الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب من نذر نذرا لا يطيقه

                                                                      3322 حدثنا جعفر بن مسافر التنيسي عن ابن أبي فديك قال حدثني طلحة بن يحيى الأنصاري عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا أطاقه فليف به قال أبو داود روى هذا الحديث وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد بن أبي الهند أوقفوه على ابن عباس

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( من نذر نذرا لم يسمه ) : أي الناذر ، بأن قال : نذرت نذرا ، أو علي نذر ولم يعين النذر أنه صوم أو غيره .

                                                                      [ ص: 134 ] وفيه دليل على أن كفارة اليمين إنما تجب فيما كان من النذور غير مسمى .

                                                                      قال النووي : اختلف العلماء في المراد بهذا الحديث ، فجعله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج ، فهو مخير بين الوفاء بالنذر أو الكفارة ، وحمله مالك وكثيرون على النذر المطلق كقوله : علي نذر ، وحمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذر ، وقالوا : هو مخير في جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة اليمين انتهى . قال الشوكاني : والظاهر اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسم لأن حمل المطلق على القيد واجب . وأما النذور المسماة إن كانت طاعة فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين وإن كانت مقدورة وجب الوفاء بها سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال ، وإن كانت معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد ولا يلزم فيها الكفارة ، وإن كانت مباحة مقدورة فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة لوقوع الأمر بها في قصة الناذرة بالمشي ، وإن كانت غير مقدورة ففيها الكفارة لعموم ومن نذر نذرا لم يطقه هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة انتهى .

                                                                      وكلامه هذا حسن جدا ( ومن نذر نذرا لا يطيقه ) : كحمل جبل أو رفع حمل أو المشي إلى بيت الله ونحوه ( فليف به ) : أمر غائب من وفى يفي ، والمعنى فليف به أو ليكفر ، وإنما اقتصر على الأول لأن البر في اليمين أولى إلا إذا كانت معصية .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه . وفي حديث إسناد ابن ماجه من لا يعتمد عليه ، وليس فيه " ومن نذر نذرا في معصية ، انتهى .

                                                                      ( أوقفوه ) : أي أوقف هذا الحديث وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد على عبد الله بن عباس ولم يرفعوه ، وأما طلحة بن يحيى الأنصاري فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .




                                                                      الخدمات العلمية