الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب النهي عن النذور

                                                                      3287 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد ح و حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن منصور عن عبد الله بن مرة قال عثمان الهمداني عن عبد الله بن عمر قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النذر ثم اتفقا ويقول لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل قال مسدد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النذر لا يرد شيئا

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ينهى عن النذر ) قال الخطابي : معنى نهيه عليه السلام عن النذر إنما هو تأكيد لأمره وتحذير التهاون به بعد إيجابه ، ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل لكان في [ ص: 86 ] ذلك إبطال حكمه وإسقاط لزوم الوفاء به إذا كان بالنهي عنه قد صار معصية فلا يلزم الوفاء به ، وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك أمر مما لا يجلب لهم في العاجل نفعا ولا يدفع عنهم ضررا ، فلا يرد شيئا قضاه الله تعالى ، يقول : لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئا لم يقدره الله لكم ، أو تصرفون عن أنفسكم شيئا جرى القضاء به عليكم ، فإذا فعلتم ذلك فاخرجوا عنه بالوفاء به ، فإن الذي نذرتموه لازم لكم . هذا معنى الحديث ووجهه . وقوله عليه السلام : إنما يستخرج به من البخيل فثبت بذلك وجوب استخراجه من ماله ، ولو كان غير لازم له لم يجز أن يكره عليه والله أعلم ( لا يرد شيئا ) قال الخطابي : فيه دليل على أن النذر إنما يصح إذا كان معلقا بشيء كما يقول : إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بألف درهم ، وإن قدم غائبي أو سلم مالي في نحو ذلك من الأمور . فأما إذا قال : علي أن أتصدق بألف درهم فليس هذا بنذر ، وإلى هذا ذهب الشافعي في أحد قوليه وهو غالب مذهبه . وحكي عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال : النذر وعد بشرط . وقال أبو حنيفة : النذر لازم وإن لم يعلق بشرط والله أعلم ( وإنما يستخرج به ) أي بسبب النذر ( من البخيل ) لأن غير البخيل يعطي باختياره بلا واسطة النذر .

                                                                      قال العيني : يعني أن من الناس من لا يسمح بالصدقة والصوم إلا إذا نذر شيئا لخوف أو طمع ، فكأنه لو لم يكن ذلك الشيء الذي طمع فيه أو خافه لم يسمح بإخراج ما قدره الله تعالى ما لم يكن يفعله فهو بخيل انتهى .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه انتهى .

                                                                      قال المزي في الأطراف : حديث عبد الله بن مرة الهمداني الحارثي الكوفي عن ابن عمر أخرجه البخاري في القدر وفي النذر ، ومسلم في النذور ، والنسائي فيه ، وابن ماجه في الكفارات ، وأبو داود في النذور عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير ، وعن مسدد عن أبى عوانة عن منصور عن عبد الله بن مرة . وحديث مسدد في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسة ، ولم يذكره أبو القاسم انتهى كلامه . فجرير وأبو عوانة كلاهما يرويان عن منصور والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية