ورجلاها وقيل رجلاها وفخذاها وقيل ساقاها وفخذاها وقيل فخذاها وإسكتاها وقيل فخذاها وشفراها وقيل نواحي فرجها الأربع قال الأزهري : الإسكتان ناحيتا الفرج ، والشفران طرف الناحيتين ورجح القاضي عياض الأخير واختار ابن دقيق العيد الأول ، قال : لأنه أقرب إلى الحقيقة أو هو حقيقة في الجلوس وهو كناية عن الجماع فاكتفى به عن التصريح .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم جهدها ) بفتح الجيم والهاء يقال جهد وأجهد أي بلغ المشقة ، قيل معناه كدها بحركته أو بلغ جهده في العمل بهاولمسلم من طريق شعبة عن قتادة " ثم اجتهد " ورواه أبو داود من طريق شعبة وهشام معا عن قتادة بلفظ " وألزق الختان بالختان " بدل قوله ثم جهدها وهذا يدل على أن الجهد هنا كناية عن معالجة الإيلاج ورواه البيهقي من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة مختصرا ولفظه إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وهذا مطابق للفظ الترجمة فكأن المصنف أشار إلى هذه الرواية كعادته في التبويب [ ص: 471 ] بلفظ إحدى روايات حديث الباب ، وروي أيضا بهذا اللفظ من حديث عائشة أخرجه الشافعي من طريق سعيد بن المسيب عنها وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف وابن ماجه من طريق القاسم بن محمد عنها ورجاله ثقات ورواه مسلم من طريق أبي موسى الأشعري عنها بلفظ ومس الختان الختان والمراد بالمس والالتقاء المحاذاة ويدل عليه رواية الترمذي بلفظ " إذا جاوز " وليس المراد بالمس حقيقته ; لأنه لا يتصور عند غيبة الحشفة ولو حصل المس قبل الإيلاج لم يجب الغسل بالإجماع قال النووي : معنى الحديث أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال وتعقب بأنه يحتمل أن يراد بالجهد الإنزال ; لأنه هو الغاية في الأمر فلا يكون فيه دليل والجواب أن التصريح بعدم التوقف على الإنزال قد ورد في بعض طرق الحديث المذكور فانتفى الاحتمال ففي رواية مسلم من طريق مطر الوراق عن الحسن في آخر هذا الحديث " وإن لم ينزل " ووقع ذلك في رواية قتادة أيضا رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن عفان قال حدثنا همام وأبان قالا حدثنا قتادة به وزاد في آخره " أنزل أو لم ينزل " وكذا رواه الدارقطني وصححه من طريق علي بن سهل عن عفان ، وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تابعه عمرو ) أي ابن مرزوق وصرح به في رواية كريمة وقد روينا حديثه موصولا في فوائد عثمان بن أحمد السماك حدثنا عثمان بن عمر الضبي حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن قتادة فذكر مثل سياق حديث الباب لكن قال " وأجهدها " وعرف بهذا أن شعبة رواه عن قتادة عن الحسن لا عن الحسن نفسه والضمير في تابعه يعود على هشام لا على قتادة .

                                                                                                                                                                                                        وقرأت بخط الشيخ مغلطاي أن رواية عمرو بن مرزوق هذه عند مسلم عن محمد بن عمرو بن جبلة عن وهب بن جرير وابن أبي عدي كلاهما عن عمرو بن مرزوق عن شعبة وتبعه بعض الشراح على ذلك وهو غلط فإن ذكر عمرو بن مرزوق في إسناد مسلم زيادة بل لم يخرج مسلم لعمرو بن مرزوق شيئا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال موسى ) أي ابن إسماعيل قال ( حدثنا ) وللأصيلي أخبرنا ( أبان ) وهو ابن يزيد العطار وأفادت روايته التصريح بتحديث الحسن لقتادة وقرأت بخط مغلطاي أيضا أن رواية موسى هذه عند البيهقي أخرجها من طريق عفان وهمام كلاهما عن موسى عن أبان وهو تخليط تبعه عليه أيضا بعض الشراح وإنما أخرجها البيهقي من طريق عفان عن همام وأبان جميعا عن قتادة فهمام شيخ عفان لا رفيقه وأبان رفيق همام لا شيخ شيخه ، ولا ذكر لموسى فيه أصلا بل عفان رواه عن أبان كما رواه عنه موسى فهو رفيقه لا شيخه والله الهادي إلى الصواب .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : زاد هنا في نسخة الصغاني : هذا أجود وأوكد وإنما بينا . . إلى آخر الكلام الآتي في آخر الباب الذي يليه ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية