الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عين ]

                                                          عين : العين : حاسة البصر والرؤية - أنثى - تكون للإنسان وغيره من الحيوان . قال ابن السكيت : العين التي يبصر بها الناظر ، والجمع أعيان وأعين وأعينات ؛ الأخيرة جمع الجمع والكثير عيون ؛ قال يزيد بن عبد المدان :


                                                          ولكنني أغدو علي مفاضة دلاص كأعيان الجراد المنظم



                                                          وأنشد ابن بري :


                                                          بأعينات لم يخالطها القذى



                                                          وتصغير العين عيينة ؛ ومنه قيل ذو العيينتين للجاسوس ، ولا تقل ذو العوينتين . قال ابن سيده : والعين الذي يبعث ليتجسس الخبر ، ويسمى ذا العينين ، ويقال تسميه العرب ذا العينين وذا العوينتين ، كله بمعنى واحد . وزعم اللحياني أن أعينا قد يكون جمع الكثير أيضا ؛ قال الله - عز وجل : أم لهم أعين يبصرون بها وإنما أراد الكثير . وقولهم : بعين ما أرينك ؛ معناه عجل حتى أكون كأني أنظر إليك بعيني . وفي الحديث : أن موسى - عليه السلام - فقأ عين ملك الموت بصكة صكه ؛ قيل : أراد أنه أغلظ له في القول ، يقال : أتيته فلطم وجهي بكلام غليظ ، والكلام الذي قاله له موسى قال : أحرج عليك أن تدنو مني فإني أحرج داري ومنزلي ، فجعل هذا تغليظا من موسى له تشبيها بفقء العين ، وقيل : هذا الحديث مما يؤمن به وبأمثاله ولا يدخل في كيفيته . وقول العرب : إذا سقطت الجبهة نظرت الأرض بإحدى عينيها ، فإذا سقطت الصرفة نظرت بهما جميعا ؛ إنما جعلوا لها عينين على المثل . وقوله - تعالى - : ولتصنع على عيني فسره ثعلب فقال : لتربى من حيث أراك . وفي التنزيل : واصنع الفلك بأعيننا قال ابن الأنباري : قال أصحاب النقل والأخذ بالأثر : الأعين يريد به العين ، قال : وعين الله لا تفسر بأكثر من ظاهرها ، ولا يسع أحدا أن يقول : كيف هي ، أو ما صفتها ؟ وقال بعض المفسرين : بأعيننا بإبصارنا إليك ، وقال غيره : بإشفاقنا عليك ، واحتج بقوله : ولتصنع على عيني أي : لتغذى بإشفاقي . وتقول العرب : على عيني قصدت زيدا ؛ يريدون الإشفاق . والعين : أن تصيب الإنسان بعين . وعان الرجل يعينه عينا ، فهو عائن ، والمصاب معين ، على النقص ، ومعيون ، على التمام : أصابه بالعين . قال الزجاج : المعين المصاب بالعين ، والمعيون الذي فيه عين ؛ قال عباس بن مرداس :


                                                          قد كان قومك يحسبونك سيدا     وإخال أنك سيد معيون



                                                          وحكى اللحياني : إنك لجميل ولا أعنك ولا أعينك ؛ الجزم على الدعاء ، والرفع على الإخبار ، أي : لا أصيبك بعين . ورجل معيان وعيون : شديد الإصابة بالعين ، والجمع عين وعين ، وما أعينه . وفي الحديث : العين حق وإذا استغسلتم فاغسلوا . يقال : أصابت فلانا عين إذا نظر إليه عدو أو حسود فأثرت فيه فمرض بسببها . وفي الحديث : كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين . وفي الحديث : لا رقية إلا من عين أو حمة ؛ تخصيصه العين والحمة لا يمنع جواز الرقية في غيرهما من الأمراض لأنه أمر بالرقية مطلقا ، ورقى بعض أصحابه من غيرهما ، وإنما معناه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والحمة . وتعين الإبل واعتانها : استشرفها ليعينها ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          يزينها للناظر المعتان خيف     قريب العهد بالحيران



                                                          أي : إذا كان عهدها قريبا بالولادة كان أضخم لضرعها وأحسن وأشد امتلاء . وتعين الرجل إذا تشوه وتأنى ليصيب شيئا بعينه . وأعانها كاعتانها . ورجل عيون إذا كان نجيء العين يقال : أتيت فلانا فما عين لي بشيء وما عينني بشيء أي : ما أعطاني شيئا . والعين والمعاينة : النظر ، وقد عاينه معاينة وعيانا . ورآه عيانا : لم يشك في رؤيته إياه . ورأيت فلانا عيانا أي : مواجهة . قال ابن سيده : ولقيه عيانا أي : معاينة ، وليس في كل شيء قيل مثل هذا ، لو قلت لحاظا لم يجز ، إنما يحكى من ذلك ما سمع . وتعينت الشيء : أبصرته ؛ قال ذو الرمة :


                                                          تخلى فلا تنبو إذا ما تعينت     بها شبحا أعناقها كالسبائك



                                                          ورأيت عائنة من أصحابه أي : قوما عاينوني . وهو عبد عين أي : ما دمت تراه فهو كالعبد لك ، وقيل : أي ما دام مولاه يراه فهو فاره وأما بعده فلا ؛ عن اللحياني ؛ قال : وكذلك تصرفه في كل شيء من هذا كقولك هو صديق عين . ويقال للرجل يظهر لك من نفسه ما لا يفي به إذا غاب : هو عبد عين وصديق عين ؛ قال الشاعر :


                                                          ومن هو عبد العين أما لقاؤه     فحلو وأما غيبه فظنون



                                                          [ ص: 358 ] ونعم الله بك عينا أي : أنعمها . ولقيته أدنى عائنة أي : أدنى شيء تدركه العين . والعين : عظم سواد العين وسعتها . عين يعين عينا وعينة حسنة ؛ الأخيرة عن اللحياني ، وهو أعين وإنه لبين العينة ؛ عن اللحياني ، وإنه لأعين إذا كان ضخم العين واسعها ، والأنثى عيناء ، والجمع منها عين ، وأصله فعل بالضم ؛ ومنه قيل لبقر الوحش عين ، صفة غالبة . قال الله - عز وجل : وحور عين . ورجل أعين : واسع العين بين العين ؛ والعين : جمع عيناء ، وهي الواسعة العين . وفي الحديث : إن في الجنة لمجتمعا للحور العين . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب العين ، هي جمع أعين . وحديث اللعان : إن جاءت به أعين أدعج . والثور أعين والبقرة عيناء . قال ابن سيده : ولا يقال ثور أعين ولكن يقال الأعين ، غير موصوف به ، كأنه نقل إلى حد الاسمية . وقال ابن بري : يقال عين الرجل يعين عينا وعينة ، وهو أعين . وعيون البقر : ضرب من العنب بالشام ، ومنهم من لم يخص بالشام ، ولا بغيره ، على التشبيه بعيون البقر من الحيوان ؛ وقال أبو حنيفة : هو عنب أسود ليس بالحالك ، عظام الحب مدحرج يزبب ، وليس بصادق الحلاوة . وثوب معين : في وشيه ترابيع صغار تشبه بعيون الوحش . وثور معين : بين عينيه سواد ؛ أنشد سيبويه :


                                                          فكأنه لهق السراة كأنه     ما حاجبيه معين بسواد


                                                          والعينة للشاة : كالمحجر للإنسان ، وهو ما حول العين . وشاة عيناء إذا اسود عينتها وابيض سائرها ، وقيل : أو كان بعكس ذلك . وعين الرجل : منظره . والعين : الذي ينظر للقوم ، يذكر ويؤنث ، سمي بذلك لأنه إنما ينظر بعينه ، وكأن نقله من الجزء إلى الكل هو الذي حملهم على تذكيره ، وإلا فإن حكمه التأنيث ؛ قال ابن سيده : وقياس هذا عندي أن من حمله على الجزء فحكمه أن يؤنثه ، ومن حمله على الكل فحكمه أن يذكره ؛ وكلاهما قد حكاه سيبويه ؛ وقول أبي ذؤيب :


                                                          ولو أنني استودعته الشمس لارتقت     إليه المنايا عينها ورسولها



                                                          أراد نفسها . وكان يجب أن يقول أعينها ورسلها لأن المنايا جمع ، فوضع الواحد موضع الجمع ، وبيت أبي ذؤيب هذا استشهد به الأزهري على قوله : العين الرقيب ، وقال بعد إيراد البيت : يريد رقيبها ؛ وأنشد أيضا لجميل :


                                                          رمى الله في عيني بثينة بالقذى     وفي الغر من أنيابها بالقوادح



                                                          وقال : معناه في رقيبيها اللذين يرقبانها ويحولان بيني وبينها ، وهذا مكان يحتاج إلى محاققة الأزهري عليه ، وإلا فما الجمع بين الدعاء على رقيبيها وعلى أنيابها ، وفيما ذكره تكلف ظاهر . وفلان عين الجيش : يريدون رئيسه . والاعتيان : الارتياد . وبعثنا عينا أي : طليعة يعتاننا ويعتان لنا أي : يأتينا بالخبر . والمعتان : الذي يبعثه القوم رائدا . حكى اللحياني : ذهب فلان فاعتان لنا منزلا مكلئا فعداه أي : ارتاد لنا منزلا ذا كلإ . وعان لهم : كاعتان ؛ عن الهجري ؛ وأنشد لناهض ابن ثومة الكلابي :


                                                          يقاتل مرة ويعين أخرى     ففرت بالصغار وبالهوان



                                                          واعتان لنا فلان أي : صار عينا أي : ربيئة ، وربما قالوا عان علينا فلان يعين عيانة أي : صار لهم عينا . وفي الحديث : أنه بعث بسبسة عينا يوم بدر أي : جاسوسا . واعتان له إذا أتاه بالخبر . ومنه حديث الحديبية : كان الله قد قطع عينا من المشركين أي : كفى الله منهم من كان يرصدنا ويتجسس علينا أخبارنا . ويقال : اذهب واعتن لي منزلا أي : ارتده . والعين : الديدبان والجاسوس . وأعيان القوم : أشرافهم وأفاضلهم ، على المثل بشرف العين الحاسة . وابنا عيان : طائران يزجر بهما العرب كأنهم يرون ما يتوقع أو ينتظر بهما عيانا ، وقيل : ابنا عيان خطان يخطان في الأرض يزجر بهما الطير ، وقيل : هما خطان يخطونهما للعيافة ثم يقول الذي يخطهما : ابني عيان أسرعا البيان ؛ وقال الراعي :


                                                          وأصفر عطاف إذا راح ربه     جرى ابنا عيان بالشواء المضهب



                                                          وإنما سميا ابني عيان لأنهم يعاينون الفوز والطعام بهما ، وقيل : ابنا عيان قدحان معروفان ، وقيل : هما طائران يزجر بهما يكونان في خط الأرض ، وإذا علم أن القامر يفوز قدحه قيل : جرى ابنا عيان . والعين : عين الماء . والعين : التي يخرج منها الماء . والعين : ينبوع الماء الذي ينبع من الأرض ويجري - أنثى ، والجمع أعين وعيون . ويقال : غارت عين الماء . وعين الركية : مفجر مائها ومنبعها . وفي الحديث : خير المال عين ساهرة لعين نائمة ؛ أراد عين الماء التي تجري ولا تنقطع ليلا ونهارا ، وعين صاحبها نائمة فجعل السهر مثلا لجريها ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          أولئك عين الماء فيهم وعندهم     من الخيفة المنجاة والمتحول



                                                          فسره فقال : عين الماء الحياة للناس . وحفرت حتى عنت وأعينت : بلغت العيون ، وكذلك أعان وأعين : حفر فبلغ العيون . وقال الأزهري : حفر الحافر فأعين وأعان أي : بلغ العيون . وعين القناة : مصب مائها . وماء معيون : ظاهر ، تراه العين جاريا على وجه الأرض ؛ وقول بدر بن عامر الهذلي :


                                                          ماء يجم لحافر معيون



                                                          قال بعضهم : جره على الجوار ، وإنما حكمه معيون بالرفع لأنه نعت لماء ؛ وقال بعضهم : هو مفعول بمعنى فاعل . وماء معين : كمعيون ، وقد اختلف في وزنه فقيل : هو مفعول وإن لم يكن له فعل ، وقيل : هو فعيل من المعن ، وهو الاستقاء ، وقد ذكر في الصحيح . أبو سعيد : عين معيونة لها مادة من الماء ؛ وقال الطرماح :


                                                          ثم آلت وهي معيونة من     بطيء الضهل نكز المهامي



                                                          أراد أنها طمت ثم آلت أي : رجعت . وعانت البئر عينا : كثر ماؤها . وعان الماء والدمع يعين عينا وعينانا - بالتحريك : جرى وسال .

                                                          [ ص: 359 ] وسقاء عين وعين ، والكسر أكثر ، كلاهما إذا سال ماؤه ؛ عن اللحياني ؛ وقيل : العين والعين الجديد ، طائية ؛ قال الطرماح :


                                                          قد اخضل منها كل بال وعين     وجف الروايا بالملا المتباطن


                                                          وكذلك قربة عين : جديدة ، طائية أيضا ؛ قال :


                                                          ما بال عيني كالشعيب العين



                                                          وحمل سيبويه عينا على أنه فيعل مما عينه ياء ، وقد كان يمكن أن يكون فوعلا وفعولا من لفظ العين ومعناها ، ولو حكم بأحد هذين المثالين لحمل على مألوف غير منكر ، ألا ترى أن فعولا وفوعلا لا مانع لكل واحد منهما أن يكون في المعتل كما يكون في الصحيح ؟ وأما فيعل - بفتح العين - مما عينه ياء فعزيز ، ثم لم تمنعه عزة ذلك أن حكم بذلك على عين ، وعدل عن أن يحمله على أحد المثالين اللذين كل واحد منهما لا مانع له من كونه في المعتل العين كونه في الصحيحها ، فلا نظير لعين ؛ والجمع عيائن ؛ همزوا لقربها من الطرف . الأصمعي : عينت القربة إذا صببت فيها ماء ليخرج من مخارزها فتنسد آثار الخرز وهي جديدة ، وسربتها كذلك . وقالالفراء : التعين أن يكون في الجلد دوائر رقيقة ؛ قال القطامي :


                                                          ولكن الأديم إذا تفرى بلى     وتعينا غلب الصناعا



                                                          الجوهري : عينت القربة صببت فيها ماء لتتفتح عيون الخرز فتنسد ؛ قال جرير :


                                                          بلى فارفض دمعك غير نزر     كما عينت بالسرب الطبابا



                                                          ابن الأعرابي : تعينت أخفاف الإبل إذا نقبت مثل تعين القربة . وتعينت الشخص تعينا إذا رأيته . وعين القبلة : حقيقتها . والعين من السحاب : ما أقبل من ناحية القبلة وعن يمينها ، يعني قبلة العراق . يقال : هذا مطر العين ، ولا يقال مطرنا بالعين . وقال ثعلب : إذا كان المطر من ناحية القبلة فهو مطر العين ، والعين : اسم لما عن يمين قبلة أهل العراق ، وكانت العرب تقول : إذا نشأت السحابة من قبل العين فإنها لا تكاد تخلف أي : من قبل قبلة أهل العراق . وفي الحديث : إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة ، هو من ذلك ، قال : وذلك أخلق للمطر في العادة ؛ وقال : تقول العرب : مطرنا بالعين ، وقيل : العين من السحاب ما أقبل عن القبلة ، وذلك الصقع يسمى العين ؛ وقوله : تشاءمت أي : أخذت نحو الشأم ، والضمير في تشاءمت للسحابة : فتكون بحرية منصوبة ، أو للبحرية فتكون مرفوعة . والعين : مطر أيام لا يقلع ، وقيل : هو المطر يدوم خمسة أيام أو ستة أو أكثر لا يقلع ؛ قال الراعي :


                                                          وأنآء حي تحت عين مطيرة     عظام البيوت ينزلون الروابيا



                                                          يعني حيث لا تخفى بيوتهم يريدون أن تأتيهم الأضياف . والعين : الناحية . والعين : عين الركبة . وعين الركبة : نقرة في مقدمها ، ولكل ركبة عينان ، وهما نقرتان في مقدمها عند الساق . والعين : عين الشمس ، وعين الشمس : شعاعها الذي لا تثبت عليه العين ، وقيل : العين الشمس نفسها . يقال : طلعت العين وغابت العين ؛ حكاه اللحياني . والعين : المال العتيد الحاضر الناض . ومن كلامهم : عين غير دين . والعين : النقد ؛ يقال : اشتريت العبد بالدين أو بالعين ؛ والعين الدينار كقول أبي المقدام :


                                                          حبشي له ثمانون عينا     بين عينيه قد يسوق إفالا



                                                          أراد عبدا حبشيا له ثمانون دينارا ، بين عينيه : بين عيني رأسه . والعين : الذهب عامة . قال سيبويه : وقالوا عليه مائة عينا ، والرفع الوجه لأنه يكون من اسم ما قبله ، وهو هو . الأزهري : والعين الدينار . والعين في الميزان : الميل ، قيل : هو أن ترجح إحدى كفتيه على الأخرى ، وهي أنثى . يقال : ما في الميزان عين ، والعرب تقول : في هذا الميزان عين أي : في لسانه ميل قليل أو لم يكن مستويا . ويقولون : هذا دينار عين إذا كان ميالا أرجح بمقدار ما يميل به لسان الميزان . قال الأزهري : وعين سبعة دنانير نصف دانق . والعين عند العرب : حقيقة الشيء . يقال : جاء بالأمر من عين صافية أي : من فصه وحقيقته . وجاء بالحق بعينه أي : خالصا واضحا . وعين كل شيء : خياره . وعين المتاع والمال وعينته : خياره ، وقد اعتانه . وخرج في عينة ثيابه أي : في خيارها . قال الجوهري : وعينة المال خياره مثل العيمة . وهذا ثوب عينة إذا كان حسنا في مرآة العين . واعتان فلان الشيء إذا أخذ عينته وخياره . والعينة : خيار الشيء ، جمعها عين ؛ قال الراجز :


                                                          فاعتان منها عينة فاختارها     حتى اشترى بعينه خيارها



                                                          واعتان الرجل إذا اشترى الشيء بنسيئة . وعينة الخيل : جيادها ؛ عن اللحياني . وعين الشيء : نفسه وشخصه وأصله ، والجمع أعيان . وعين كل شيء : نفسه وحاضره وشاهده . وفي الحديث : أوه عين الربا أي : ذاته ونفسه . ويقال : هو هو عينا ، وهو هو بعينه ، وهذه أعيان دراهمك ودراهمك بأعيانها ؛ عن اللحياني ، ولا يقال فيها أعين ولا عيون . ويقال : لا أقبل إلا درهمي بعينه ، وهؤلاء إخوتك بأعيانهم ، ولا يقال فيه بأعينهم ، ولا عيونهم . وعين الرجل : شاهده ؛ ومنه قولهم : الفرس الجواد عينه فراره ؛ وفراره إذا رأيته تفرست فيه الجودة من غير أن تفره عن عدو أو غير ذلك . وفي المثل : إن الجواد عينه فراره . ويقال : إن فلانا لكريم عين الكرم . ولا أطلب أثرا بعد عين أي : بعد معاينة ؛ معناه أي : لا أترك الشيء وأنا أعاينه وأطلب أثره بعد أن يغيب عني ، وأصله أن رجلا رأى قاتل أخيه ، فلما أراد قتله قال أفتدي بمائة ناقة ، فقال : لست أطلب أثرا بعد عين ، وقتله . وما بها عين وعين - بنصب الياء - والعين وعائن وعائنة أي : أحد ، وقيل : العين أهل الدار ؛ قال أبو النجم :


                                                          تشرب ما في وطبها قبل العين     تعارض الكلب إذا الكلب رشن



                                                          والأعيان : الإخوة يكونون لأب وأم ولهم إخوة لعلات . وفي حديث علي - كرم الله وجهه : أن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ؛ قال : الأعيان ولد الرجل من امرأة واحدة، مأخوذ من عين [ ص: 360 ] الشيء وهو النفيس منه ؛ قال الجوهري : وهذه الأخوة تسمى المعاينة . والأقران : بنو أم من رجال شتى ، وبنو العلات : بنو رجل من أمهات شتى ، وفي النهاية : فإذا كانوا لأم واحدة وآباء شتى فهم الأخياف ؛ ومعنى الحديث : أن الإخوة من الأب والأم يتوارثون دون الإخوة للأب . وعين القوس : التي يقع فيها البندق . وعين عليه : أخبر السلطان بمساويه ، شاهدا كان أو غائبا . وعين فلانا : أخبره بمساويه في وجهه ؛ عن اللحياني . والعين والعينة : الربا . وعين التاجر : أخذ بالعينة أو أعطى بها . والعينة : السلف ، تعين عينة وعينه إياها . والعين : الجماعة ؛ قال جندل بن المثنى :


                                                          إذا رآني واحدا أو في عين     يعرفني أطرق إطراق الطحن


                                                          الأزهري : يقال عين التاجر يعين تعيينا وعينة قبيحة ، وهي الاسم ، وذلك إذا باع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل معلوم ، ثم اشتراها منه بأقل من الثمن الذي باعها به ، وقد كره العينة أكثر الفقهاء وروي فيها النهي عن عائشة وابن عباس . وفي حديث ابن عباس : أنه كره العينة ؛ قال : فإن اشترى التاجر بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ، ثم باعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراه إلى أجل مسمى ، ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن الذي اشتراها به ، فهذه أيضا عينة ، وهي أهون من الأولى ، وأكثر الفقهاء على إجازتها على كراهة من بعضهم لها ، وجملة القول فيها أنها إذا تعرت من شرط يفسدها فهي جائزة ، وإن اشتراها المتعين بشرط أن يبيعها من بائعها الأول فالبيع فاسد عند جميعهم ، وسميت عينة لحصول النقد لطالب العينة ، وذلك أن العينة اشتقاقها من العين ، وهو النقد الحاضر ويحصل له من فوره ، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة ؛ وقال الراجز :


                                                          وعينه كالكالئ الضمار



                                                          يريد بعينه حاضر عطيته ، يقول : فهو كالضمار ، وهو الغائب الذي لا يرجى . وصنع ذلك على عين وعلى عينين وعلى عمد عين وعلى عمد عينين كل ذلك بمعنى واحد أي : عمدا ؛ عن اللحياني . ولقيته قبل كل عائنة وعين أي : قبل كل شيء . ولقيته أول ذي عين وعائنة وأول عين وأول عائنة وأدنى عائنة أي : قبل كل شيء أو أول كل شيء . ولقيته معاينة ولقيته عين عنة ومعاينة ، كل ذلك بمعنى أي : مواجهة ، وقيل : لقيته عين عنة إذا رأيته عيانا ولم يرك . وأعطاه ذلك عين عنة أي : خاصة من بين أصحابه . وفعلت ذلك عمد عين إذا تعمدته بجد ويقين ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          أبلغا عني الشويعر أني     عمد عين قلدتهن حريما



                                                          قال ابن بري : الشويعر يعني به محمد بن حمران ، وكذلك فعلته عمدا على عين ؛ قال خفاف بن ندبة السلمي :


                                                          فإن تك خيلي قد أصيب صميمها     فعمدا على عين تيممت مالكا


                                                          والعين : طائر أصفر البطن أخضر الظهر بعظم القمري . والعيان : حلقة السنة وجمعها عين . قال ابن سيده : والعيان حلقة على طرف اللومة والسلب والدجرين ، والجمع أعينة وعين ؛ سيبويه : ثقلوا لأن الياء أخف عليهم من الواو ، يعني أنه لا يحمل باب عين على باب خون بالإجماع لخفة الياء وثقل الواو ، ومن قال أزر فخفف ، وهي التميمية لزمه أن يقول عين فيكسر فتصح الياء ، ولم يقولوا عين كراهية الياء الساكنة بعد الضمة . قال الجوهري : والعيان حديدة تكون في متاع الفدان ، والجمع عين ، وهو فعل ، فنقلوا لأن الياء أخف من الواو . قال أبو عمرو : اللومة السنة التي تحرث بها الأرض ، فإذا كانت على الفدان فهي العيان ، وجمعه عين لا غير ؛ قال ابن بري : تكون في متاع الفدان بالتخفيف ، والجمع عين - بضمتين - وإن أسكنت قلت عين مثل رسل ، قال : وقال أبو الحسن الصقلي : الفدان - بالتخفيف - الآلة التي يحرث بها ، والفدان - بالتشديد - المبلغ المعروف . ويقال : عين فلان الحرب بيننا إذا أدرها . وعينة الحرب : مادتها ؛ قال ابن مقبل :


                                                          لا تحلب الحرب مني بعد     عينتها إلا علالة سيد مارد سدم



                                                          ورأيته بعائنة العدو أي : بحيث تراه عيون العدو . وما رأيت ثم عائنة أي : إنسانا . ورجل عين : سريع البكاء . والمعان : المنزل ، يقال : الكوفة معان منا أي : منزل ومعلم ؛ قال ابن سيده : وقد ذكر في الصحيح لأنه يكون فعالا ومفعلا . وتعين السقاء : رق من القدم ، وقيل : التعين في الجلد أن يكون فيه دوائر رقيقة مثل الأعين ، وليس ذلك بقوي . وسقاء عين ومتعين إذا رق فلم يمسك الماء . يقال : بالجلد عين ، وهو عيب فيه ، تقول منه : تعين الجلد ؛ وأنشد لرؤبة :


                                                          ما بال عيني كالشعيب العين     وبعض أعراض الشجون

                                                          الشجن دار كرقم الكاتب المرقن

                                                          وشعيب عين وعين : يسيل منها الماء ، وقد تقدم ذلك في السقاء . والمعين من الجراد : الذي يسلخ فتراه أبيض وأحمر ؛ وذكر الأزهري في ترجمة ( ينع ) قال : قال أبو الدقيش ضروب الجراد الحرشف والمعين والمرجل والخيفان ، قال : فالمعين الذي ينسلخ فيكون أبيض وأحمر ، والخيفان نحوه ، والمرجل الذي ترى آثار أجنحته ، قال : وغزال شعبان وراعية الأتن ، والكدم من ضروب الجراد ، ويقال له كدم السمر ، وهو الحجل والسرمان والشقير واليعسوب ، وهو حجل أحمر عظيم . وأتيت فلانا وما عين لي بشيء وما عينني بشيء أي : ما أعطاني شيئا ؛ عن اللحياني ، وقيل : معناه لم يدلني على شيء . وعين : موضع ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          فالسدر مختلج وغودر طافيا     ما بين عين إلى نباتى الأثأب



                                                          وعينونة : موضع . وروى بعضهم في الحديث : عينين - بكسر الأول - جبل بأحد ، وروي عينين - بفتحه ، وهو الجبل الذي قام عليه إبليس يوم أحد فنادى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قتل . وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - قال له عبد الرحمن بن عوف يعرض به : إني لم أفر يوم [ ص: 361 ] عينين ، قال عثمان : فلم تعيرني بذنب قد عفا الله عنه ؟ حكى الحديث الهروي في الغريبين . ويقال ليوم أحد : يوم عينين ؛ وهو الجبل الذي أقام عليه الرماة يومئذ ؛ قال الأزهري : وبالبحرين قرية تعرف بعينين ، قال : وقد دخلتها أنا ، وإليها ينسب خليد عينين ، وهو رجل يهاجي جريرا ؛ وأنشد ابن بري :


                                                          ونحن منعنا يوم عينين منقرا     ويوم جدود لم نواكل عن الأصل



                                                          وعين التمر : موضع . ورأس عين ورأس العين : موضع بين حران ونصيبين ، وقيل : بين ربيعة ومضر ؛ قال المخبل :


                                                          وأنكحت هزالا خليدة بعدما     زعمت برأس العين أنك قاتله



                                                          ابن السكيت : يقال قدم فلان من رأس عين ، ولا يقال من رأس العين . وحكى ابن بري عن ابن درستويه : رأس عين قرية فوق نصيبين ؛ وأنشد :


                                                          نصيبين بها إخوان صدق     ولم أنس الذين برأس عين



                                                          وقال ابن حمزة : لا يقال فيها إلا رأس العين - بالألف واللام ؛ وأنشد بيت المخبل ، وقد تقدم آنفا ؛ وأنشد أيضا لامرأة قتل الزبرقان زوجها :


                                                          تجلل خزيها عوف بن كعب     فليس لخلفها منه اعتذار
                                                          برأس العين قاتل من أجرتم     من الخابور مرتعه السرار



                                                          وعيينة : اسم موضع . وعينان : اسم موضع بشق البحرين كثير النخل ؛ قال الراعي :


                                                          يحث بهن الحاديان كأنما     يحثان جبارا بعينين مكرعا



                                                          والعين : حرف هجاء ، وهو حرف مجهور ، يكون أصلا ويكون بدلا كقول ذي الرمة :

                                                          أعن ترسمت من خرقاء منزلة ماء الصبابة من عينيك مسجوم

                                                          يريد : أن ؛ قال ابن جني : وزن عين فعل ، ولا يجوز أن يكون فيعلا كميت وهين ولين ، ثم حذفت عين الفعل منه ؛ لأن ذلك هنا لا يحسن من قبل أن هذه حروف جوامد بعيدة عن الحذف والتصرف ، وكذلك الغين . وعين عينا حسنة : عملها ؛ عن ثعلب . وعائنة بني فلان : أموالهم ورعيانهم . وبلد قليل العين أي : قليل الناس . وأسود العين : جبل ؛ قال الفرزدق :


                                                          إذا زال عنكم أسود العين كنتم     كراما وأنتم ما أقام ألائم



                                                          وفي حديث الحجاج : قال للحسن والله لعينك أكبر من أمدك ؛ يعني شاهدك ومنظرك أكبر من سنك وأكثر في أمد عمرك . وعين كل شيء : شاهده وحاضره . ويقال : أنت على عيني في الإكرام والحفظ جميعا ؛ قال - تعالى : ولتصنع على عيني . وروى المنذري عن أحمد بن يحيى قال : يقال أصابته من الله عين . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : أن رجلا كان ينظر في الطواف إلى حرم المسلمين فلطمه علي - رضي الله عنه - فاستعدى عليه عمر فقال : ضربك بحق أصابته عين من عيون الله - عز وجل ؛ أراد خاصة من خواص الله ووليا من أوليائه ؛ وأنشدنا :


                                                          فما الناس أردوه ولكن أصابه     يد الله والمستنصر الله غالب



                                                          وأما حديث عائشة - رضي الله عنها : اللهم عين على سارق أبي بكر أي : أظهر عليه سرقته . يقال : عينت على السارق تعيينا إذا خصصته من بين المتهمين من عين الشيء نفسه وذاته ، وأما حديث علي - كرم الله وجهه : أنه قاس العين ببيضة جعل عليها خطوطا وأراها إياه ، وذلك في العين تضرب بشيء يضعف منه بصرها فيعرف ما نقص منها ببيضة تخط عليها خطوط سود أو غيرها ، وتنصب على مسافة تدركها العين الصحيحة ، ثم تنصب على مسافة تدركها العين العليلة ، ويعرف ما بين المسافتين فيكون ما يلزم الجاني بنسبة ذلك من الدية ؛ وقال ابن عباس : لا تقاس العين في يوم غيم لأن الضوء يختلف يوم الغيم في الساعة الواحدة ولا يصح القياس . وتعين عليه الشيء : لزمه بعينه . وشرب من عائن أي : من ماء سائل . وتعيين الشيء : تخصيصه من الجملة . والمعين : فحل ثور ؛ قال جابر بن حريش :


                                                          ومعينا يحوي الصوار كأنه     متخمط قطم إذا ما بربرا


                                                          وعينت اللؤلؤة ثقبتها ، والله - تعالى - أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية