الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان إخباره بأنه مع الذي يسر له السبيل قد يفهم أنه لا يعمل إلا بما يرضيه، نفى ذلك على سبيل الردع فقال: كلا أي ليرتدع هذا الإنسان الذي عرف أن هذه حالاته أولا وآخرا وأثناء ومخرجا [ ص: 263 ] تارة من مخرج البول وأخرى من مخرج الحيض ومقبرا، ولينزجر وليعرف، نفسه بالذلة والخسة والحاجة والعجز، وليعرف ربه سبحانه بالعزة والعظمة والكبرياء والفناء والقدرة على تشريف الحقير وتحقير الشريف، وبأنه سبحانه لا يلزمه شيء فلا يلزم من تعريف هذا الإنسان السبيل وتمييزه له لأنه لا يفعل إلا ما لا يعاتب عليه، فإنه لا يكون [من - ] الإنسان وغيره إلا ما يريده، وتارة يريد هداه، وتارة يريد ضلاله، فقد يأمر بما لا يريده ويريد ما لا يأمر به ولا يرضاه، ولذلك قال مستأنفا نفي ما أفهمه بتيسيره للسبيل من [أن - ] الإنسان يفعل جميع ما أمره به الله الذي يسر له السبيل: لما يقض أي يفعل الإنسان فعلا نافذا ماضيا ما أمره أي به الله كله من غير تقصير ما من حين تكليفه إلى حين إقباره بل من حين وجد آدم عليه الصلاة والسلام إلى حين نزول هذه الآية وإلى آخر الدهر، لأن الإنسان [مبني - ] على النقصان والإله منزه التنزه الأكمل، وما قدروا الله حق قدره، وأيضا الإنسان الذي هو النوع لم [يعمل - ] بأسره بحيث لم يشذ منه فرد جميع ما أمره، بل أغلب الجنس عصاه وكذب بالساعة التي هي حكمة الوجود، وإن صدق بها بعضهم كان تصديقه بها تكذيبا لأنه يعتقد أشياء منها على خلاف ما هي عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية