الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عون ]

                                                          عون : العون : الظهير على الأمر ، الواحد والاثنان ، والجمع والمؤنث فيه سواء ، وقد حكي في تكسيره أعوان ، والعرب تقول إذا جاءت السنة : جاء معها أعوانها ؛ يعنون بالسنة الجدب ، وبالأعوان الجراد والذئاب والأمراض ، والعوين اسم للجمع . أبو عمرو : العوين الأعوان . قال الفراء : ومثله طسيس جمع طس . وتقول : أعنته إعانة واستعنته واستعنت به فأعانني ، وإنما أعل استعان وإن لم يكن تحته ثلاثي معتل ، أعني أنه لا يقال عان يعون كقام يقوم لأنه ، وإن لم ينطق بثلاثيه ، فإنه في حكم المنطوق به ، وعليه جاء أعان يعين ، وقد شاع الإعلال في هذا الأصل ، فلما اطرد الإعلال في جميع ذلك دل أن ثلاثيه وإن لم يكن مستعملا فإنه في حكم ذلك ، والاسم العون والمعانة والمعونة والمعونة والمعون ؛ قال الأزهري : والمعونة مفعلة في قياس من جعله من العون ؛ وقال ناس : هي فعولة من الماعون ، والماعون فاعول ، وقال غيره من النحويين : المعونة مفعلة من العون مثل المغوثة من الغوث ، والمضوفة من أضاف إذا أشفق ، والمشورة من أشار يشير ، ومن العرب من يحذف الهاء فيقول معون ، وهو شاذ لأنه ليس في كلام العرب مفعل بغير هاء . قال الكسائي : لا يأتي في المذكر مفعل - بضم العين - إلا حرفان جاءا نادرين لا يقاس عليهما : المعون ، والمكرم ؛ قال جميل :


                                                          بثين الزمي لا إن لا إن لزمته على كثرة الواشين أي معون



                                                          يقول : نعم العون قولك لا في رد الوشاة ، وإن كثروا ؛ وقال آخر :


                                                          ليوم مجد أو فعال مكرم



                                                          وقيل : معون جمع معونة ، ومكرم جمع مكرمة ؛ قاله الفراء . وتعاونوا علي واعتونوا : أعان بعضهم بعضا . سيبويه : صحت واو اعتونوا لأنها في معنى تعاونوا ، فجعلوا ترك الإعلال دليلا على أنه في معنى ما لا بد من صحته ، وهو تعاونوا ؛ وقالوا : عاونته معاونة وعوانا ، صحت الواو في المصدر لصحتها في الفعل لوقوع الألف قبلها . قال ابن بري : يقال اعتونوا واعتانوا إذا عاون بعضهم بعضا ؛ قال ذو الرمة :


                                                          فكيف لنا بالشرب إن لم يكن لنا     دوانيق عند الحانوي ولا نقد
                                                          أنعتان أم ندان أم ينبري لنا فتى     مثل نصل السيف شيمته الحمد



                                                          وتعاونا : أعان بعضنا بعضا . والمعونة : الإعانة . ورجل معوان : حسن المعونة وتقول : ما أخلاني فلان من معاونه ، وهو جمع معونة . ورجل معوان : كثير المعونة للناس . واستعنت بفلان فأعانني وعاونني . وفي الدعاء : رب أعني ولا تعن علي . والمتعاونة من النساء : التي طعنت في السن ولا تكون إلا مع كثرة اللحم ؛ قال الأزهري : امرأة متعاونة إذا اعتدل خلقها فلم يبد حجمها . والنحويون يسمون الباء حرف الاستعانة ، وذلك أنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم وبريت بالمدية ، فكأنك قلت استعنت بهذه الأدوات على هذه الأفعال . قال الليث : كل شيء أعانك فهو عون لك ، كالصوم عون على العبادة ، والجمع الأعوان . والعوان من البقر وغيرها : النصف في سنها . وفي التنزيل العزيز : لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك قال الفراء : انقطع الكلام عند قوله ولا بكر ثم استأنف فقال : عوان بين ذلك وقيل : العوان من البقر والخيل التي نتجت بعد بطنها البكر . أبو زيد : عانت البقرة تعون عئونا إذا صارت عوانا ؛ والعوان : النصف التي بين الفارض ، وهي المسنة ، وبين [ ص: 344 ] البكر ، وهي الصغيرة . ويقال : فرس عوان وخيل عون ، على فعل ، والأصل عون فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها ، وكذلك يقال رجل جواد وقوم جود ؛ وقال زهير :


                                                          تحل سهولها فإذا فزعنا     جرى منهن بالآصال عون



                                                          فزعنا : أغثنا مستغيثا ؛ يقول : إذا أغثنا ركبنا خيلا ، قال : ومن زعم أن العون هاهنا جمع العانة فقد أبطل ، وأراد أنهم شجعان ، فإذا استغيث بهم ركبوا الخيل وأغاثوا . أبو زيد : بقرة عوان بين المسنة والشابة . ابن الأعرابي : العوان من الحيوان السن بين السنين لا صغير ولا كبير . قال الجوهري : العوان النصف في سنها من كل شيء . وفي المثل : لا تعلم العوان الخمرة ؛ قال ابن بري : أي : المجرب عارف بأمره كما أن المرأة التي تزوجت تحسن القناع بالخمار . قال ابن سيده : العوان من النساء التي قد كان لها زوج ، وقيل : هي الثيب ، والجمع عون ؛ قال :


                                                          نواعم بين أبكار وعون     طوال مشك أعقاد الهوادي



                                                          تقول منه : عونت المرأة تعوينا إذا صارت عوانا ، وعانت تعون عونا . وحرب عوان : قوتل فيها مرة كأنهم جعلوا الأولى بكرا ، قال : وهو على المثل ؛ قال :


                                                          حربا عوانا لقحت عن حولل     خطرت وكانت قبلها لم تخطر



                                                          وحرب عوان : كان قبلها حرب ؛ أنشد ابن بري لأبي جهل :


                                                          ما تنقم الحرب العوان مني     بازل عامين حديث سني
                                                          لمثل هذا ولدتني أمي



                                                          وفي حديث علي - كرم الله وجهه : كانت ضرباته مبتكرات لا عونا ؛ العون : جمع العوان ، وهي التي وقعت مختلسة فأحوجت إلى المراجعة ؛ ومنه الحرب العوان أي : المترددة ، والمرأة العوان وهي الثيب ، يعني أن ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتثنية . ونخلة عوان : طويلة ، أزدية . وقال أبو حنيفة : العوانة النخلة ، في لغة أهل عمان . قال ابن الأعرابي : العوانة النخلة الطويلة ، وبها سمي الرجل ، وهي المنفردة ، ويقال لها القرواح والعلبة . قال ابن بري : والعوانة الباسقة من النخل ، قال : والعوانة أيضا دودة تخرج من الرمل فتدور أشواطا كثيرة . قال الأصمعي : العوانة دابة دون القنفذ تكون في وسط الرملة اليتيمة ، وهي المنفردة من الرملات ، فتظهر أحيانا وتدور كأنها تطحن ثم تغوص ، قال : ويقال لهذه الدابة الطحن ، قال : والعوانة الدابة ، سمي الرجل بها . وبرذون متعاون ومتدارك ومتلاحك إذا لحقت قوته وسنه . والعانة : القطيع من حمر الوحش . والعانة : الأتان ، والجمع منهما عون ، وقيل : وعانات . ابن الأعرابي : التعوين كثرة بوك الحمار لعانته . والتوعين : السمن . وعانة الإنسان : إسبه ، الشعر النابت على فرجه ، وقيل : هي منبت الشعر هنالك . واستعان الرجل : حلق عانته ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          مثل البرام غدا في أصدة خلق     لم يستعن وحوامي الموت تغشاه



                                                          البرام : القراد ، لم يستعن أي : لم يحلق عانته ، وحوامي الموت : حوائمه فقلبه ، وهي أسباب الموت . وقال بعض العرب وقد عرضه رجل على القتل : أجر لي سراويلي فإني لم أستعن . وتعين : كاستعان ؛ قال ابن سيده : وأصله الواو ، فإما أن يكون تعين تفيعل ، وإما أن يكون على المعاقبة كالصياغ في الصواغ ، وهو أضعف القولين إذ لو كان ذلك لوجدنا تعون ، فعدمنا إياه يدل على أن تعين تفيعل . الجوهري : العانة شعر الركب . قال أبو الهيثم : العانة منبت الشعر فوق القبل من المرأة ، وفوق الذكر من الرجل ، والشعر النابت عليهما يقال له الشعرة والإسب ؛ قال الأزهري : وهذا هو الصواب . وفلان على عانة بكر بن وائل أي : جماعتهم وحرمتهم ؛ هذه عن اللحياني ، وقيل : هو قائم بأمرهم . والعانة : الحظ من الماء للأرض ، بلغة عبد القيس . وعانة : قرية من قرى الجزيرة ، وفي الصحاح : قرية على الفرات ، وتصغير كل ذلك عوينة . وأما قولهم فيها عانات فعلى قولهم رامتان ، جمعوا كما ثنوا . والعانية : الخمر ، منسوبة إليها . الليث : عانات موضع بالجزيرة تنسب إليها الخمر العانية ؛ قال زهير :


                                                          كأن ريقتها بعد الكرى اغتبقت     من خمر عانة لما يعد أن عتقا



                                                          وربما قالوا عانات كما قالوا عرفة وعرفات ، والقول في صرف عانات كالقول في عرفات وأذرعات ؛ قال ابن بري : شاهد عانات قول الأعشى :


                                                          تخيرها أخو عانات شهرا     ورجى خيرها عاما فعاما



                                                          قال : وذكر الهروي أنه يروى بيت امرئ القيس على ثلاثة أوجه : تنورتها من أذرعات بالتنوين ، وأذرعات بغير تنوين ، وأذرعات بفتح التاء ؛ قال : وذكر أبو علي الفارسي أنه لا يجوز فتح التاء عند سيبويه . وعون وعوين وعوانة : أسماء . وعوانة وعوائن : موضعان ؛ قال تأبط شرا :


                                                          ولما سمعت العوص تدعو تنفرت     عصافير رأسي من برى فعوائنا



                                                          ومعان : موضع بالشام على قرب موتة ؛ قال عبد الله بن رواحة :


                                                          أقامت ليلتين على معان     وأعقب بعد فترتها جموم



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية