الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 77 ] فصل

[ باب القراءة في الصلاة ]

القراءة فرض في ركعتين سنة ( ف ) في الأخريين ، وإن سبح فيهما أجزأه ( ف ) ، ومقدار الفرض آية في كل ركعة ( سم ف ) ، والواجب الفاتحة والسورة أو ثلاث آيات . والسنة أن يقرأ في الفجر والظهر طوال المفصل ، وفي العصر والعشاء أوساطه ، وفي المغرب قصاره ، وفي حالة الضرورة والسفر يقرأ بقدر الحال ولا يتعين شيء من القرآن لشيء من الصلوات ، ويكره تعيينه .

التالي السابق


فصل

( القراءة فرض في ركعتين ) لقوله تعالى : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) ولا يفترض في غير الصلاة فتعين في الصلاة . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " القراءة في الأوليين قراءة في الأخريين " ، أي تنوب عنها كقولهم : لسان الوزير لسان الأمير .

( سنة في الأخريين ، وإن سبح فيهما أجزأه ) وقد بيناه .

قال : ( ومقدار الفرض آية في كل ركعة ) وقالا : ثلاث آيات قصار أو آية طويلة تعدلها ؛ لأن القرآن اسم للمعجز ولا معجز دون ذلك . وله قوله تعالى : ( فاقرءوا ما تيسر منه ) من غير تقييد ، وما دون الآية خارج بنفي ما وراءه ، ولا يفترض قراءة الفاتحة في الصلاة لإطلاق ما تلونا ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " إلى غيره من الأحاديث أخبار آحاد لا يجوز نسخ إطلاق الكتاب بهما فيحمل على الوجوب دون الفرضية كما قلنا .

( والواجب الفاتحة والسورة أو ثلاث آيات ) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على ذلك من غير ترك ، [ ص: 78 ] ولذلك وجب سجود السهو بتركه ساهيا .

( والسنة أن يقرأ في الفجر والظهر طوال المفصل ، وفي العصر والعشاء أوساطه ، وفي المغرب قصاره ) هكذا كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري ولا يعرف إلا توقيفا ، وقيل المستحب أن يقرأ في الفجر أربعين أو خمسين ، وقيل من أربعين إلى ستين . وروى ابن زياد : من ستين إلى مائة بكل ذلك وردت الآثار; وقيل المائة للزهاد والستون في الجماعات المعهودة ، والأربعون في مساجد الشوارع ، وفي الظهر ثلاثون ، وفي العصر والعشاء عشرون . والأصل أن الإمام يقرأ على وجه لا يؤدي إلى تقليل الجماعة ، وإن كان منفردا فالأولى أن يقرأ في حالة الحضر الأكثر تحصيلا للثواب .

( وفي حالة الضرورة والسفر يقرأ بقدر الحال ) دفعا للحرج . والسنة أن يقرأ في كل ركعة سورة تامة مع الفاتحة ، ويستحب أن لا يجمع بين سورتين في ركعة لأنه لم ينقل ، وإن فعل لا بأس ، وكذلك سورة في ركعتين .

قال : ( ولا يتعين شيء من القرآن لشيء من الصلوات ) لإطلاق النصوص .

( ويكره تعيينه ) لما فيه من هجران الباقي إلا أن يكون أيسر عليه ، أو تبركا بقراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع علمه أن الكل سواء ، ويطول الأولى من الفجر على الثانية إعانة للناس على الجماعات ، ويكره في سائر الصلوات .

وقال محمد : يستحب ذلك في جميع الصلوات ، كذا نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قلنا الركعتان استوتا في استحقاق القراءة فلا وجه إلى التفضيل بخلاف الصبح فإنه وقت نوم وغفلة ، وما رواه محمول على التطويل من حيث الاستفتاح والتعوذ ، ولا اعتبار في ذلك بما دون ثلاث آيات لعدم إمكان التحرز عنه .




الخدمات العلمية