الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب من اشترى مصراة فكرهها

                                                                      3443 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( لا تلقوا ) بفتح التاء واللام والقاف المشددة وأصله لا تتلقوا ( الركبان ) بضم الراء جمع راكب ( للبيع ) أي لأجل البيع ، وتقدم الكلام على التلقي في باب التلقي ( ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) تقدم شرحه في الباب المذكور ( ولا تصروا ) بضم أوله وفتح الصاد المهملة وضم الراء المشددة من صريت اللبن في الضرع إذا جمعته ، وظن بعضهم أنه من صررت فقيده بفتح أوله وضم ثانيه . قال في الفتح : والأول أصح انتهى . قال الشافعي : التصرية هي ربط أخلاف الشاة أو الناقة وترك حلبها حتى يجتمع لبنها فيكثر فيظن المشتري [ ص: 244 ] أن ذلك عادتها فيزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها . وأصل التصرية حبس الماء ، يقال منه صريت الماء إذا حبسته . قال أبو عبيدة وأكثر أهل اللغة : التصرية حبس اللبن في الضرع حتى يجتمع ( فمن ابتاعها ) أي اشترى الإبل أو الغنم المصراة ( بعد ذلك ) أي بعدما ذكر من التصرية ( فهو بخير النظرين ) أي الرأيين من الإمساك والرد ( بعد أن يحلبها ) بضم اللام ( أمسكها ) أي على ملكه ( وإن سخطها ) بكسر المعجمة أي كرهها ( وصاعا من تمر ) أي مع صاع من تمر .

                                                                      وقد أخذ بظاهر الحديث الجمهور .

                                                                      قال في الفتح : وأفتى به ابن مسعود وأبو هريرة ولا مخالف لهما في الصحابة ، وقال به من التابعين ومن بعدهم من لا يحصى عدده ، ولم يفرقوا بين أن يكون اللبن الذي احتلب قليلا كان أو كثيرا ولا بين أن يكون التمر قوت تلك البلد أم لا ، وخالف في أصل المسألة أكثر الحنفية وفي فروعها آخرون انتهى . وقد اعتذر الحنفية عن حديث المصراة بأعذار بسطها الحافظ في الفتح وأجاب عن كل منها .

                                                                      قلت : أخذ الحنفية في هذه المسألة بالقياس ، وأنت تعلم أن القياس في مقابلة النص فاسد الاعتبار فلا يعتبر به والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم .




                                                                      الخدمات العلمية