الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غرم ]

                                                          غرم : غرم يغرم غرما وغرامة وأغرمه وغرمه . والغرم : الدين . ورجل غارم : عليه دين . وفي الحديث : لا تحل المسألة إلا لذي غرم مفظع أي ذي حاجة لازمة من غرامة مثقلة . وفي الحديث : أعوذ بك من المأثم والمغرم ؛ وهو مصدر وضع موضع الاسم ، ويريد به مغرم الذنوب والمعاصي ، وقيل : المغرم كالغرم وهو الدين ، ويريد به ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه ، فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أدائه فلا يستعاذ منه . وقوله عز وجل : والغارمين وفي سبيل الله قال الزجاج : الغارمون هم الذين لزمهم الدين في الحمالة ، وقيل : هم الذين لزمهم الدين في غير معصية . والغرامة : ما يلزم أداؤه ، وكذلك المغرم والغرم ، وقد غرم الرجل الدية ؛ وأنشد ابن بري في الغرامة للشاعر :


                                                          دار ابن عمك بعتها تقضي بها عنك الغرامه

                                                          والغريم : الذي له الدين والذي عليه الدين جميعا ، والجمع غرماء ؛ قال كثير :


                                                          قضى كل ذي دين فوفى غريمه     وعزة ممطول معنى غريمها

                                                          والغريمان : سواء ، المغرم والغارم . ويقال : خذ من غريم السوء ما سنح . وفي الحديث : الدين مقضي والزعيم غارم لأنه لازم لما زعم أي كفل أو الكفيل لازم لأداء ما كفله مغرمه ، وفي حديث آخر : الزعيم غارم ؛ الزعيم الكفيل ، والغارم الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به . وفي الحديث في الثمر المعلق : فمن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ؛ قال ابن الأثير : قيل كان هذا في صدر الإسلام ثم نسخ ، فإنه لا واجب على متلف الشيء أكثر من مثله ، وقيل : هو على سبيل الوعيد لينتهى عنه ؛ ومنه الحديث الآخر : في ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها . وفي حديث أشراط الساعة : والزكاة مغرما أي يرى رب المال أن إخراج زكاته غرامة يغرمها . وأما ما حكاه ثعلب في خبر من أنه لما قعد بعض قريش لقضاء دينه أتاه الغرام فقضاهم دينه ؛ قال ابن سيده : فالظاهر أنه جمع غريم ، وهذا عزيز لأن فعيلا لا يجمع على فعال ، إنما فعال جمع فاعل ، قال : وعندي أن غراما جمع مغرم على طرح الزائد ، كأنه جمع فاعل من قولك غرمه أي غرمه ، وإن لم يكن ذلك مقولا ، قال : وقد يجوز أن يكون غارم على النسب أي ذو إغرام أو تغريم ، فيكون غرام جمعا له ، [ ص: 42 ] قال : ولم يقل ثعلب في ذلك شيئا . وفي حديث جابر : فاشتد عليه بعض غرامه في التقاضي ؛ قال ابن الأثير : جمع غريم كالغرماء وهم أصحاب الدين ، قال : وهو جمع غريب ، وقد تكرر ذلك في الحديث مفردا ومجموعا وتصريفا . وغرم السحاب : أمطر ؛ قال أبو ذؤيب يصف سحابا :


                                                          وهى خرجه واستجيل الربا ب     منه وغرم ماء صريحا

                                                          والغرام : اللازم من العذاب والشر الدائم والبلاء والحب والعشق وما لا يستطاع أن يتفصى منه ؛ وقال الزجاج : هو أشد العذاب في اللغة ، قال الله عز وجل : إن عذابها كان غراما وقال الطرماح :

                                                          ويوم النسار ويوم الجفا ر كانا عذابا وكانا غراما وقوله عز وجل : إن عذابها كان غراما أي ملحا دائما ملازما ، وقال أبو عبيدة : أي هلاكا ولزاما لهم ، قال : ومنه رجل مغرم من الغرم أو الدين . والغرام : الولوع . وقد أغرم بالشيء أي أولع به ؛ وقال الأعشى :


                                                          إن يعاقب يكن غراما وإن يع     ط جزيلا فإنه لا يبالي

                                                          وفي حديث معاذ : ضربهم الله بذل مغرم أي لازم دائم . يقال : فلان مغرم بكذا أي لازم له مولع به . الليث : الغرم أداء شيء يلزم مثل كفالة يغرمها ، والغريم : الملزم ذلك . وأغرمته وغرمته بمعنى . ورجل مغرم : مولع بعشق النساء وغيرهن . وفلان مغرم بكذا أي مبتلى به . وفي حديث علي ، رضي الله عنه : فمن اللهج باللذة السلس القياد للشهوة أو المغرم بالجمع والادخار ؟ والعرب تقول : إن فلانا لمغرم بالنساء إذا كان مولعا بهن . وإني بك لمغرم إذا لم يصبر عنه . قال : ونرى أن الغريم إنما سمي غريما لأنه يطلب حقه ويلح حتى يقبضه . ويقال للذي له المال يطلبه ممن له عليه المال : غريم ، وللذي عليه المال : غريم . وفي الحديث : الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه أي عليه أداء ما رهن به وفكاكه . ابن الأعرابي : الغرمى المرأة المغاضبة . وقال أبو عمرو : غرمى كلمة تقولها العرب في معنى اليمين . يقال : غرمى وجدك كما يقال أما وجدك ؛ وأنشد :


                                                          غرمى وجدك لو وجدت     بهم كعداوة يجدونها بعدي

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية