الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه

                                                                      3387 حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة حدثنا عمر بن حمزة أخبرنا سالم بن عبد الله عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من استطاع منكم أن يكون مثل صاحب فرق الأرز فليكن مثله قالوا ومن صاحب فرق الأرز يا رسول الله فذكر حديث الغار حين سقط عليهم الجبل فقال كل واحد منهم اذكروا أحسن عملكم قال وقال الثالث اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجيرا بفرق أرز فلما أمسيت عرضت عليه حقه فأبى أن يأخذه وذهب فثمرته له حتى جمعت له بقرا ورعاءها فلقيني فقال أعطني حقي فقلت اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها فذهب فاستاقها [ ص: 191 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 191 ] ( مثل صاحب فرق الأرز ) : بفتح الفاء والراء بعدها قاف وقد تسكن الراء . قال في القاموس : مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصع أو يسع ستة عشر رطلا والأرز فيه ست لغات : فتح الألف وضمها مع ضم الراء وتضم الألف مع سكون الراء وتخفيف الزاي وتشديدها ، والرواية هنا بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي قاله القسطلاني .

                                                                      وقال في القاموس : الأرز حب معروف وقال في الصراح أرز برنج ( فذكر حديث الغار ) : لم يذكره أبو داود بطوله ، وذكره البخاري مطولا في ذكر بني إسرائيل والمزارعة والبيوع وغيرها ، وذكره مسلم في التوبة ( فثمرته ) : من التثمير أي كثرت الأرز وزدته بالزراعة ( له ) : أي للأجير ( ورعاءها ) : جمع راع واستدل أبو داود بهذا الحديث على جواز تجارة الرجل في مال الرجل بغير إذنه ، وقد تقدم اختلاف العلماء في هذه المسألة في الباب المتقدم ، وترجم البخاري في صحيحه : باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي ثم ذكر هذا الحديث .

                                                                      وقال القسطلاني في شرح البخاري وموضع الترجمة من هذا الحديث : قوله إني استأجرت إلخ ، فإن فيه تصرف الرجل في مال الأجير بغير إذنه ، فاستدل به المؤلف رحمه [ ص: 192 ] الله على جواز بيع الفضولي وشرائه ، والقول بصحة بيع الفضولي هو مذهب المالكية وهو القول القديم للشافعي رضي الله عنه فينعقد موقوفا على إجازة المالك إن أجازه نفد وإلا لغا ، والقول الجديد بطلانه . وقد أجيب عما وقع هنا بأن الظاهر أن الرجل الأجير لم يملك الفرق ، لأن المستأجر لم يستأجره بفرق معين وإنما استأجره بفرق في الذمة ، فلما عرض عليه قبضه امتنع لرداءته ، فلم يدخل في ملكه بل بقي حقه متعلقا بذمة المستأجر ، لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح ، فالنتاج الذي حصل على ملك المستأجر تبرع به للأجير بتراضيهما . وغاية ذلك أنه أحسن القضاء فأعطاه حقه وزيادات كثيرة ، ولو كان الفرق تعين للأجير لكان تصرف المستأجر فيه تعديا . انتهى كلام القسطلاني مختصرا ، وهذا الجواب مدفوع من وجوه شتى وليس هذا المختصر محل لبيانه .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ولمسلم بنحوه أتم منه .




                                                                      الخدمات العلمية