الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الجباب

                                                                                      الشيخ الإمام العدل الكبير فخر الأكابر القاضي الأسعد صفي الملك أبو البركات عبد القوي ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن الجباب التميمي السعدي الأغلبي المصري المالكي . ولد سنة ست وثلاثين وخمسمائة .

                                                                                      وسمع من أبي محمد بن رفاعة الفرضي ، وأبي الفتوح الخطيب المقرئ ، وابن العرقي ، وأبي طاهر السلفي ، وأبي البقاء عمر بن المقدسي وطائفة .

                                                                                      حدث عنه ابن الأنماطي ، وعمر بن الحاجب ، والمنذري ، والفخر علي ، وشرف القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الجباب ، والنجيب محمد بن أحمد الهمذاني ، وأبو المعالي الأبرقوهي ، وأحمد بن عبد الكريم المحتسب ، وجماعة .

                                                                                      قال ابن الحاجب : من بيت السؤدد والفضل والكرم والتقدم ، له من [ ص: 245 ] الوقار والهيبة ما لم يعرف لغيره ، وكان ذا حلم وصمت ، ولي ولايات أبان فيها عن أمانة ونزاهة ، وكان كثير اللطف . وأصله من القيروان ، تفرد " بالسيرة " عن ابن رفاعة ، سمعها في سنة ست وخمسين ، بقراءة يحيى بن علي القيسي وتحت الطبقة تصحيح ابن رفاعة .

                                                                                      قال عمر بن الحاجب : وكان شيخا ثقة ثبتا عارفا بما سمع لا ينسب في ذلك إلى غرض ، قال : ورأيت خط تقي الدين بن الأنماطي وهو يثني على شيخنا هذا ثناء جميلا ، ويذكر من جملة مسموعاته " السيرة " ، وكان قد صارت " السيرة " على ذكر الشيخ بمنزلة الفاتحة ، يسابق القارئ إلى قراءتها ، وكان قيما بها وبمشكلها ، وهو أنبل شيخ وجدته بمصر رواية ودراية ، وكان لا يحدث إلا وأصله بيده ، ولا يدع القارئ يدغم . وكان أبوه جليسا لخليفة مصر . قال : وحضرته يوما وقد أهدى له بعض السامعين هدية فردها وأثابه عليها ، وقال : ما ذا وقت هدية . وكان طويل الروح على السماع ، كنا نسمع عليه من الصبح إلى العصر . إلى أن قال : وما رأيت في رحلتي شيخا له خمس وثمانون سنة أحسن هديا وسمتا واستقامة قامة منه ، ولا أحسن كلاما ، ولا أظرف إيرادا منه ، فلقد كان جمالا للديار المصرية .

                                                                                      وقال ابن نقطة : سمعت الحافظ عبد العظيم يتكلم في سماعه " للسيرة " ، ويقول هو بقراءة يحيى بن علي ، وكان كذابا ، وكان ابن الأنماطي يثبت سماعه ويصححه .

                                                                                      قلت : وقد روى " العنوان " في القراءات عن الشريف أبي الفتوح [ ص: 246 ] الخطيب ، رواه عنه شيخ سنة نيف وثمانين وستمائة . وقرأت " السيرة " على الأبرقوهي بسماعه منه في صفر سنة إحدى وعشرين وستمائة ومات في السنة في سلخ شوالها .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية