الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غسل ]

                                                          غسل : غسل الشيء يغسله غسلا وغسلا ، وقيل : الغسل المصدر من غسلت ، والغسل - بالضم - الاسم من الاغتسال ، يقال : غسل وغسل ؛ قال الكميت يصف حمار وحش :


                                                          تحت الألاءة في نوعين من غسل باتا عليه بتسحال وتقطار

                                                          يقول : يسيل عليه ما على الشجرة من الماء ومرة من المطر . والغسل : تمام غسل الجسد كله ، وشيء مغسول وغسيل ، والجمع غسلى وغسلاء ، كما قالوا قتلى وقتلاء ، والأنثى بغير هاء ، والجمع غسالى . الجوهري : ملحفة غسيل ، وربما قالوا غسيلة ، يذهب بها إلى مذهب النعوت نحو النطيحة ؛ قال ابن بري : صوابه أن يقول يذهب بها مذهب الأسماء ؛ مثل : النطيحة والذبيحة والعصيدة . وقال اللحياني : ميت غسيل في أموات غسلى وغسلاء وميتة غسيل وغسيلة . الجوهري : والمغسل والمغسل - بكسر السين وفتحها - مغسل الموتى . المحكم : مغسل الموتى ومغسلهم موضع غسلهم ، والجمع المغاسل ، وقد اغتسل بالماء . والغسول : الماء الذي يغتسل به وكذلك المغتسل . وفي التنزيل العزيز : هذا مغتسل بارد وشراب والمغتسل : الموضع الذي يغتسل فيه ، وتصغيره مغيسل ، والجمع المغاسل والمغاسيل . وفي الحديث : وضعت له غسله من الجنابة . قال ابن الأثير : الغسل - بالضم - الماء القليل الذي يغتسل به كالأكل لما يؤكل ، وهو الاسم أيضا من غسلته . والغسل ، بالفتح : المصدر ، وبالكسر : ما يغسل به من خطمي وغيره . والغسل والغسلة : ما يغسل به الرأس من خطمي وطين وأشنان ونحوه ، ويقال غسول ؛ وأنشد شمر :


                                                          فالرحبتان فأكناف الجناب إلى     أرض يكون بها الغسول والرتم

                                                          وقال :


                                                          ترعى الروائم أحرار البقول     ولا ترعى كرعيكم طلحا وغسولا

                                                          أراد بالغسول الأشنان وما أشبهه من الحمض ، ورواه غيره :


                                                          لا مثل رعيكم ملحا وغسولا

                                                          وأنشد ابن الأعرابي لعبد الرحمن بن دارة في الغسل :


                                                          فيا ليل إن الغسل ما دمت أيما [ ص: 50 ]     علي حرام لا يمسني الغسل

                                                          أي : لا أجامع غيرها فأحتاج إلى الغسل طمعا في تزوجها . والغسلة أيضا : ما تجعله المرأة في شعرها عند الامتشاط . والغسلة : الطيب ، يقال : غسلة مطراة ولا تقل غسلة ، وقيل : هو آس يطرى بأفاويه من الطيب يمتشط به . واغتسل بالطيب : كقولك تضمخ ؛ عن اللحياني . والغسول : كل شيء غسلت به رأسا أو ثوبا أو نحوه . والمغسل : ما غسل فيه الشيء . وغسالة الثوب : ما خرج منه بالغسل . وغسالة كل شيء : ماؤه الذي يغسل به . والغسالة : ما غسلت به الشيء . والغسلين : ما يغسل من الثوب ونحوه كالغسالة . والغسلين في القرآن العزيز : ما يسيل من جلود أهل النار كالقيح وغيره كأنه يغسل عنهم ؛ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي ، وقيل : الغسلين ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم ، زيد فيه الياء والنون كما زيد في عفرين ؛ قال ابن بري : عند ابن قتيبة أن عفرين مثل قنسرين ، والأصمعي يرى أن عفرين معرب بالحركات فيقول عفرين بمنزلة سنين ، وفي التنزيل العزيز : إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون قال الليث : غسلين شديد الحر ، قال مجاهد : طعام من طعام أهل النار ، وقال الكلبي : هو ما أنضجت النار من لحومهم وسقط أكلوه ، وقال الضحاك : الغسلين والضريع شجر في النار ، وكل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين ، فعلين من الغسل من الجرح والدبر ؛ وقال الفراء : إنه ما يسيل من صديد أهل النار ؛ وقال الزجاج : اشتقاقه مما ينغسل من أبدانهم . وفي حديث علي وفاطمة ، عليهما السلام : شرابه الحميم والغسلين ، قال : هو ما يغسل من لحوم أهل النار وصديدهم . وغسيل الملائكة : حنظلة بن أبي عامر الأنصاري ، ويقال له : حنظلة بن الراهب ، استشهد يوم أحد وغسلته الملائكة ؛ قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : رأيت الملائكة يغسلونه وآخرين يسترونه ، فسمي غسيل الملائكة ، وأولاده ينسبون إليه : الغسيليين ، وذلك أنه كان ألم بأهله فأعجله الندب عن الاغتسال فلما استشهد ، رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - الملائكة يغسلونه ، فأخبر به أهله فذكرت أنه كان ألم بها . وغسل الله حوبتك ، أي : إثمك ؛ يعني طهرك منه ، وهو على المثل . وفي حديث الدعاء : واغسلني بماء الثلج والبرد ، أي : طهرني من الذنوب ، وذكر هذه الأشياء مبالغة في التطهير . وغسل الرجل المرأة يغسلها غسلا : أكثر نكاحها ، وقيل : هو نكاحه إياها أكثر أو أقل ، والعين المهملة فيه لغة . ورجل غسل : كثير الضراب لامرأته ؛ قال الهذلي :


                                                          وقع الوبيل نحاه الأهوج الغسل

                                                          وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر فبها ونعمت ؛ قال القتيبي : أكثر الناس يذهبون إلى أن معنى غسل ، أي : جامع أهله قبل خروجه للصلاة ؛ لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق ؛ لأنه لا يؤمن عليه أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه ؛ قال : ويذهب آخرون إلى أن معنى قوله غسل توضأ للصلاة فغسل جوارح الوضوء ، وثقل ؛ لأنه أراد غسلا بعد غسل ؛ لأنه إذا أسبغ الوضوء ، غسل كل عضو ثلاث مرات ، ثم اغتسل بعد ذلك غسل الجمعة ؛ قال الأزهري : ورواه بعضهم مخففا من غسل ، بالتخفيف ، وكأنه الصواب من قولك غسل الرجل امرأته وغسلها إذا جامعها ؛ ومثله : فحل غسلة إذا أكثر طرقها وهي لا تحمل ؛ قال ابن الأثير : يقال غسل الرجل امرأته ، بالتشديد والتخفيف ، إذا جامعها ، وقيل : أراد غسل غيره واغتسل هو ؛ لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلى الغسل . وفي الحديث : من غسل الميت فليغتسل ؛ قال ابن الأثير : قال الخطابي : لا أعلم أحدا من الفقهاء يوجب الاغتسال من غسل الميت ولا الوضوء من حمله ، ويشبه أن يكون الأمر فيه على الاستحباب . قال ابن الأثير : الغسل من غسل الميت مسنون ، وبه يقول الفقهاء ؛ قال الشافعي ، رضي الله عنه : وأحب الغسل من غسل الميت ، ولو صح الحديث قلت به . وفي الحديث أنه قال فيما يحكي عن ربه : وأنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان ؛ أراد أنه لا يمحى أبدا بل هو محفوظ في صدور الذين أوتوا العلم ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وكانت الكتب المنزلة لا تجمع حفظا ، وإنما يعتمد في حفظها على الصحف ، بخلاف القرآن العزيز فإن حفاظه أضعاف مضاعفة لصحفه ، وقوله تقرؤه نائما ويقظان ، أي : تجمعه حفظا في حالتي النوم واليقظة ، وقيل : أراد تقرؤه في يسر وسهولة . وغسل الفحل الناقة يغسلها غسلا : أكثر ضرابها . وفحل غسل وغسل وغسيل ، وغسلة مثال همزة ، ومغسل : يكثر الضراب ولا يلقح ، وكذلك الرجل . ويقال للفرس إذا عرق : قد غسل وقد اغتسل ؛ وأنشد :


                                                          ولم ينضح بماء فيغسل

                                                          وقال آخر :


                                                          وكل طموح في العنان كأنها     إذا اغتسلت بالماء فتخاء كاسر

                                                          وقال الفرزدق :


                                                          لا تذكروا حلل الملوك فإنكم     بعد الزبير كحائض لم تغسل

                                                          أي : تغتسل . وفي حديث العين : العين حق فإذا استغسلتم فاغسلوا ، أي : إذا طلب من أصابته العين من أحد جاء إلى العائن بقدح فيه ماء ، فيدخل كفه فيه فيتمضمض ، ثم يمجه في القدح ، ثم يغسل وجهه فيه ، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على يده اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على يده اليسرى ، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على مرفقه الأيمن ، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأيسر ، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على قدمه اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على قدمه اليسرى ، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى ، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ، ثم يغسل داخلة الإزار ، ولا يوضع القدح على الأرض ، ثم يصب ذلك الماء المستعمل على رأس المصاب بالعين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله تعالى . وغسله بالسوط غسلا : ضربه فأوجعه . والمغاسل : مواضع معروفة ، وقيل : هي أودية قبل اليمامة ؛ قال لبيد :

                                                          [ ص: 51 ]

                                                          فقد نرتعي سبتا وأهلك حيرة     محل الملوك نقدة فالمغاسلا

                                                          وذات غسل : موضع دون أرض بني نمير ؛ قال الراعي :


                                                          أنخن جمالهن بذات غسل     سراة اليوم يمهدن الكدونا

                                                          ابن بري : والغاسول جبل بالشام ؛ قال الفرزدق :


                                                          تظل إلى الغاسول ترعى حزينة     ثنايا براق ناقتي بالحمالق

                                                          وغاسل وغسويل : ضرب من الشجر ؛ قال الربيع بن زياد :


                                                          ترعى الروائم أحرار البقول     بها لا مثل رعيكم ملحا

                                                          وغسويلا والغسويل وغسويل : نبت ينبت في السباخ ، وعلى وزنه سمويل ، وهو طائر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية