الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم فيه أربعة أوجه: أحدها: يجعل لهم نورا يمشون به ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يجعل عملهم هاديا لهم إلى الجنة ، وهذا معنى قول ابن جريج . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة [ ص: 424 ] فيؤنسه ويهديه ، ويتلقى الكافر عمله في أقبح صورة فيوحشه ويضله) .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن الله يهديهم إلى طريق الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه وصفهم بالهداية على طريق المدح لهم. تجري من تحتهم الأنهار فيه وجهان: أحدهما: من تحت منازلهم قاله أبو مالك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو لقوله تعالى: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي [الزخرف: 51] يعني بين يدي. وحكى أبو عبيدة عن مسروق أن أنهار الجنة تجري في غير أخدود. قوله عز وجل: دعواهم فيها سبحانك اللهم فيه وجهان: أحدهما: أن أهل الجنة إذا اشتهوا الشيء أو أرادوا أن يدعوا بالشيء قالوا سبحانك اللهم فيأتيهم ذلك الشيء) ، قاله الربيع وسفيان.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم إذا أرادوا الرغبة إلى الله في دعاء يدعونه كان دعاؤهم له: سبحانك اللهم: قاله قتادة . وتحيتهم فيها سلام فيه وجهان: أحدهما: معناه وملكهم فيها سالم. والتحية الملك ، ومنه قول زهير بن جنان الكلبي:


                                                                                                                                                                                                                                        ولكل ما نال الفتى قد نلته إلا التحية



                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن تحية بعضهم لبعض فيها سلام. أي: سلمت وأمنت مما بلي به أهل النار ، قاله ابن جرير الطبري. وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين فيه وجهان: أحدهما: أن آخر دعائهم: الحمد لله رب العالمين ، كما كان أول دعائهم: سبحانك اللهم ، ويشبه أن يكون هذا قول قتادة . [ ص: 425 ] الثاني: أنهم إذا أجابهم فيما دعوه وآتاهم ما اشتهوا حين طلبوه بالتسبيح قالوا بعده: شكرا لله والحمد لله رب العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية