الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غزا ]

                                                          غزا : غزا الشيء غزوا : أراده وطلبه . وغزوت فلانا أغزوه غزوا . والغزوة : ما غزي وطلب ؛ قال ساعدة بن جؤية :


                                                          لقلت لدهري إنه هو غزوتي وإني وإن أرغبتني غير فاعل

                                                          ومغزى الكلام : مقصده . وعرفت ما يغزى من هذا الكلام ، أي : ما يراد . والغزو : القصد ، وكذلك الغوز ، وقد غزاه وغازه غزوا وغوزا [ ص: 47 ] إذا قصده . وغزا الأمر واغتزاه ، كلاهما : قصده ، عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          قد يغتزى الهجران بالتجرم

                                                          التجرم هنا : ادعاء الجرم . وغزوي كذا ، أي : قصدي . ويقال : ما تغزو وما مغزاك ، أي : ما مطلبك . والغزو : السير إلى قتال العدو وانتهابه ، غزاهم غزوا وغزوانا ؛ عن سيبويه ، صحت الواو فيه كراهية الإخلال ، وغزاوة . قال الهذلي :


                                                          تقول هذيل لا غزاوة عنده     بلى غزوات بينهن تواثب

                                                          قال ابن جني : الغزاوة كالشقاوة والسراوة ، وأكثر ما تأتي الفعالة مصدرا إذا كانت لغير المتعدي ، فأما الغزاوة ففعلها متعد ، وكأنها إنما جاءت على غزو الرجل جاد غزوه ، وقضو : جاد قضاؤه ، وكما أن قولهم : ما أضرب زيدا ، كأنه على ضرب إذا جاد ضربه ، قال : وقد روينا عن محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى : ضربت يده إذا جاد ضربها . وقال ثعلب : إذا قيل غزاة فهو عمل سنة ، وإذا قيل غزوة فهي المرة الواحدة من الغزو ، ولا يطرد هذا الأصل ، لا تقول مثل هذا في لقاة ولقية ، بل هما بمعنى واحد . ورجل غاز من قوم غزى ؛ مثل سابق وسبق ، وغزي على مثال فعيل ، مثل حاج وحجيج وقاطن وقطين ؛ حكاها سيبويه ، وقال : قلبت فيه الواو ياء لخفة الياء وثقل الجمع ، وكسرت الزاي لمجاورتها الياء . قال الأزهري : يقال لجمع الغازي غزي ، مثل ناد وندي ، وناج ونجي للقوم يتناجون ؛ قال زياد الأعجم :


                                                          قل للقوافل والغزي إذا     غزوا والباكرين وللمجد الرائح

                                                          ورأيت في حاشية بعض نسخ حواشي ابن بري أن هذا البيت للصلتان العبدي لا لزياد ، قال : ولها خبر رواه زياد عن الصلتان مع القصيدة فذكر ذلك في ديوان زياد فتوهم من رآها فيه أنها له ، وليس الأمر كذلك ، قال : وقد غلط أيضا في نسبتها لزياد أبو الفرج الأصبهاني صاحب الأغاني ، وتبعه الناس على ذلك . ابن سيده : والغزي اسم للجمع ؛ قال الشاعر :


                                                          سريت بهم حتى تكل غزيهم     وحتى الجياد ما يقدن بأرسان

                                                          وفي جمع غاز أيضا غزاء ، بالمد ، مثل فاسق وفساق ، قال تأبط شرا :


                                                          فيوما بغزاء ويوما بسربة     ويوما بخشخاش من الرجل هيضل

                                                          وغزاة : مثل قاض وقضاة . قال الأزهري : والغزى على بناء الركع والسجد . قال الله تعالى : أو كانوا غزى . سيبويه : رجل مغزي شبهوها حيث كان قبلها حرف مضموم ولم يكن بينهما إلا حرف ساكن بأدل ، والوجه الأوجه في هذا النحو الواو ، والأخرى عربية كثيرة . وأغزى الرجل وغزاه : حمله على أن يغزو . وأغزى فلان فلانا إذا أعطاه دابة يغزو عليها . قال سيبويه : وأغزيت الرجل أمهلته وأخرت ما لي عليه من الدين . قال : وقالوا غزاة واحدة يريدون عمل وجه واحد ، كما قالوا حجة واحدة يريدون عمل سنة واحدة ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          بعيد الغزاة فما إن يزا     ل مضطمرا طرتاه طليحا

                                                          والقياس غزوة ؛ قال الأعشى :


                                                          ولا بد من غزوة في الربيع     حجون تكل الوقاح الشكورا

                                                          والنسب إلى الغزو غزوي ، وهو من نادر معدول النسب ، وإلى غزية غزوي . والمغازي : مناقب الغزاة . الأزهري : والمغزى والمغزاة والمغازي مواضع الغزو وقد تكون الغزو نفسه ؛ ومنه الحديث : كان إذا استقبل مغزى ، وتكون المغازي مناقبهم وغزواتهم . وغزوت العدو غزوا ، والاسم الغزاة ؛ قال ابن بري : وقد جاء الغزوة في شعر الأعشى ، قال :


                                                          وفي كل عام أنت حاسم غزوة     تشد لأقصاها عزيم عزائكا

                                                          وقوله :


                                                          وفي كل عام له غزوة     تحث الدوابر حث السفن

                                                          وقال جميل :


                                                          يقولون جاهد يا جميل     بغزوة وإن جهادا طيئ وقتالها

                                                          تقديرها : وإن جهادا جهاد طيئ ، فحذف المضاف . وفي الحديث : قال يوم فتح مكة : لا تغزى قريش بعدها ، أي : لا تكفر حتى تغزى على الكفر ، ونظيره : لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم ، أي : لا يرتد فيقتل صبرا على ردته ؛ ومنه الحديث الآخر : لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة ؛ يعني مكة ، أي : لا تعود دار كفر يغزى عليه ، ويجوز أن يراد بها أن الكفار لا يغزونها أبدا فإن المسلمين قد غزوها مرات . وأما قوله : ما من غازية تخفق وتصاب إلا تم أجرهم ، الغازية تأنيث الغازي وهي هاهنا صفة لجماعة . وأخفق الغازي إذا لم يغنم ولم يظفر . وأغزت المرأة فهي مغزية إذا غزا بعلها . والمغزية : التي غزا زوجها وبقيت وحدها في البيت . وحديث عمر ، رضي الله عنه : لا يزال أحدهم كاسرا وساده عند مغزية . وغزا فلان بفلان واغتزى اغتزاء إذا اختصه من بين أصحابه . والمغزية من الإبل : التي جازت الحق ولم تلد ، وحقها الوقت الذي ضربت فيه . ابن سيده : والمغزية من النوق التي زادت على السنة شهرا أو نحوه ولم تلد مثل المدراج . والمغزي من الإبل : التي عسر لقاحها وأغزت الناقة من ذلك ؛ ومنه قول رؤبة :


                                                          والحرب عسراء اللقاح مغز

                                                          أي : عسرة اللقاح ؛ واستعاره أمية بن أبي عائذ الهذلي في الأتن فقال :


                                                          يرن على مغزيات العقاق     ويقرو بها قفرات الصلال

                                                          يريد القفرات التي بها الصلال ، وهي أمطار تقع متفرقة ؛ واحدتها صلة . وأتان مغزية : متأخرة النتاج ثم تنتج . والإغزاء والمغزى : نتاج الصيف ، عن ابن الأعرابي ، قال : وهو مذموم . وقال ابن سيده : [ ص: 48 ] وعندي أن هذا ليس بشيء . قال ابن الأعرابي : النتاج الصيفي هو المغزى ، والإغزاء نتاج سوء حواره ضعيف أبدا . الأصمعي : المغزية من الغنم التي يتأخر ولادها بعد الغنم شهرا أو شهرين ؛ لأنها حملت بأخرة ؛ وقال ذو الرمة فجعل الإغزاء في الحمير :


                                                          رباع أقب البطن جأب مطرد     بلحييه صك المغزيات الرواكل

                                                          وغزية : قبيلة ؛ قال دريد بن الصمة :


                                                          وهل أنا إلا من غزية إن غوت     غويت وإن ترشد غزية أرشد

                                                          وقال :


                                                          نزلت في غزية أو مراد

                                                          وأبو غزية : كنية . وابن غزية : من شعراء هذيل . وغزوان : اسم رجل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية