الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ علل ]

                                                          علل : العل والعلل : الشربة الثانية ، وقيل : الشرب بعد الشرب تباعا ، يقال : علل بعد نهل .

                                                          وعله يعله ويعله إذا سقاه السقية الثانية ، وعل بنفسه ، يتعدى ولا يتعدى .

                                                          وعل يعل ويعل علا وعللا ، وعلت الإبل تعل وتعل إذا شربت الشربة الثانية .

                                                          ابن الأعرابي : عل الرجل يعل من المرض ، وعل يعل ويعل من علل الشراب .

                                                          قال ابن بري : وقد يستعمل العلل والنهل في الرضاع كما يستعمل في الورد ؛ قال ابن مقبل :


                                                          غزال خلاء تصدى له فترضعه درة أو علالا

                                                          واستعمل بعض الأغفال العل والنهل في الدعاء والصلاة فقال :


                                                          ثم انثنى من بعد ذا فصلى     على النبي نهلا وعلا

                                                          وعلت الإبل ، والآتي كالآتي ، والمصدر كالمصدر ، وقد يستعمل فعلى من العلل والنهل .

                                                          وإبل على : عوال ؛ حكاه ابن الأعرابي ؛ وأنشد لعاهان بن كعب :


                                                          تبك الحوض علاها ونهلا     ودون ذيادها عطن منيم

                                                          تسكن إليه فينيمها ، ورواه ابن جني : علاها ونهلى ، أراد ونهلاها فحذف واكتفى بإضافة علاها عن إضافة نهلاها ، وعلها يعلها ويعلها علا وعللا وأعلها .

                                                          الأصمعي : إذا وردت الإبل الماء فالسقية الأولى النهل ، والثانية العلل .

                                                          وأعللت الإبل إذا أصدرتها قبل ريها ، وفي أصحاب الاشتقاق من يقول هو بالغين المعجمة كأنه من العطش ، والأول هو المسموع .

                                                          أبو عبيد عن الأصمعي : أعللت الإبل فهي إبل عالة إذا أصدرتها ولم تروها ؛ قال أبو منصور : هذا تصحيف ، والصواب أغللت الإبل بالغين وهي إبل غالة .

                                                          وروى الأزهري [ ص: 260 ] عن نصير الرازي قال : صدرت الإبل غالة وغوال ، وقد أغللتها من الغلة والغليل وهو حرارة العطش ، وأما أعللت الإبل وعللتها فهما ضدا أغللتها ؛ لأن معنى أعللتها وعللتها أن تسقيها الشربة الثانية ثم تصدرها رواء ، وإذا علت فقد رويت ؛ وقوله :


                                                          قفي تخبرينا أو تعلي تحية لنا     أو تثيبي قبل إحدى الصوافق

                                                          إنما عنى أو تردي تحية ، كأن التحية لما كانت مردودة أو مرادا بها أن ترد صارت بمنزلة المعلولة من الإبل . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : من جزيل عطائك المعلول .

                                                          يريد أن عطاء الله مضاعف يعل به عباده مرة بعد أخرى . ومنه قصيد كعب :


                                                          كأنه منهل بالراح معلول

                                                          وعرض علي سوم عالة إذا عرض عليك الطعام وأنت مستغن عنه ، بمعنى قول العامة : عرض سابري . أي : لم يبالغ ؛ لأن العالة لا يعرض عليها الشرب عرضا يبالغ فيه كالعرض على الناهلة .

                                                          وأعل القوم : علت إبلهم وشربت العلل ؛ واستعمل بعض الشعراء العل في الإطعام وعداه إلى مفعولين .

                                                          أنشد ابن الأعرابي :


                                                          فباتوا ناعمين بعيش صدق     يعلهم السديف مع المحال

                                                          وأرى أن ما سوغ تعديته إلى مفعولين أن عللت هاهنا في معنى أطعمت ، فكما أن أطعمت متعدية إلى مفعولين كذلك عللت هنا متعدية إلى مفعولين ؛ وقوله :


                                                          وأن أعل الرغم علا علا

                                                          جعل الرغم بمنزلة الشراب ، وإن كان الرغم عرضا ، كما قالوا : جرعته الذل وعداه إلى مفعولين ، وقد يكون هذا بحذف الوسيط كأنه قال : يعلهم بالسديف وأعل بالرغم ، فلما حذف الباء أوصل الفعل ، والتعليل سقي بعد سقي وجني الثمرة مرة بعد أخرى .

                                                          وعل الضارب المضروب إذا تابع عليه الضرب ؛ ومنه حديث عطاء أو النخعي في رجل ضرب بالعصا رجلا فقتله قال : إذا عله ضربا ففيه القود . أي : إذا تابع عليه الضرب ، من علل الشرب .

                                                          والعلل من الطعام : ما أكل منه ؛ عن كراع .

                                                          وطعام قد عل منه . أي : أكل .

                                                          وقوله أنشده أبو حنيفة :


                                                          خليلي هبا عللاني وانظرا إلى     البرق ما يفري السنى كيف يصنع

                                                          فسره فقال : عللاني حدثاني ، وأراد انظرا إلى البرق وانظرا إلى ما يفري السنى ، وفريه عمله .

                                                          وكذلك قوله :


                                                          خليلي هبا عللاني وانظرا إلى     البرق ما يفري سنى وتبسما

                                                          وتعلل بالأمر واعتل : تشاغل ؛ قال :


                                                          فاستقبلت ليلة خمس حنان     تعتل فيه برجيع العيدان

                                                          أي : أنها تشاغل بالرجيع الذي هو الجرة تخرجها وتمضغها .

                                                          وعلله بطعام وحديث ونحوهما : شغله بهما ؛ يقال : فلان يعلل نفسه بتعلة .

                                                          وتعلل به أي : تلهى به وتجزأ ، وعللت المرأة صبيها بشيء من المرق ونحوه ليجزأ به عن اللبن ؛ قالجرير :


                                                          تعلل وهي ساغبة بنيها     بأنفاس من الشبم القراح

                                                          يروى أن جريرا لما أنشد عبد الملك بن مروان هذا البيت قال له : لا أروى الله عيمتها ! وتعلة الصبي أي : ما يعلل به ليسكت .

                                                          وفي حديث أبي حثمة يصف التمر : تعلة الصبي وقرى الضيف .

                                                          والتعلة والعلالة : ما يتعلل به .

                                                          وفي الحديث : أنه أتي بعلالة الشاة فأكل منها .

                                                          أي : بقية لحمها .

                                                          والعلل أيضا : جمع العلول ، وهو ما يعلل به المريض من الطعام الخفيف ، فإذا قوي أكله فهو الغلل جمع الغلول . ويقال لبقية اللبن في الضرع وبقية قوة الشيخ : علالة ، وقيل : علالة الشاة ما يتعلل به شيئا بعد شيء من العلل الشرب بعد الشرب .

                                                          ومنه حديث عقيل بن أبي طالب : قالوا فيه بقية من علالة . أي : بقية من قوة الشيخ .

                                                          والعلالة والعراكة والدلاكة : ما حلبت قبل الفيقة الأولى وقبل أن تجتمع الفيقة الثانية ؛ عن ابن الأعرابي .

                                                          ويقال لأول جري الفرس : بداهته ، وللذي يكون بعده : علالته ؛ قال الأعشى :


                                                          إلا بداهة أو علا     لة سابح نهد الجزاره

                                                          والعلالة : بقية اللبن وغيره حتى إنهم ليقولون لبقية جري الفرس علالة ، ولبقية السير علالة .

                                                          ويقال : تعاللت نفسي وتلومتها . أي : استزدتها . وتعاللت الناقة إذا استخرجت ما عندها من السير ؛ وقال :


                                                          وقد تعاللت ذميل العنس

                                                          وقيل : العلالة اللبن بعد حلب الدرة تنزله الناقة . قال :


                                                          أحمل أمي وهي الحماله


                                                          ترضعني الدرة والعلاله


                                                          ولا يجازى والد فعاله

                                                          وقيل : العلالة أن تحلب الناقة أول النهار وآخره وتحلب وسط النهار ، فتلك الوسطى هي العلالة ، وقد تدعى كلهن علالة . وقد عاللت الناقة ، والاسم العلال . وعاللت الناقة علالا : حلبتها صباحا ومساء ونصف النهار .

                                                          قال أبو منصور : العلال الحلب بعد الحلب قبل استيجاب الضرع للحلب بكثرة اللبن ، وقال بعض الأعراب :


                                                          العنز تعلم أني لا أكرمها     عن العلال ولا عن قدر أضيافي

                                                          والعلالة بالضم : ما تعللت به أي : لهوت به . وتعللت بالمرأة تعللا : لهوت بها .

                                                          والعل : الذي يزور النساء . والعل : التيس الضخم العظيم ؛ قال :


                                                          وعلهبا من التيوس علا

                                                          والعل : القراد الضخم ، وجمعها علال ، وقيل : هو القراد المهزول ، وقيل : هو الصغير الجسم .

                                                          والعل : الكبير المسن .

                                                          ورجل عل : مسن نحيف ضعيف صغير الجثة ، شبه بالقراد فيقال : كأنه عل ؛ قال المتنخل الهذلي :


                                                          ليس بعل كبير لا شباب له     لكن أثيلة صافي الوجه مقتبل

                                                          أي : مستأنف الشباب ، وقيل : العل المسن الدقيق الجسم من كل [ ص: 261 ] شيء . والعلة : الضرة .

                                                          وبنو العلات : بنو رجل واحد من أمهات شتى ؛ سميت بذلك لأن الذي تزوجها على أولى قد كانت قبلها ثم عل من هذه .

                                                          قال ابن بري : وإنما سميت علة ؛ لأنها تعل بعد صاحبتها ، من العلل ؛ قال :


                                                          عليها ابن علات إذا اجتش منزلا     طوته نجوم الليل وهي بلاقع

                                                          إنما عنى بابن علات أن أمهاته لسن بقرائب .

                                                          ويقال : هما أخوان من علة . وهما ابنا علة : أماهما شتى والأب واحد ، وهم بنو العلات ، وهم من علات ، وهم إخوة من علة وعلات ، كل هذا من كلامهم . ونحن أخوان من علة ، وهو أخي من علة ، وهما أخوان من ضرتين ، ولم يقولوا من ضرة ؛ وقال ابن شميل : هم بنو علة وأولاد علة ؛ وأنشد :


                                                          وهم لمقل المال أولاد علة وإن     كان محضا في العمومة مخولا

                                                          ابن شميل : الأخياف اختلاف الآباء وأمهم واحدة ، وبنو الأعيان الإخوة لأب وأم واحد .

                                                          وفي الحديث : الأنبياء أولاد علات .

                                                          معناه أنهم لأمهات مختلفة ودينهم واحد ؛ كذا في التهذيب وفي النهاية لابن الأثير ، أراد أن إيمانهم واحد وشرائعهم مختلفة .

                                                          ومنه حديث علي - رضي الله عنه - : يتوارث بنو الأعيان من الإخوة دون بني العلات .

                                                          أي : يتوارث الإخوة للأم والأب ، وهم الأعيان ، دون الإخوة للأب إذا اجتمعوا معهم .

                                                          قال ابن بري : يقال لبني الضرائر بنو علات ، ويقال لبني الأم الواحدة بنو أم ، ويصير هذا اللفظ يستعمل للجماعة المتفقين ، وأبناء علات يستعمل في الجماعة المختلفين ؛ قال عبد المسيح :


                                                          والناس أبناء علات فمن علموا     أن قد أقل فمجفو ومحقور
                                                          وهم بنو أم من أمسى له نشب     فذاك بالغيب محفوظ ومنصور

                                                          وقال آخر :


                                                          أفي الولائم أولادا لواحدة     وفي المآتم أولادا لعلات

                                                          وقد اعتل العليل علة صعبة ، والعلة المرض .

                                                          عل يعل واعتل أي : مرض ، فهو عليل ، وأعله الله ، ولا أعلك الله أي : لا أصابك بعلة .

                                                          واعتل عليه بعلة واعتله إذا اعتاقه عن أمر .

                                                          واعتله تجنى عليه .

                                                          والعلة : الحدث يشغل صاحبه عن حاجته ، كأن تلك العلة صارت شغلا ثانيا منعه عن شغله الأول .

                                                          وفي حديث عاصم بن ثابت : ما علتي وأنا جلد نابل ؟ أي : ما عذري في ترك الجهاد ومعي أهبة القتال ، فوضع العلة موضع العذر .

                                                          وفي المثل : لا تعدم خرقاء علة ، يقال هذا لكل معتل ومعتذر وهو يقدر .

                                                          والمعلل : دافع جابي الخراج بالعلل ، وقد اعتل الرجل .

                                                          وهذا علة لهذا . أي : سبب .

                                                          وفي حديث عائشة : فكان عبد الرحمن يضرب رجلي بعلة الراحلة . أي : بسببها ، يظهر أنه يضرب جنب البعير برجله وإنما يضرب رجلي .

                                                          وقولهم : على علاته . أي : على كل حال .

                                                          وقال :


                                                          وإن ضربت على العلات     أجت أجيج الهقل من خيط النعام

                                                          وقال زهير :


                                                          إن البخيل ملوم حيث كان ول     كن الجواد على علاته هرم

                                                          والعليلة : المرأة المطيبة طيبا بعد طيب ؛ قال وهو من قوله :


                                                          ولا تبعديني من جناك المعلل

                                                          أي : المطيب مرة بعد أخرى ، ومن رواه المعلل فهو الذي يعلل مترشفه بالريق .

                                                          وقال ابن الأعرابي : المعلل المعين بالبر بعد البر . وحروف العلة والاعتلال : الألف والياء والواو ، سميت بذلك للينها وموتها .

                                                          واستعمل أبو إسحاق لفظة المعلول في المتقارب من العروض ، فقال : وإذا كان بناء المتقارب على فعولن فلا بد من أن يبقى فيه سبب غير معلول ، وكذلك استعمله في المضارع فقال : أخر المضارع في الدائرة الرابعة ؛ لأنه وإن كان في أوله وتد فهو معلول الأول ، وليس في أول الدائرة بيت معلول الأول ، وأرى هذا إنما هو على طرح الزائد كأنه جاء على عل وإن لم يلفظ به ، وإلا فلا وجه له ، والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول في مثل هذا كثيرا .

                                                          قال ابن سيده : وبالجملة فلست منها على ثقة ولا على ثلج ؛ لأن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل ، اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه من قولهم مجنون ومسلول ، من أنه جاء على جننته وسللته ، وإن لم يستعملا في الكلام استغني عنهما بأفعلت ؛ قال : وإذا قالوا جن وسل فإنما يقولون : جعل فيه الجنون والسل كما قالوا : حزن وفسل .

                                                          ومعلل : يوم من أيام العجوز السبعة التي تكون في آخر الشتاء ؛ لأنه يعلل الناس بشيء من تخفيف البرد ، وهي : صن وصنبر ووبر ومعلل ومطفئ الجمر وآمر ومؤتمر ، وقيل : إنما هو محلل ؛ وقد قال فيه بعض الشعراء فقدم وأخر لإقامة وزن الشعر :


                                                          كسع الشتاء بسبعة غبر     أيام شهلتنا من الشهر
                                                          فإذا مضت أيام شهلتنا     صن وصنبر مع الوبر
                                                          وبآمر وأخيه مؤتمر     ومعلل وبمطفئ الجمر
                                                          ذهب الشتاء موليا هربا     وأتتك واقدة من النجر

                                                          ويروى ( محلل ) مكان معلل ، والنجر الحر .

                                                          واليعلول : الغدير الأبيض المطرد .

                                                          واليعاليل : حباب الماء .

                                                          واليعلول : الحبابة من الماء ، وهو أيضا السحاب المطرد ، وقيل : القطعة البيضاء من السحاب .

                                                          واليعاليل : سحائب بعضها فوق بعض ، الواحد يعلول ؛ قال الكميت :


                                                          كأن جمانا واهي السلك فوقه     كما انهل من بيض يعاليل تسكب

                                                          ومنه قول كعب :


                                                          من صوب سارية بيض يعاليل

                                                          ويقال : اليعاليل نفاخات تكون فوق الماء من وقع المطر ، والياء زائدة .

                                                          واليعلول : المطر بعد المطر ، وجمعه اليعاليل .

                                                          وصبغ يعلول : [ ص: 262 ] عل مرة بعد أخرى .

                                                          ويقال للبعير ذي السنامين : يعلول وقرعوس وعصفوري . وتعللت المرأة من نفاسها وتعالت : خرجت منه وطهرت وحل وطؤها .

                                                          والعلعل والعلعل الفتح عن كراع اسم الذكر جميعا ، وقيل : هو الذكر إذا أنعظ ، وقيل : هو الذي إذا أنعظ ولم يشتد .

                                                          وقال ابن خالويه : العلعل الجردان إذا أنعظ ، والعلعل رأس الرهابة من الفرس .

                                                          ويقال : العلعل طرف الضلع الذي يشرف على الرهابة وهي طرف المعدة ، والجمع علل وعل وعل ، وقيل : العلعل بالضم الرهابة التي تشرف على البطن من العظم كأنه لسان .

                                                          والعلعل والعلعال : الذكر من القنابر .

                                                          وفي الصحاح : الذكر من القنافذ .

                                                          والعلعول : الشر .

                                                          الفراء : إنه لفي علعول شر وزلزول شر . أي : في قتال واضطراب .

                                                          والعلية بالكسر : الغرفة ، والجمع العلالي ، وهو يذكر أيضا في المعتل .

                                                          أبو سعيد : والعرب تقول أنا علان بأرض كذا وكذا . أي : جاهل .

                                                          وامرأة علانة : جاهلة ، وهي لغة معروفة .

                                                          قال أبو منصور : لا أعرف هذا الحرف ، ولا أدري من رواه عن أبي سعيد . وتعلة : اسم رجل ؛ قال :


                                                          ألبان إبل تعلة بن مسافر     ما دام يملكها علي حرام

                                                          وعل عل : زجر للغنم ؛ عن يعقوب .

                                                          الفراء : العرب تقول للعاثر لعا لك ! وتقول : عل ولعل وعلك ولعلك بمعنى واحد ؛ قال العبدي :

                                                          وإذا يعثر في تجمازه أقبلت تسعى وفدته لعل وأنشد للفرزدق :


                                                          إذا عثرت بي قلت علك وانتهى     إلى باب أبواب الوليد كلالها

                                                          وأنشد الفراء :


                                                          فهن على أكتافها ورماحنا يقلن     لمن أدركن تعسا ولا لعا

                                                          شددت اللام في قولهم علك لأنهم أرادوا عل لك ، وكذلك لعلك إنما هو لعل لك ، قال الكسائي : العرب تصير لعل مكان لعا وتجعل لعا مكان لعل ؛ وأنشد في ذلك البيت ، أراد ولا لعل ، ومعناهما ارتفع من العثرة ؛ وقال في قوله :


                                                          عل صروف الدهر أو دولاتها     يدلننا اللمة من لماتها

                                                          معناه عا لصروف الدهر ، فأسقط اللام من لعا لصروف الدهر وصير نون لعا لاما ؛ لقرب مخرج النون من اللام ، هذا على قول من كسر صروف ، ومن نصبها جعل عل بمعنى لعل فنصب صروف الدهر ، ومعنى لعا لك أي : ارتفاعا ؛ قال ابن رومان : وسمعت الفراء ينشد : عل صروف الدهر ، فسألته : لم تكسر عل صروف ؟ فقال : إنما معناه لعا لصروف الدهر ودولاتها ، فانخفضت صروف باللام والدهر بإضافة الصروف إليها ، أراد أو لعا لدولاتها ليدلننا من هذا التفرق الذي نحن فيه اجتماعا ولمة من اللمات .

                                                          قال : دعا لصروف الدهر ولدولاتها لأن لعا معناه ارتفاعا وتخلصا من المكروه ، قال : وأو بمعنى الواو في قوله أو دولاتها ، وقال : يدلننا فألقى اللام وهو يريدها كقوله :


                                                          لئن ذهبت إلى الحجاج يقتلني

                                                          أراد ليقتلني .

                                                          ولعل ولعل طمع وإشفاق ، ومعناهما التوقع لمرجو أو مخوف ؛ قال العجاج :


                                                          يا أبتا علك أو عساكا

                                                          وهما كعل ؛ قال بعض النحويين : اللام زائدة مؤكدة ، وإنما هو عل ، وأما سيبويه فجعلهما حرفا واحدا غير مزيد ، وحكى أبو زيد أن لغة عقيل لعل زيد منطلق بكسر اللام من لعل وجر زيد ؛ قال كعب بن سويد الغنوي :


                                                          فقلت ادع أخرى وارفع الصوت     ثانيا لعل أبي المغوار منك قريب

                                                          وقال الأخفش : ذكر أبو عبيدة أنه سمع لام لعل مفتوحة في لغة من يجر بها في قول الشاعر :


                                                          لعل الله يمكنني عليها جهارا     من زهير أو أسيد

                                                          وقوله تعالى : لعله يتذكر أو يخشى قال سيبويه : والعلم قد أتى من وراء ما يكون ولكن اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما ومبلغكما من العلم وليس لهما أكثر من ذا ما لم يعلما .

                                                          وقال ثعلب : معناه كي يتذكر .

                                                          أخبر محمد بن سلام عن يونس أنه سأله عن قوله تعالى : فلعلك باخع نفسك و فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك قال : معناه كأنك فاعل ذلك إن لم يؤمنوا ، قال : ولعل لها مواضع في كلام العرب ، ومن ذلك قوله : ( لعلكم تذكرون ) و ( لعلكم تتقون ) و لعله يتذكر قال : معناه كي تتذكروا كي تتقوا ، كقولك ابعث إلي بدابتك لعلي أركبها ، بمعنى كي أركبها ، وتقول : انطلق بنا لعلنا نتحدث أي : كي نتحدث ؛ قال ابن الأنباري : لعل تكون ترجيا ، وتكون بمعنى كي على رأي الكوفيين ؛ وينشدون :


                                                          فأبلوني بليتكم لعلي     أصالحكم وأستدرج نويا

                                                          وتكون ظنا كقولك لعلي أحج العام ، ومعناه أظنني سأحج ، كقول امرئ القيس :


                                                          لعل منايانا تبدلن أبؤسا

                                                          أي : أظن منايانا تبدلن أبؤسا .

                                                          وكقول صخر الهذلي :

                                                          لعلك هالك أما غلام تبوأ من شمنصير مقاما وتكون بمعنى عسى كقولك : لعل عبد الله يقوم ، معناه عسى عبد الله ؛ وذلك بدليل دخول أن في خبرها في نحو قول متمم :


                                                          لعلك يوما أن تلم ملمة عليك     من اللاتي يدعنك أجدعا

                                                          وتكون بمعنى الاستفهام كقولك : لعلك تشتمني فأعاقبك ؟ معناه هل تشتمني ، وقد جاءت في التنزيل بمعنى كي ، وفي حديث حاطب : وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .

                                                          ظن بعضهم أن معنى لعل هاهنا من جهة الظن والحسبان ، وليس كذلك وإنما هي بمعنى عسى ، وعسى ولعل من الله تحقيق .

                                                          ويقال : علك تفعل وعلي أفعل ولعلي أفعل .

                                                          وربما قالوا : علني ولعني ولعلني .

                                                          وأنشد أبو زيد :

                                                          [ ص: 263 ]

                                                          أريني جوادا مات هزلا لعلني     أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا

                                                          قال ابن بري : ذكر أبو عبيدة أن هذا البيت لحطائط بن يعفر ، وذكر الحوفي أنه لدريد ، وهذا البيت في قصيدة لحاتم معروفة مشهورة .

                                                          وعل ولعل : لغتان بمعنى ، مثل إن وليت وكأن ولكن إلا أنها تعمل عمل الفعل لشبههن به فتنصب الاسم وترفع الخبر كما تفعل كان وأخواتها من الأفعال .

                                                          وبعضهم يخفض ما بعدها فيقول : لعل زيد قائم ؛ سمعه أبو زيد من عقيل .

                                                          وقالوا : لعلت ، فأنثوا لعل بالتاء ، ولم يبدلوها هاء في الوقف كما لم يبدلوها في ربت وثمت ولات ؛ لأنه ليس للحرف قوة الاسم وتصرفه .

                                                          وقالوا : لعنك ولغنك ورعنك ورغنك ؛ كل ذلك على البدل ، قال يعقوب : قال عيسى بن عمر سمعت أبا النجم يقول :


                                                          اغد لعلنا في الرهان نرسله

                                                          أراد لعلنا ، وكذلك لأنا ولأننا ؛ قال : وسمعت أبا الصقر ينشد :


                                                          أريني جوادا مات هزلا لأنني     أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا

                                                          وبعضهم يقول : لونني .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية