الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غذا ]

                                                          غذا : الغذاء : ما يتغذى به ، وقيل : ما يكون به نماء الجسم وقوامه من الطعام والشراب واللبن ، وقيل : اللبن غذاء الصغير وتحفة الكبير وغذاه يغذوه غذاء . قال ابن السكيت : يقال غذوته غذاء حسنا ، ولا تقل غذيته واستعمله أيوب بن عباية في سقي النخل ، فقال :


                                                          فجاءت يدا مع حسن الغذا ء ، إذ غرس قوم قصير طويل

                                                          غذاه غذوا وغذاه فاغتذى وتغذى . ويقال : غذوت الصبي باللبن فاغتذى أي ربيته به ، ولا يقال غذيته ، بالياء . والتغذية أيضا : التربية . قال ابن سيده : غذيت الصبي لغة في غذوته إذا غذيته ؛ عن اللحياني . وفي الحديث : لا تغذوا أولاد المشركين ؛ أراد وطء الحبالى من السبي فجعل ماء الرجل للحمل كالغذاء . والغذي : السخلة ؛ أنشد أبو عمرو بن العلاء :


                                                          لو أنني كنت من عاد ومن إرم     غذي بهم ، ولقمانا وذا جدن

                                                          قال ابن بري : البيت لأفنون التغلبي ، واسمه صريم بن معشر ، قال : وغذي بهم في البيت هو أحد أملاك حمير ، وسمي بذلك لأنه كان يغذى بلحوم البهم ؛ وعليه قول سلمى بن ربيعة الضبي :


                                                          من لذة العيش ، والفتى     للدهر ، والدهر ذو فنون
                                                          أهلكن طسما ، وبعدهم     غذي بهم وذا جدون

                                                          قال : ويدلك على صحة ذلك عطفه لقمانا وذا جدن عليه في قوله :


                                                          لو أنني كنت من عاد ومن إرم

                                                          قال : وهو أيضا خبر كنت ولا يصح كنت سخالا . قال الأصمعي : أخبرني خلف الأحمر أنه سمع العرب تنشد البيت غذي بهم ، بالتصغير ، لقب رجل . قال شمر : وبلغني عن ابن الأعرابي أنه قال : الغذوي البهم الذي يغذى . قال : وأخبرني أعرابي من بلهجيم قال : الغذوي الحمل أو الجدي لا يغذى بلبن أمه ، ولكن يعاجى ، وجمع غذي غذاء مثل فصيل وفصال ؛ ومنه قول عمر ، رضي الله عنه ، : أمحتسب عليهم بالغذاء ؛ هكذا رواه الجوهري ؛ وقال ابن بري : الصواب في حديث عمر أنه قال احتسب عليهم بالغذاء ولا تأخذها منهم ، وكذلك ورد في حديث عمر ، رضي الله عنه ، ، أنه قال لعامل الصدقات : احتسب عليهم بالغذاء ولا تأخذها منهم . قال أبو عبيدة : الغذاء السخال الصغار ، واحدها غذي . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه ، : شكا إليه أهل الماشية تصديق الغذاء وقالوا إن كنت معتدا علينا بالغذاء فخذ منه صدقته ، فقال : إنا نعتد بالغذاء حتى السخلة يروح بها الراعي على يده ، ثم قال في آخره : وذلك عدل بين غذاء المال وخياره . قال ابن الأثير : وإنما ذكر الضمير ردا إلى لفظ الغذاء ، فإنه بوزن كساء ورداء ، وقد جاء السمام المنقع ، وإن كان جمع سم ؛ قال : والمراد بالحديث أن لا يأخذ الساعي خيار المال ولا رديه ، وإنما يأخذ الوسط ، وهو معنى قوله : وذلك عدل بين غذاء المال وخياره . وغذي المال وغذويه : صغاره كالسخال ونحوها . والغذوي : أن يبيع الرجل الشاة بنتاج ما نزا به الكبش ذلك العام ؛ قال الفرزدق :


                                                          ومهور نسوتهم إذا ما أنكحوا     غذوي كل هبنقع تنبال

                                                          ويروى غدوي ، بالدال المهملة ، منسوب إلى غد كأنهم يمنونه فيقولون : تضع إبلنا غدا فنعطيك غدا . قال ابن بري : وروى أبو عبيد هذا البيت :


                                                          ومهور نسوتهم إذا ما أنكحوا

                                                          بفتح الهمزة والكاف مبنيا للفاعل . والغذى مقصور : بول الجمل . وغذا ببوله وغذاه غذوا : قطعه ، وفي التهذيب : غذى البعير ببوله يغذي تغذية . وفي الحديث : حتى يدخل الكلب فيغذي على سواري المسجد أي يبول على السواري لعدم سكانه وخلوه من الناس . يقال : غذى ببوله يغذي إذا ألقاه دفعة دفعة . وغذا البول نفسه يغذو غذوا وغذوانا : سال ، وكذلك العرق والماء والسقاء ، وقيل : كل ما سال فقد غذا . والعرق يغذو غذوا أي يسيل دما ، ويغذي تغذية مثله . وفي حديث سعد بن معاذ : فإذا جرحه يغذو دما أي يسيل . وغذا الجرح يغذو إذا دام سيلانه . وفي حديث العباس : مرت سحابة فنظر إليها النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما تسمون هذه ؟ قالوا : السحاب ، قال : والمزن ، قالوا : والمزن ، قال : والغيذى ؛ قال الزمخشري : كأنه فيعل من غذا يغذو إذا سال ، قال : ولم أسمع بفيعل في معتل اللام غير هذا إلا الكيهاة ، وهي الناقة الضخمة ؛ قال الخطابي : إن كان محفوظا فلا أراه سمي به إلا لسيلان الماء من غذا يغذو . وغذا البول : انقطع ، وغذا أي أسرع . والغذوان : المسرع الذي يغذو ببوله إذا جرى ؛ قال :


                                                          وصخر بن عمرو بن الشريد كأنه     أخو الحرب ، فوق القارح الغذوان

                                                          هذه رواية الكوفيين ورواه غيرهم العدوان ، بالفتح ، وقد غذا . والغذوان أيضا : المسرع . وفي الصحاح : والغذوان من الخيل النشيط المسرع ، وقد روي بيت امرئ القيس :


                                                          كتيس ظباء الحلب الغذوان

                                                          مكان العدوان . أبو عبيد : غذا الماء يغذو إذا مر مرا مسرعا ؛ قال الهذلي :


                                                          تعنو بمخروت له ناضح     ذو ريق يغذو وذو شلشل

                                                          وعرق غاذ أي جار . والغذوان : النشيط من الخيل . وغذا الفرس غذوا : مر مرا سريعا . أبو زيد : الغاذية يافوخ الرأس ما كانت جلدة ، رطبة وجمعها الغواذي . قال ابن سيده : والغاذية من الصبي الرماعة ما دامت رطبة ، فإذا صلبت وصارت عظما فهي يافوخ .

                                                          [ ص: 23 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية