الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      وهب صوفا على ظهور الغنم أو اللبن في الضروع أو الثمر في رءوس النخل قلت : أرأيت إن وهبت لرجل صوفا على ظهور غنمي ، أيجوز ؟ أو لبنا في ضروعها أيجوز ؟ أو ثمرا في رءوس النخل ؟ قال : نعم . ذلك جائز كله في قول مالك . قلت : وكيف يكون قبضه اللبن في الضروع والصوف على الظهور أو الثمر في رءوس النخل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن حاز الماشية ليجز أصوافها أو ليحلبها أو حاز النخل حتى يصرمها فهذا قبض . قلت : وعلى ما قلته من قول مالك ، ولم جعلته قبضا وهو لم يبن بما وهب له ولم يتخلصه من مال الواهب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قلته على المرتهن من قول مالك ، إن الرجل إذا ارتهن الثمرة في رءوس النخل فحاز الحائط إن ذلك قبض ، كذلك قال مالك . والرهن في قول مالك ، لا يكون إلا مقبوضا ، فكذلك الهبة والصدقة بهذه المنزلة .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : في الرجل يرتهن الزرع قبل أن يبدو صلاحه : إن ذلك جائز إذا قبض ، وقبضه أن تسلم إليه الأرض ، فإذا حاز الأرض التي فيها الزرع فقد قبض ، فعلى هذا قلت لك مسألتك . وأما قولك إن الهبة لم يتخلصها من الواهب فهذا ما لا يضره . ألا ترى أنه قد قبض هبته وقبض معها مالا هو للواهب ، فإنما يؤمر أن يتخلص هبته ويرد مال الواهب إلى الواهب .

                                                                                                                                                                                      قال : وأما اللبن ، فإن قول مالك إن الرجل إذا منح الرجل لبن غنمه شهرا أو أكثر من ذلك فقبض الغنم إن قبضه للغنم حيازة له ، ألا ترى أيضا أنه لو أخدمه عبده شهرا فقبض الغلام ، فهو قابض للخدمة . وكذلك لو أسكنه داره سنة فقبض الدار ، لقبضه الدار قبض للسكنى .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية