(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) قال
قتادة : نزلت في اليهود . وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : في
رفاعة بن زيد بن التابوت . وقيل : في غيره من اليهود . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر شيئا من أحوال
[ ص: 261 ] الآخرة ، وأن الكفار إذ ذاك يودون لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ، وجاءت هذه الآية بعد ذلك كالاعتراض بين ذكر أحوال الكفار في الآخرة ، وذكر أحوالهم في الدنيا وما هم عليه من معاداة المؤمنين ، وكيف يعاملون رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يأتي شهيدا عليهم وعلى غيرهم . ولما كان اليهود أشد إنكارا للحق ، وأبعد من قبول الخير . وكان قد تقدم أيضا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=37الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ، وهم أشد الناس تحليا بهذين الوصفين ، أخذ يذكرهم بخصوصيتهم . وتقدم تفسير
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44ألم تر إلى الذين في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ) فأغنى عن إعادته .
والنصيب : الحظ . ومن الكتاب : يحتمل أن يتعلق بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44أوتوا ) ، ويحتمل أن يكون في موضع الصفة ل نصيبا . وظاهر لفظ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44الذين أوتوا ) يشمل اليهود والنصارى ، ويكون الكتاب عبارة عن التوراة والإنجيل . وقيل : الكتاب هنا التوراة ، والنصيب قيل : بعض علم التوراة ، لا العمل بما فيها . وقيل : علم ما هو حجة عليهم منه فحسب . وقيل : كفرهم به . وقيل : علم نبوة
محمد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44يشترون الضلالة ) المعنى : يشترون الضلالة بالهدى ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : استبدلوا الضلالة بالإيمان . وقال
مقاتل : استبدلوا التكذيب بالنبي بعد ظهوره بإيمانهم به قبل ظهوره واستنصارهم به انتهى . ودل لفظ الاشتراء على إيثار الضلالة على الهدى ، فصار ذلك بغيا شديدا عليهم ، وتوبيخا فاضحا لهم ، حيث هم عندهم حظ من علم التوراة والإنجيل ، ومع ذلك آثروا الكفر على الإيمان . وكتابهم طافح بوجوب اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل . وقيل : اشتراء الضلالة هنا هو ما كانوا يبذلون من أموالهم لأحبارهم على تثبيت دينهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44ويريدون أن تضلوا السبيل ) أي : لم يكفهم أن ضلوا في أنفسهم حتى تعلقت آمالهم بضلالكم أنتم أيها المؤمنون عن سبيل الحق ، لأنهم لما علموا أنهم قد خرجوا من الحق إلى الباطل كرهوا أن يكون المؤمنون مختصين باتباع الحق ، فأرادوا أن يضلوا كما ضلوا هم كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) وقرأ
النخعي : وتريدون بالتاء باثنتين من فوق ، قيل : معناه وتريدون أيها المؤمنون أن تضلوا السبيل أي : تدعون الصواب في اجتنابهم ، وتحسبونهم غير أعداء الله . وقرئ : أن يضلوا بالياء وفتح الضاد وكسرها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45والله أعلم بأعدائكم ) فيه تنبيه على الوصف المنافي لوداد الخير للمؤمنين وهي العداوة . وفيه إشارة إلى التحذير منهم ، وتوبيخ على الاستنامة إليهم والركون ، والمعنى : أنه تعالى قد أخبر بعداوتهم للمؤمنين ، فيجب حذرهم كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4هم العدو فاحذرهم ) و ( أعلم ) على بابها من التفضيل ، أي : أعلم بأعدائكم منكم . وقيل : بمعنى عليم ، أي : عليم بأعدائكم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا ) ومن كان الله وليه ونصيره فلا يبالي بالأعداء ، فثقوا بولايته ونصرته دونهم أو لا تبالوا بهم ، فإنه ينصركم عليهم ، ويكفيكم مكرهم . وقيل : المعنى وليا لرسوله ، نصيرا لدينه .
والباء في ( بالله ) زائدة ، ويجوز حذفها كما قال :
سحيم :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
وزيادتها في فاعل كفى وفاعل يكفي مطردة كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : دخلت الباء في الفاعل ، لأن معنى الكلام الأمر ، أي : اكتفوا بالله . وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج مشعر أن الباء ليست بزائدة ، ولا يصح ما قال من المعنى ، لأن الأمر يقتضي أن يكون فاعله هم المخاطبون ، ويكون ( بالله ) متعلقا به . وكون الباء دخلت في الفاعل يقتضي أن يكون الفاعل هو الله لا المخاطبون ، فتناقض قوله . وقال
ابن السراج : معناه كفى الاكتفاء بالله ، وهذا أيضا يدل على أن الباء ليست زائدة إذ تتعلق بالاكتفاء ، فالاكتفاء هو الفاعل لكفى . وهذا أيضا لا يصح لأن فيه حذف المصدر وهو موصول ، وإبقاء معموله
[ ص: 262 ] وهو لا يجوز إلا في الشعر نحو قوله :
هل تذكرن إلى الديرين هجرتكم ومسحكم صلبكم رحمان قربانا
التقدير : وقولكم يا رحمن قربانا . وقال
ابن عطية : بالله في موضع رفع بتقدير زيادة الخافض ، وفائدة زيادته تبيين معنى الأمر في صورة الخبر ، أي : اكتفوا بالله ، فالباء تدل على المراد من ذلك . وهذا الذي قاله
ابن عطية ملفق بعضه من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، وهو أفسد من قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، لأنه زاد على تناقض اختلاف الفاعل اختلاف معنى الحرف ، إذ بالنسبة لكون الله فاعلا هو زائد ، وبالنسبة إلى أن معناه اكتفوا بالله هو غير زائد . وقال
ابن عيسى : إنما دخلت الباء في ( كفى بالله ) لأنه كان يتصل الفاعل ، وبدخول الباء اتصل اتصال المضاف واتصال الفاعل ، لأن الكفاية منه ليست كالكفاية من غيره ، فضوعف لفظها المضاعفة معناها ، وهو كلام يحتاج إلى تأويل . وقد تقدم الكلام على كفى بالله في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا ) لكن تكرر هنا لما تضمن من مزيد نقول ورد بعضها . وانتصاب وليا ونصيرا قيل : على الحال . وقيل : على التمييز ، وهو أجود لجواز دخول من .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ) قَالَ
قَتَادَةُ : نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : فِي
رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ . وَقِيلَ : فِي غَيْرِهِ مِنَ الْيَهُودِ . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ
[ ص: 261 ] الْآخِرَةِ ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ إِذْ ذَاكَ يَوَدُّونَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ، وَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالِاعْتِرَاضِ بَيْنَ ذِكْرِ أَحْوَالِ الْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ ، وَذِكْرِ أَحْوَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مُعَادَاةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَيْفَ يُعَامِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَأْتِي شَهِيدًا عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ . وَلَمَّا كَانَ الْيَهُودُ أَشَدَّ إِنْكَارًا لِلْحَقِّ ، وَأَبْعَدَ مِنْ قَبُولِ الْخَيْرِ . وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=37الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ، وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ تَحَلِّيًا بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ ، أَخَذَ يُذَكِّرُهُمْ بِخُصُوصِيَّتِهِمْ . وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=243أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ) فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ .
وَالنَّصِيبُ : الْحَظُّ . وَمِنَ الْكِتَابِ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44أُوتُوا ) ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَ نَصِيبًا . وَظَاهِرُ لَفْظِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44الَّذِينَ أُوتُوا ) يَشْمَلُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، وَيَكُونُ الْكِتَابُ عِبَارَةً عَنِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ . وَقِيلَ : الْكِتَابُ هُنَا التَّوْرَاةُ ، وَالنَّصِيبُ قِيلَ : بَعْضُ عِلْمِ التَّوْرَاةِ ، لَا الْعَمَلِ بِمَا فِيهَا . وَقِيلَ : عِلْمُ مَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنْهُ فَحَسْبُ . وَقِيلَ : كُفْرُهُمْ بِهِ . وَقِيلَ : عِلْمُ نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ ) الْمَعْنَى : يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : اسْتَبْدَلُوا الضَّلَالَةَ بِالْإِيمَانِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : اسْتَبْدَلُوا التَّكْذِيبَ بِالنَّبِيِّ بَعْدَ ظُهُورِهِ بِإِيمَانِهِمْ بِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَاسْتِنْصَارِهِمْ بِهِ انْتَهَى . وَدَلَّ لَفْظُ الِاشْتِرَاءِ عَلَى إِيثَارِ الضَّلَالَةِ عَلَى الْهُدَى ، فَصَارَ ذَلِكَ بَغْيًا شَدِيدًا عَلَيْهِمْ ، وَتَوْبِيخًا فَاضِحًا لَهُمْ ، حَيْثُ هُمْ عِنْدَهُمْ حَظٌّ مِنْ عِلْمِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَمَعَ ذَلِكَ آثَرُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ . وَكِتَابُهُمْ طَافِحٌ بِوُجُوبِ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ . وَقِيلَ : اشْتِرَاءُ الضَّلَالَةِ هُنَا هُوَ مَا كَانُوا يَبْذُلُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِأَحْبَارِهِمْ عَلَى تَثْبِيتِ دِينِهِمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=44وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ) أَيْ : لَمْ يَكْفِهِمْ أَنْ ضَلُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى تَعَلَّقَتْ آمَالُهُمْ بِضَلَالِكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنَ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ كَرِهُوا أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ مُخْتَصِّينَ بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَضِلُّوا كَمَا ضَلُّوا هُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=89وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ) وَقَرَأَ
النَّخَعِيُّ : وَتُرِيدُونَ بِالتَّاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ فَوْقُ ، قِيلَ : مَعْنَاهُ وَتُرِيدُونَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ أَيْ : تَدَّعُونَ الصَّوَابَ فِي اجْتِنَابِهِمْ ، وَتَحْسَبُونَهُمْ غَيْرَ أَعْدَاءِ اللَّهِ . وَقُرِئَ : أَنْ يَضِلُّوا بِالْيَاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَافِي لِوِدَادِ الْخَيْرِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ الْعَدَاوَةُ . وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّحْذِيرِ مِنْهُمْ ، وَتَوْبِيخٌ عَلَى الِاسْتِنَامَةِ إِلَيْهِمْ وَالرُّكُونِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ بِعَدَاوَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ ، فَيَجِبُ حَذَرُهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ) وَ ( أَعْلَمُ ) عَلَى بَابِهَا مِنَ التَّفْضِيلِ ، أَيْ : أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ مِنْكُمْ . وَقِيلَ : بِمَعْنَى عَلِيمٍ ، أَيْ : عَلِيمٌ بِأَعْدَائِكُمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=45وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ) وَمَنْ كَانَ اللَّهُ وَلَيَّهُ وَنَصِيرَهُ فَلَا يُبَالِي بِالْأَعْدَاءِ ، فَثِقُوا بِوِلَايَتِهِ وَنُصْرَتِهِ دُونَهُمْ أَوْ لَا تُبَالُوا بِهِمْ ، فَإِنَّهُ يَنْصُرُكُمْ عَلَيْهِمْ ، وَيَكْفِيكُمْ مَكْرَهُمْ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَلِيًّا لِرَسُولِهِ ، نَصِيرًا لِدِينِهِ .
وَالْبَاءُ فِي ( بِاللَّهِ ) زَائِدَةٌ ، وَيَجُوزُ حَذْفُهَا كَمَا قَالَ :
سُحَيْمٌ :
كَفَى الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا
وَزِيَادَتُهَا فِي فَاعِلِ كَفَى وَفَاعِلِ يَكْفِي مُطَّرِدَةٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : دَخَلَتِ الْبَاءُ فِي الْفَاعِلِ ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ الْأَمْرُ ، أَيِ : اكْتَفُوا بِاللَّهِ . وَكَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ مُشْعِرٌ أَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ ، وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَ مِنَ الْمَعْنَى ، لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ هُمُ الْمُخَاطِبُونَ ، وَيَكُونُ ( بِاللَّهِ ) مُتَعَلِّقًا بِهِ . وَكَوْنُ الْبَاءِ دَخَلَتْ فِي الْفَاعِلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ هُوَ اللَّهُ لَا الْمُخَاطَبُونَ ، فَتُنَاقِضُ قَوْلَهُ . وَقَالَ
ابْنُ السَّرَّاجِ : مَعْنَاهُ كَفَى الِاكْتِفَاءُ بِاللَّهِ ، وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ زَائِدَةً إِذْ تَتَعَلَّقُ بِالِاكْتِفَاءِ ، فَالِاكْتِفَاءُ هُوَ الْفَاعِلُ لِكَفَى . وَهَذَا أَيْضًا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْمَصْدَرِ وَهُوَ مَوْصُولٌ ، وَإِبْقَاءَ مَعْمُولِهِ
[ ص: 262 ] وَهُوَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ نَحْوَ قَوْلِهِ :
هَلْ تَذْكُرُنَّ إِلَى الدِّيرَيْنِ هِجْرَتَكُمْ وَمَسْحَكُمْ صُلْبَكُمْ رَحْمَانَ قُرْبَانَا
التَّقْدِيرُ : وَقَوْلُكُمْ يَا رَحْمَنُ قُرْبَانَا . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : بِاللَّهِ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِتَقْدِيرِ زِيَادَةِ الْخَافِضِ ، وَفَائِدَةُ زِيَادَتِهِ تَبْيِينُ مَعْنَى الْأَمْرِ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ ، أَيِ : اكْتَفَوْا بِاللَّهِ ، فَالْبَاءُ تَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ مُلَفَّقٌ بَعْضُهُ مِنْ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ ، وَهُوَ أَفْسَدُ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ ، لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى تَنَاقُضِ اخْتِلَافِ الْفَاعِلِ اخْتِلَافَ مَعْنَى الْحَرْفِ ، إِذْ بِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِ اللَّهِ فَاعِلًا هُوَ زَائِدٌ ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ اكْتَفُوا بِاللَّهِ هُوَ غَيْرُ زَائِدٍ . وَقَالَ
ابْنُ عِيسَى : إِنَّمَا دَخَلَتِ الْبَاءُ فِي ( كَفَى بِاللَّهِ ) لِأَنَّهُ كَانَ يَتَّصِلُ الْفَاعِلُ ، وَبِدُخُولِ الْبَاءِ اتَّصَلَ اتِّصَالَ الْمُضَافِ وَاتِّصَالَ الْفَاعِلِ ، لِأَنَّ الْكِفَايَةَ مِنْهُ لَيْسَتْ كَالْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِهِ ، فَضُوعِفَ لَفْظُهَا الْمُضَاعَفَةَ مَعْنَاهَا ، وَهُوَ كَلَامٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى كَفَى بِاللَّهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) لَكِنْ تَكَرَّرَ هُنَا لِمَا تَضَمَّنَ مِنْ مَزِيدِ نُقُولٍ وَرَدَ بَعْضُهَا . وَانْتِصَابُ وَلِيًّا وَنَصِيرًا قِيلَ : عَلَى الْحَالِ . وَقِيلَ : عَلَى التَّمْيِيزِ ، وَهُوَ أَجْوَدُ لِجَوَازِ دُخُولِ مِنْ .