الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      إرم ذات العماد

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إرم عطف بيان لـ"عاد" للإيذان بأنهم عاد الأولى بتقدير مضاف أي: سبط إرم أو أهل إرم على ما قيل من أن إرم اسم بلدتهم أو أرضهم التي كانوا فيها، ويؤيده القراءة بالإضافة وأيا ما كان; فامتناع صرفها للتعريف والتأنيث، وقرئ "إرم" بإسكان الراء تخفيفا كما قرئ "بورقكم". ذات العماد صفة لـ"إرم" أي: ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالأعمدة، ومنه قولهم: رجل عمد وعمدان إذا كان طويلا، أو ذات الخيام والأعمدة حيث كانوا بدويين أهل عمد أو ذات البناء الرفيع، أو ذات الأساطين على أن إرم اسم بلدتهم، وقرئ "إرم ذات العماد" بإضافة إرم إلى ذات العماد، والإرم: العلم أي: بعاد أهل أعلام ذات العماد على أنها اسم بلدتهم، وقرئ "إرم ذات العماد" أي: جعلها الله تعالى رميما بدل من فعل ربك. وقيل: هي جملة دعائية اعترضت بين الموصوف والصفة، وروي أنه كان لعاد ابنان شديد وشداد فملكا وقهرا ثم مات شديد، وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال: أبني مثلها، فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلثمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة، ولما تم بناؤها سار إليها أهل مملكته، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليهم صيحة من السماء فهلكوا، وعن عبد الله بن قلابة [ ص: 155 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثمة وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال: هي إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ثم التفت إلى ابن قلابة فقال: هذا والله ذلك الرجل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية