الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإذا كان المأموم يرى من وراء الإمام ، صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف ، وإن لم ير من وراءه لم تصح . وعنه : تصح إذا كانا في المسجد . ولا يكون الإمام أعلى من المأموم ، فإن فعل وكان كثيرا ، فهل تصح صلاته ؛ على وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإذا كان المأموم يرى ) الإمام أو ( من وراء الإمام صحت صلاته إذا اتصلت الصفوف ) جزم به الخرقي ، والمؤلف في " الكافي " ، و " نهاية " أبي العالي ; لأنه أمكنه الاقتداء بإمامه من غير خلل ، فوجب أن يصح ، لانتفاء عدم الرؤية وعدم الاتصال المفسدين لها ، وكما لو صلى في الصف الأول ، ويرجع فيه إلى العرف ، وفي " التلخيص " ، و " الرعاية " أو ثلاثة أذرع ، لظاهر الأمر بالدنو من الإمام إلا ما خصه الدليل ، وفسره في " المغني " ببعد غير معتاد ، ولا يمنع الاقتداء ، ومعناه في " الشرح " " والمذهب " على أنه لا يعتبر اتصال الصفوف في المسجد ، قال أبو الحسن الآمدي : لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد ، وليس بينه وبين الإمام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداؤه به ، وإن لم تتصل الصفوف ; لأن المسجد بني للجماعة ، فكل من حصل في محل الجماعة ، بخلاف خارج المسجد ، فإنه ليس معدا للاجتماع فيه ، فلذلك اشترط الاتصال فيه ( وإن لم ير من وراءه لم تصح ) قدمه ابن تميم [ ص: 90 ] وهو ظاهر كلامه ، وصرح به في الخلاصة لقول عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها : لا تصلين بصلاة الإمام ، فإنكن دونه في حجاب . فعللت النهي بالحجاب ; وهو موجود هنا ، ولأنه لا يمكنه الاقتداء في الغالب ، كما لو لم يسمع التكبير ( وعنه تصح إذا كانا في المسجد ) أي : إذا صلى في المسجد بسماع التكبير فيه ، ولم ير إمامه ، ولا بعض من معه ، صح ، صححه ابن عقيل ، وفي " الكافي " ، وقدمه في " المحرر " ، و " الرعاية " ، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " لأنهم في موضع الجماعة ، ويمكنهم الاقتداء به بسماع التكبير ، أشبه المشاهدة ، وعنه : في النفل ، وعنه ، والفرض مطلقا لظلمة وضرر ، فيدخل فيه الجمعة . وقيل : تصح فيها رواية واحدة .

                                                                                                                          تتمات : إذا اقتدى به خارج المسجد وهو يراه ، أو من خلفه في بعض الصلاة صح ، جزم به أبو الحسين ، وذكره المجد الصحيح في " المذهب " ، ولو جاوز ثلاثمائة ذراع ، أو كانت جمعة في دار ودكان ، واعتبر جماعة اتصال الصفوف عرفا ، فإن كان بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق ، ولم تتصل الصفوف ، إن صحت الصلاة فيه ، لم يمنع الاقتداء في رواية ، اختاره المؤلف وغيره ، لعدم النص في ذلك والإجماع ، وقال صاحب " المحرر " : هو القياس ترك للآثار ، قال في " الكافي " : إلا أن يكون ذلك عريضا يمنع الاتصال ، وعنه : يمنع ، اختاره الأكثر للآثار ، ومثله : إذا كان بسفينة ، وإمامه في أخرى ; لأن الماء طريق ، وليست الصفوف متصلة ، والمراد في غير شدة الخوف كما ذكره القاضي وغيره . وألحق الآمدي بالنهي [ ص: 91 ] النار والبئر ، وقيل : والسبع ، وإن كان بينهما حائل يمنع الرؤية ، لكن يسمع التكبير ، فالخلاف .

                                                                                                                          ( ولا يكون الإمام أعلى من المأموم ) وذلك مكروه ، وذكره جماعة ; وهو ظاهر المذهب ; لما روى أبو داود عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم وروى الدارقطني معناه بإسناد حسن ، وقال ابن مسعود لحذيفة : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؛ قال : بلى ، رواه الشافعي بإسناد ثقات ، وظاهره : لا فرق بين أن يقصد تعليمهم أم لا ، وعنه : لا يكره ، وعنه : إن أراد التعليم لحديث سهل أنه عليه السلام صلى على المنبر ، ثم نزل القهقرى فسجد ، وسجد معه الناس ، ثم عاد حتى فرغ ، ثم قال : إنما فعلت هذا لتأتموا ، ولتعلموا صلاتي متفق عليه . والظاهر : أنه علو يسير ; لأنه كان على الدرجة السفلى ، جمعا بينه وبين ما سبق ، وقيل : يجوز له خاصة ( فإن فعل وكان كثيرا ) وهو ذراع عند القاضي ، وقدره أبو المعالي مقدار قامة المأموم لحاجته إلى رفع رأسه إليه ; وهو منهي عنه ( فهل تصح صلاته ) أي : الإمام ( على وجهين ) المذهب صحتها لفعل حذيفة وعمار ، رواه أبو داود ، والثاني : لا تصح ، قاله ابن حامد ، وصححه ابن عقيل للنهي ، فعلى هذا إن ساواه بعضهم صحت صلاته وصلاتهم في الأصح ، زاد بعضهم : بلا كراهة ، وفي النازلين إذن الخلاف ، ولا بأس بعلو المأموم ، نص عليه ، ولا يعيد الجمعة من يصليها فوق سطح المسجد ، روي عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام . رواه الشافعي ، ورواه سعيد عن أنس ولأنه يمكنه الاقتداء به ، أشبه المتساويين ، وقيدها في " الكافي " إذا اتصلت الصفوف .




                                                                                                                          الخدمات العلمية