الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس

                                                                      3305 حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد أخبرنا حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رجلا قام يوم الفتح فقال يا رسول الله إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين قال صل هاهنا ثم أعاد عليه فقال صل هاهنا ثم أعاد عليه فقال شأنك إذن قال أبو داود روي نحوه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا مخلد بن خالد حدثنا أبو عاصم ح و حدثنا عباس العنبري المعنى حدثنا روح عن ابن جريج أخبرني يوسف بن الحكم بن أبي سفيان أنه سمع حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وعمرو وقال عباس ابن حنة أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر زاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لأجزأ عنك صلاة في بيت المقدس قال أبو داود رواه الأنصاري عن ابن جريج فقال جعفر بن عمر وقال عمرو بن حية وقال أخبراه عن عبد الرحمن بن عوف وعن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 103 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 103 ] ( صل هاهنا ) : وفيه دليل على أن من نذر بصلاة أو صدقة أو نحوهما في مكان ليس بأفضل من مكان الناذر فإنه لا يجب عليه الوفاء بإيقاع المنذور به في ذلك بل يكون الوفاء بالفعل في مكان الناذر .

                                                                      وقد أخرج أحمد عن كردم بن سفيان : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر نذره في الجاهلية فقال له ألوثن أو لنصب ؟ قال : لا ولكن لله ، فقال : أوف لله ما جعلت له انحر على بوانة وأوف بنذرك وفي لفظ له قال يا رسول الله إني نذرت أن أنحر ببوانة وسيجيء بعد الباب ، فدل ذلك على أنه يتعين مكان النذر ما لم يكن معصية . والجمع بينهما أن المكان لا يتعين حتما ، بل يجوز فعل المنذور به في غيره فيكون ما هنا بيانا للجواز . ويمكن الجمع بأن يتعين مكان النذر إذا كان مساويا للمكان الذي فيه الناذر أو أفضل منه ، لا إذا كان المكان الذي فيه الناذر فوقه في الفضيلة . ويؤيد هذا الجمع ما أخرجه أحمد ومسلم من حديث ابن عباس " أن امرأة شكت شكوى فقالت : إن شفاني الله تعالى فلأخرجن فلأصلين في بيت المقدس فبرأت ثم تجهزت تريد الخروج ، فجاءت ميمونة تسلم عليها فأخبرتها بذلك فقالت : اجلسي وصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة ففي حديث ميمونة من تعليل ما أفتت به ببيان أفضلية المكان الذي فيه الناذرة في الشيء المنذور به وهو الصلاة ( شأنك ) : بالنصب على المفعول به أي الزم شأنك والمعنى أنت تعلم حالك ( إذا ) : بالتنوين جواب وجزاء أي إذا أبيت أن تصلي هاهنا فافعل ما نذرت به من صلاتك في بيت المقدس . [ ص: 104 ] والحديث سكت عنه المنذري . وأخرجه أيضا الدارمي والبيهقي والحاكم وصححه أيضا الحافظ تقي الدين بن دقيق العيد والله أعلم .

                                                                      ( حدثنا مخلد بن خالد ) : قال الحافظ المزي : الحديث أخرجه أبو داود في النذور عن مخلد بن خالد ، عن أبي عاصم ، وعن أبي العباس العنبري عن روح بن عبادة كلاهما عن ابن جريج عن يوسف بن الحكم بن أبي سفيان أنه سمع حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن حنة أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى . ( أنه سمع ) : أي أن يوسف سمع من حفص بن عمر ومن عمرو بن حنة ( وعمر ) : بضم العين هكذا مضبوط في بعض النسخ . وأما في بعض النسخ فعمرو بفتح العين وهو معطوف على قوله حفص ( وقال عباس ) : العنبري شيخ المؤلف في روايته ابن حنة أي عمرو بن حنة وأما مخلد بن خالد شيخه فقال : عمرو بغير ذكر اسم أبيه حنة .

                                                                      وقال الحافظ في التقريب : عمر بن حنة بنون صوابه عمرو انتهى .

                                                                      وقال في موضع آخر : عمرو بن حنة بالنون الثقيلة ويقال بالتحتانية ويقال فيه عمر مقبول انتهى .

                                                                      وقال الذهبي في كتابه المشتبه : حية بالتحتانية جماعة وبالنون عمرو بن حنة روى حديثه ابن جريج ( أخبراه ) : الضمير المرفوع إلى حفص وعمرو بن حنة ، والضمير المنصوب إلى يوسف ( بهذا الخبر ) : أي بخبر جابر بن عبد الله ( زاد ) : أي زاد الراوي في هذا الحديث سكت عنه المنذري .

                                                                      [ ص: 105 ] وقال الشوكاني : وله طرق رجال بعضها ثقات ، وقد تقرر أن جهالة الصحابي لا تضر ( رواه الأنصاري ) : أي محمد بن عبد الله بن المثنى ( فقال جعفر بن عمر ) : مكان حفص بن عمر ( وقال عمرو بن حية ) : أي بالياء التحتانية وجعله من مسندات عبد الرحمن بن عوف ومن مسندات بعض الصحابة والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية