الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره

                                                                                                          32 حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن بن عيسى القزاز حدثنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه قال أبو عيسى وفي الباب عن معاوية والمقدام بن معدي كرب وعائشة قال أبو عيسى حديث عبد الله بن زيد أصح شيء في هذا الباب وأحسن وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق [ ص: 110 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 110 ] ( باب ما جاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره ) أي ذاهبا إلى مؤخره .

                                                                                                          قوله : ( مسح رأسه ) زاد ابن الطباع " كله " وكذا في رواية ابن خزيمة ( فأقبل بهما وأدبر ) أي بدأ بمقدم الرأس الذي يلي الوجه وذهب بهما إلى القفا ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهو مبتدأ الشعر ، وهذا المعنى هو المتعين المعتمد ، ويدل عليه قوله : ( بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه إلخ ) وهذه الجملة عطف بيان لقوله فأقبل بهما وأدبر ، ومن ثم لم تدخل الواو على بدأ ، قال الزرقاني ، قال الحافظ في الفتح : الظاهر أنه من الحديث وليس مدرجا من كلام مالك : ففيه حجة على من قال السنة أن يبدأ بمؤخر الرأس إلى مقدمه لظاهر قوله أقبل وأدبر ، ويرد عليه أن الواو لا تقتضي الترتيب ، وعند البخاري من رواية سليمان بن بلال فأدبر بيديه وأقبل ، فلم يكن في ظاهره حجة لأن الإقبال والإدبار من الأمور الإضافية ، ولم يعين ما أقبل إليه وما أدبر عنه ، ومخرج الطريقين متحد فهما بمعنى واحد ، وعينت رواية مالك البداءة بمقدم الرأس فيحمل قوله أقبل على أنه من تسمية الفعل بابتدائه ، أي بدأ بقبل الرأس ، وقيل في توجيهه غير ذلك . انتهى كلام الحافظ .

                                                                                                          قوله ( وفي الباب عن معاوية والمقدام بن معد يكرب وعائشة ) أما حديث معاوية فأخرجه [ ص: 111 ] أبو داود بلفظ إن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر ، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه . وأما حديث المقدام بن معد يكرب فأخرجه أيضا أبو داود ، وفيه فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ ، والحديثان سكت عليهما أبو داود ثم المنذري . وأما حديث عائشة فأخرجه النسائي وفيه ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره .

                                                                                                          قوله : ( حديث عبد الله بن زيد أصح شيء في هذا الباب ) حديث عبد الله بن زيد هذا أخرجه الجماعة ( وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق ) قال الحافظ ابن عبد البر : أصح حديث في هذا الباب حديث عبد الله بن زيد ، والمشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية