الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عول ]

                                                          عول : العول : الميل في الحكم إلى الجور . عال يعول عولا : جار ومال عن الحق . وفي التنزيل العزيز : ذلك أدنى ألا تعولوا وقال :


                                                          إنا تبعنا رسول الله واطرحوا قول الرسول وعالوا في الموازين



                                                          والعول : النقصان . وعال الميزان عولا ، فهو عائل : مال ؛ هذه عن اللحياني . وفي حديث عثمان - رضي الله عنه : كتب إلى أهل الكوفة إني لست بميزان لا أعول أي : لا أميل عن الاستواء والاعتدال ؛ يقال : عال الميزان إذا ارتفع أحد طرفيه عن الآخر ؛ وقال أكثر أهل التفسير : معنى قوله ذلك أدنى ألا تعولوا أي : ذلك أقرب أن لا تجوروا وتميلوا ، وقيل ذلك أدنى أن لا يكثر عيالكم ؛ قال الأزهري : وإلى هذا القول ذهب الشافعي ، قال : والمعروف عند العرب عال الرجل يعول إذا جار ، وأعال يعيل إذا كثر عياله . الكسائي : عال الرجل يعول إذا افتقر ، قال : ومن العرب الفصحاء من يقول : عال يعول إذا كثر عياله ؛ قال الأزهري : وهذا يؤيد ما ذهب إليه الشافعي في تفسير الآية لأن الكسائي لا يحكي عن العرب إلا ما حفظه وضبطه ، قال : وقول الشافعي نفسه حجة لأنه - رضي الله عنه - عربي اللسان فصيح اللهجة ، قال : وقد اعترض عليه بعض المتحذلقين فخطأه ، وقد عجل ولم يتثبت فيما قال ، ولا يجوز للحضري أن يعجل إلى إنكار ما لا يعرفه من لغات العرب . وعال أمر القوم عولا : اشتد وتفاقم . ويقال : أمر عال وعائل أي : متفاقم ، على القلب ؛ وقول أبي ذؤيب :


                                                          فذلك أعلى منك فقدا لأنه     كريم وبطني للكرام بعيج



                                                          إنما أراد أعول أي : أشد فقلب فوزنه على هذا أفلع . وأعول الرجل والمرأة وعولا : رفعا صوتهما بالبكاء والصياح ؛ فأما قوله :


                                                          تسمع من شذانها عواولا



                                                          فإنه جمع عوالا مصدر عول وحذف الياء ضرورة ، والاسم العول والعويل والعولة ، وقد تكون العولة حرارة وجد الحزين والمحب من غير نداء ولا بكاء ؛ قال مليح الهذلي :


                                                          فكيف تسلبنا ليلى وتكندنا     وقد تمنح منك العولة الكند



                                                          قال الجوهري : العول والعولة رفع الصوت بالبكاء ، وكذلك العويل ؛ أنشد ابن بري للكميت :


                                                          ولن يستخير رسوم الديار     بعولته ذو الصبا المعول



                                                          وأعول عليه : بكى ؛ وأنشد ثعلب لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة :


                                                          زعمت فإن تلحق فضن مبرز     جواد وإن تسبق فنفسك أعول



                                                          أراد فعلى نفسك أعول فحذف وأوصل . ويقال : العويل يكون صوتا من غير بكاء ؛ ومنه قول أبي زبيد :


                                                          للصدر منه عويل فيه حشرجة



                                                          أي : زئير كأنه يشتكي صدره . وأعولت القوس : صوتت . قال سيبويه : وقالوا : ويله وعوله ، لا يتكلم به إلا مع ويله ، قال الأزهري : وأما قولهم ويله وعوله فإن العول والعويل البكاء ؛ وأنشد :


                                                          أبلغ أمير المؤمنين رسالة     شكوى إليك مظلة وعويلا



                                                          والعول والعويل : الاستغاثة ؛ ومنه قولهم : معولي على فلان أي : اتكالي عليه واستغاثتي به . وقال أبو طالب : النصب في قولهم ويله وعوله على الدعاء والذم ، كما يقال ويلا له وترابا له . قال شمر : العويل الصياح والبكاء ، قال : وأعول إعوالا وعول تعويلا إذا صاح وبكى . وعول : كلمة مثل ويب ، يقال : عولك وعول زيد : وعول لزيد . وعال عوله : وعيل عوله : ثكلته أمه . الفراء : عال الرجل يعول إذا شق عليه الأمر ؛ قال : وبه قرأ عبد الله في سورة يوسف ولا يعل أن يأتيني بهم جميعا ، ومعناه لا يشق عليه أن يأتيني بهم جميعا . وعالني الشيء يعولني عولا : غلبني وثقل علي ؛ قالت الخنساء :


                                                          ويكفي العشيرة ما عالها     وإن كان أصغرهم مولدا



                                                          وعيل صبري ، فهو معول : غلب ؛ وقول كثير :


                                                          وبالأمس ما ردوا لبين جمالهم     لعمري فعيل الصبر من يتجلد



                                                          يحتمل أن يكون أراد عيل على الصبر فحذف وعدى ، ويحتمل أن يجوز على قوله عيل الرجل صبره ؛ قال ابن سيده : ولم أره لغيره .

                                                          [ ص: 340 ] قال اللحياني : وقال أبو الجراح عال صبري فجاء به على فعل الفاعل . وعيل ما هو عائله أي : غلب ما هو غالبه ؛ يضرب للرجل الذي يعجب من كلامه أو غير ذلك ، وهو على مذهب الدعاء ؛ قال النمر بن تولب :


                                                          وأحبب حبيبك حبا رويدا     فليس يعولك أن تصرما



                                                          وقال ابن مقبل يصف فرسا :


                                                          خدى مثل خدي الفالجي ينوشني     بسدو يديه عيل ما هو عائله



                                                          وهو كقولك للشيء يعجبك : قاتله الله وأخزاه الله . قال أبو طالب : يكون عيل صبره أي : غلب ويكون رفع وغير عما كان عليه من قولهم عالت الفريضة إذا ارتفعت . وفي حديث سطيح : فلما عيل صبره أي : غلب ؛ وأما قول الكميت :


                                                          وما أنا في ائتلاف ابني نزار     بملبوس علي ولا معول



                                                          فمعناه أني لست بمغلوب الرأي ، من عيل أي : غلب . وفي الحديث : المعول عليه يعذب أي : الذي يبكى عليه من الموتى ؛ قيل : أراد به من يوصي بذلك ، وقيل : أراد الكافر ، وقيل : أراد شخصا بعينه علم بالوحي حاله ، ولهذا جاء به معرفا ، ويروى بفتح العين وتشديد الواو من عول للمبالغة ؛ ومنه رجز عامر :


                                                          وبالصياح عولوا علينا



                                                          أي : أجلبوا واستغاثوا . والعويل : صوت الصدر بالبكاء ؛ ومنه حديث شعبة : كان إذا سمع الحديث أخذه العويل والزويل حتى يحفظه ، وقيل : كل ما كان من هذا الباب فهو معول - بالتخفيف - فأما بالتشديد فهو من الاستعانة . يقال : عولت به وعليه أي : استعنت . وأعولت القوس : صوتت . أبو زيد : أعولت عليه أدللت عليه دالة وحملت عليه . يقال : عول علي بما شئت أي : استعن بي كأنه يقول احمل علي ما أحببت . والعول : كل أمر عالك ، كأنه سمي بالمصدر . وعاله الأمر يعوله : أهمه . ويقال : لا تعلني أي : لا تغلبني ؛ قال : وأنشد الأصمعي قول النمر بن تولب :


                                                          وأحبب حبيبك حبا رويدا



                                                          وقول أمية بن أبي عائذ :


                                                          هو المستعان على ما أتى     من النائبات بعاف وعال



                                                          يجوز أن يكون فاعلا ذهبت عينه ، وأن يكون فعلا كما ذهب إليه الخليل في خاف والمال وعاف أي : يأخذ بالعفو . وعالت الفريضة تعول عولا : زادت . قال الليث : العول ارتفاع الحساب في الفرائض . ويقال للفارض : أعل الفريضة . وقال اللحياني : عالت الفريضة ارتفعت في الحساب ، وأعلتها أنا . الجوهري : والعول عول الفريضة ، وهو أن تزيد سهامها فيدخل النقصان على أهل الفرائض . قال أبو عبيد : أظنه مأخوذا من الميل ، وذلك أن الفريضة إذا عالت فهي تميل على أهل الفريضة جميعا فتنقصهم . وعال زيد الفرائض وأعالها بمعنى ، يتعدى ولا يتعدى . وروى الأزهري عن المفضل أنه قال : عالت الفريضة أي : ارتفعت وزادت . وفي حديث علي : أنه أتي في ابنتين وأبوين وامرأة فقال : صار ثمنها تسعا ، قال أبو عبيد : أراد أن السهام عالت حتى صار للمرأة التسع ، ولها في الأصل الثمن ، وذلك أن الفريضة لو لم تعل كانت من أربعة وعشرين ، فلما عالت صارت من سبعة وعشرين ، فللابنتين الثلثان ستة عشر سهما ، وللأبوين السدسان ثمانية أسهم ، وللمرأة ثلاثة من سبعة وعشرين ، وهو التسع ، وكان لها قبل العول ثلاثة من أربعة وعشرين وهو الثمن ؛ وفي حديث الفرائض والميراث ذكر العول ، وهذه المسألة التي ذكرناها تسمى المنبرية ، لأن عليا - كرم الله وجهه - سئل عنها ، وهو على المنبر فقال من غير روية : صار ثمنها تسعا ؛ لأن مجموع سهامها واحد وثمن واحد ، فأصلها ثمانية والسهام تسعة ؛ ومنه حديث مريم : وعال قلم زكريا أي : ارتفع على الماء . والعول : المستعان به ، وقد عول به وعليه . وأعول عليه وعول ، كلاهما : أدل وحمل . ويقال : عول عليه أي : استعن به . وعول عليه : اتكل واعتمد ؛ عن ثعلب ؛ قال اللحياني : ومنه قولهم :


                                                          إلى الله منه المشتكى والمعول



                                                          ويقال : عولنا إلى فلان في حاجتنا فوجدناه نعم المعول أي : فزعنا إليه حين أعوزنا كل شيء . أبو زيد : أعال الرجل وأعول إذا حرص ، وعولت عليه أي : أدللت عليه . ويقال : فلان عولي من الناس أي : عمدتي ومحملي ؛ قال تأبط شرا :


                                                          لكنما عولي إن كنت ذا عول     على بصير بكسب المجد سباق
                                                          حمال ألوية شهاد أندية     قوال محكمة جواب آفاق



                                                          حكى ابن بري عن المفضل الضبي : عول في البيت بمعنى العويل والحزن ؛ وقال الأصمعي : هو جمع عولة مثل بدرة وبدر ، وظاهر تفسيره كتفسير المفضل ؛ وقال الأصمعي في قول أبي كبير الهذلي :


                                                          فأتيت بيتا غير بيت سناخة     وازدرت مزدار الكريم المعول



                                                          قال : هو من أعال وأعول إذا حرص ، وهذا البيت أورده ابن بري مستشهدا به على المعول الذي يعول بدلال أو منزلة . ورجل معول أي : حريص . أبو زيد : أعيل الرجل ، فهو معيل ، وأعول ، فهو معول إذا حرص . والمعول : الذي يحمل عليك بدالة . يونس : لا يعول على القصد أحد أي : لا يحتاج ، ولا يعيل مثله ؛ وقول امرئ القيس :


                                                          وإن شفائي عبرة مهراقة     فهل عند رسم دارس من معول



                                                          أي : من مبكى ، وقيل : من مستغاث ، وقيل : من محمل ومعتمد ؛ وأنشد :


                                                          عول على خاليك نعم المعول



                                                          وقيل في قوله :


                                                          فهل عند رسم دارس من معول

                                                          مذهبان : أحدهما أنه مصدر عولت عليه أي : اتكلت ، فلما قال إن [ ص: 341 ] شفائي عبرة مهراقة ، صار كأنه قال إنما راحتي في البكاء فما معنى اتكالي في شفاء غليلي على رسم دارس لا غناء عنده عني ؟ فسبيلي أن أقبل على بكائي ولا أعول في برد غليلي على ما لا غناء عنده ، وأدخل الفاء في قوله فهل لتربط آخر الكلام بأوله ، فكأنه قال : إذا كان شفائي إنما هو في فيض دمعي فسبيلي أن لا أعول على رسم دارس في دفع حزني ، وينبغي أن آخذ في البكاء الذي هو سبب الشفاء ، والمذهب الآخر ، أن يكون ( معول ) مصدر عولت بمعنى أعولت أي : بكيت ، فيكون معناه : فهل عند رسم دارس من إعوال وبكاء ، وعلى أي الأمرين حملت المعول فدخول الفاء على هل حسن جميل ، أما إذا جعلت المعول بمعنى العويل والإعوال أي : البكاء فكأنه قال : إن شفائي أن أسفح ، ثم خاطب نفسه أو صاحبيه فقال : إذا كان الأمر على ما قدمته من أن في البكاء شفاء وجدي فهل من بكاء أشفي به غليلي ؟ فهذا ظاهره استفهام لنفسه ، ومعناه التحضيض لها على البكاء كما تقول : أحسنت إلي فهل أشكرك أي : فلأشكرنك ، وقد زرتني فهل أكافئك أي : فلأكافئنك ، وإذا خاطب صاحبيه فكأنه قال : قد عرفتكما ما سبب شفائي ، وهو البكاء والإعوال ، فهل تعولان وتبكيان معي لأشفى ببكائكما ؟ وهذا التفسير على قول من قال : إن ( معول ) بمنزلة إعوال ، والفاء عقدت آخر الكلام بأوله ، فكأنه قال : إذا كنتما قد عرفتما ما أوثره من البكاء فابكيا وأعولا معي ، وإذا استفهم نفسه فكأنه قال : إذا كنت قد علمت أن في الإعوال راحة لي فلا عذر لي في ترك البكاء . وعيال الرجل وعيله : الذين يتكفل بهم ، وقد يكون العيل واحدا ، والجمع عالة ؛ عن كراع وعندي أنه جمع عائل على ما يكثر في هذا النحو ، وأما فيعل فلا يكسر على فعلة البتة . وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه : ما وعاء العشرة ؟ قال : رجل يدخل على عشرة عيل وعاء من طعام ؛ يريد على عشرة أنفس يعولهم ؛ العيل واحد العيال ، والجمع عيائل كجيد وجياد وجيائد ، وأصله عيول فأدغم ، وقد يقع على الجماعة ، ولذلك أضاف إليه العشرة فقال عشرة عيل ولم يقل عيائل ، والياء فيه منقلبة عن الواو . وفي حديث حنظلة الكاتب : فإذا رجعت إلى أهلي دنت مني المرأة وعيل أو عيلان . وحديث ذي الرمة ورؤبة في القدر : أترى الله - عز وجل - قدر على الذئب أن يأكل حلوبة عيائل عالة ضرائك ؟ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث النفقة : وابدأ بمن تعول أي : بمن تمون وتلزمك نفقته من عيالك ، فإن فضل شيء فليكن للأجانب . قال الأصمعي : عال عياله يعولهم إذا كفاهم معاشهم ، وقال غيره : إذا قاتهم ، وقيل : قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما . وفي الحديث أيضا : من كانت له جارية فعالها وعلمها أي : أنفق عليها . قال ابن بري : العيال ياؤه منقلبة عن واو لأنه من عالهم يعولهم ، وكأنه في الأصل مصدر وضع على المفعول . وفي حديث القاسم : أنه دخل بها وأعولت أي : ولدت أولادا ؛ قال ابن الأثير : الأصل فيه أعيلت أي : صارت ذات عيال ، وعزا هذا القول إلى الهروي ، وقال : قال الزمخشري : الأصل فيه الواو ، يقال أعال وأعول إذا كثر عياله ، فأما أعيلت فإنه في بنائه منظور فيه إلى لفظ عيال ، لا إلى أصله كقولهم أقيال وأعياد ، وقد يستعار العيال للطير والسباع وغيرهما من البهائم ؛ قال الأعشى :


                                                          وكأنما تبع الصوار بشخصها     فتخاء ترزق بالسلي عيالها



                                                          ويروى عجزاء ؛ وأنشد ثعلب في صفة ذئب وناقة عقرها له :


                                                          فتركتها لعياله جزرا     عمدا وعلق رحلها صحبي



                                                          وعال وأعول وأعيل على المعاقبة عئولا وعيالة : كثر عياله . قال الكسائي : عال الرجل يعول إذا كثر عياله ، واللغة الجيدة أعال يعيل . ورجل معيل : ذو عيال ، قلبت فيه الواو ياء طلب الخفة ، والعرب تقول : ما له عال ومال ؛ فعال : كثر عياله ، ومال : جار في حكمه . وعال عياله عولا وعئولا وعيالة وأعالهم وعيلهم ، كله : كفاهم ومانهم وقاتهم وأنفق عليهم . ويقال : علته شهرا إذا كفيته معاشه . والعول : قوت العيال ؛ وقول الكميت :


                                                          كما خامرت في حضنها أم عامر     لدى الحبل حتى عال أوس عيالها



                                                          أم عامر : الضبع ، أي : بقي جراؤها لا كاسب لهن ولا مطعم ، فهن يتتبعن ما يبقى للذئب وغيره من السباع فيأكلنه ، والحبل على هذه الرواية حبل الرمل ؛ كل هذا قول ابن الأعرابي ، ورواه أبو عبيد : لذي الحبل أي : لصاحب الحبل ، وفسر البيت بأن الذئب غلب جراءها فأكلهن ، فعال على هذا غلب ؛ وقال أبو عمرو : الضبع إذا هلكت قام الذئب بشأن جرائها ؛ وأنشد هذا البيت :


                                                          والذئب يغذو بنات الذيخ نافلة     بل يحسب الذئب أن النجل للذيب



                                                          يقول : لكثرة ما بين الضباع والذئاب من السفاد يظن الذئب أن أولاد الضبع أولاده ؛ قال الجوهري : لأن الضبع إذا صيدت ولها ولد من الذئب لم يزل الذئب يطعم ولدها إلى أن يكبر ، قال : ويروى غال - بالغين المعجمة - أي : أخذ جراءها ، وقوله : لذي الحبل أي : للصائد الذي يعلق الحبل في عرقوبها . والمعول : حديدة ينقر بها الجبال ؛ قال الجوهري : المعول الفأس العظيمة التي ينقر بها الصخر ، وجمعها معاول . وفي حديث حفر الخندق : فأخذ المعول يضرب به الصخرة ؛ المعول - بالكسر : الفأس ، والميم زائدة ، وهي ميم الآلة . وفي حديث أم سلمة : قالت لعائشة : لو أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعهد إليك علت أي : عدلت عن الطريق وملت ؛ قال القتيبي : وسمعت من يرويه : علت - بكسر العين - فإن كان محفوظا فهو من عال في البلاد يعيل إذا ذهب ، ويجوز أن يكون من عاله يعوله إذا غلبه أي : غلبت على رأيك ؛ ومنه قولهم : عيل صبرك ، وقيل : جواب لو محذوف أي : لو أراد فعل فتركته لدلالة الكلام عليه ويكون قولها علت كلاما مستأنفا . والعالة : شبه الظلة يسويها الرجل من الشجر يستتر بها من المطر ، مخففة اللام . وقد عول : اتخذ عالة ؛ قال عبد مناف بن ربع الهذلي :


                                                          الطعن شغشغة والضرب هيقعة [ ص: 342 ]     ضرب المعول تحت الديمة العضدا



                                                          قال ابن بري : الصحيح أن البيت لساعدة بن جؤية الهذلي . والعالة : النعامة ؛ عن كراع ، فإما أن يعني به هذا النوع من الحيوان ، وإما أن يعني به الظلة لأن النعامة أيضا الظلة ، وهو الصحيح . وما له عال ولا مال أي : شيء . ويقال للعاثر : عا لك عاليا ، كقولك لعا لك عاليا ، يدعى له بالإقالة ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          أخاك الذي إن زلت النعل لم يقل     تعست ولكن قال عا لك عاليا



                                                          وقول الشاعر أمية بن أبي الصلت :


                                                          سنة أزمة تخيل بالنا     س ترى للعضاه فيها صريرا
                                                          لا على كوكب ينوء ولا ري     ح جنوب ولا ترى طخرورا
                                                          ويسوقون باقر السهل للطو     د مهازيل خشية أن تبورا
                                                          عاقدين النيران في ثكن الأذ     ناب منها لكي تهيج النحورا
                                                          سلع ما ومثله عشر ما     عائل ما وعالت البيقورا



                                                          أي : أن السنة الجدبة أثقلت البقر بما حملت من السلع والعشر ، وإنما كانوا يفعلون ذلك في السنة الجدبة فيعمدون إلى البقر فيعقدون في أذنابها السلع والعشر ، ثم يضرمون فيها النار وهم يصعدونها في الجبل فيمطرون لوقتهم ، فقال أمية هذا الشعر يذكر ذلك . والمعاول والمعاولة : قبائل من الأزد ، النسب إليهم معولي ؛ قال الجوهري : وأما قول الشاعر في صفة الحمام :


                                                          فإذا دخلت سمعت فيها رنة     لغط المعاول في بيوت هداد



                                                          فإن معاول وهدادا حيان من الأزد . وسبرة بن العوال : رجل معروف . وعوال - بالضم : حي من العرب من بني عبد الله بن غطفان ؛ وقال :


                                                          أتتني تميم قضها بقضيضها     وجمع عوال ما أدق وألأما



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية