الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الاستحلاف

( قال رحمه الله اعلم بأن المدعى عليه يستحلف في الخصومات ثبت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم { واليمين على ما أنكر } إلا أنه لا يستحلف إلا بطلب المدعي ) ; لأن اليمين حقه { قال صلى الله عليه وسلم للمدعي لك يمينه } وكما لا يستحضر ولا يطلب الجواب إلا بطلب المدعي . فكذلك لا يستحلف إلا بطلبه ومعنى جعل الشرع اليمين حقا للمدعي قبل المدعى عليه أن الغموس من اليمين مهلكة على ما روي في حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من اقتطع بيمينه وجدله مال امرئ مسلم حرم الله تعالى عليه الجنة قيل فإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال صلوات الله وسلامه عليه ، وإن كان قضيبا من أراك } وعن ابن مسعود رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف يمينا فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان } فعرفنا أنه يمين مهلكة والمدعي يزعم أن المنكر أتلف حقه بجحوده فجعل له الشرع يمينه حتى تكون مهلكة له إن كان كما زعم المدعي فالإهلاك بمقابلة الإهلاك جزاء مشروع كالقصاص ، وإن كان كما زعم المدعى عليه فلا يضره اليمين الصادقة فهذا تحقيق معنى العدل في شرع اليمين حقا للمدعي قبل المدعى عليه ، ثم له رأي في تأخير الاستحلاف فربما يرجو أن يحضر شهوده ولا يأمن أن تكون خصومته عند قاض لا يرى قبول البينة بعد الاستحلاف فيؤخر استحلافه لذلك ; فلهذا لا يحلف إلا بطلب المدعي . ولأن من أصل أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يحلف الخصم إذا زعم المدعي أن شهوده حضور وعندهما إذا كان الشهود في مجلس القضاء والمدعي [ ص: 117 ] هو الذي يعرف ذلك ; فلهذا لا يستحلف إلا بطلبه ، ثم شرط أبو حنيفة رحمه الله للاستحلاف أن لا يكون للمدعي شهود حضور لظاهر { قوله صلى الله عليه وسلم للمدعي ألك بينة فقال لا فقال صلى الله عليه وسلم إذن لك يمينه } ، ولأن المنكر إنما يكون متلفا حق المدعي بإنكاره إذا لم يكن له شهود حضور

التالي السابق


الخدمات العلمية