الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6838 ) مسألة : قال : ( وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى ثلث الدية ، فإن جاوز الثلث ، فعلى النصف ) وروي هذا عن عمر ، وابن عمر ، وزيد بن ثابت . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعمر بن عبد العزيز ، وعروة بن الزبير ، والزهري ، وقتادة ، والأعرج ، وربيعة ، ومالك . قال ابن عبد البر : وهو قول فقهاء المدينة السبعة ، وجمهور أهل المدينة . [ ص: 315 ]

                                                                                                                                            وحكي عن الشافعي في القديم . وقال الحسن يستويان إلى النصف . وروي عن علي رضي الله عنه أنها على النصف فيما قل وكثر . وروي ذلك عن ابن سيرين . وبه قال الثوري ، والليث ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة وأبو حنيفة وأصحابه ، وأبو ثور ، والشافعي في ظاهر مذهبه . واختاره ابن المنذر ; لأنهما شخصان تختلف ديتهما ، فاختلف أرش أطرافهما ، كالمسلم والكافر ، ولأنها جناية لها أرش مقدر ، فكان من المرأة على النصف من الرجل ، كاليد . وروي عن ابن مسعود ، أنه قال : تعاقل المرأة الرجل إلى نصف عشر الدية ، فإذا زاد على ذلك ، فهي على النصف ; لأنها تساويه في الموضحة .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عقل المرأة مثل عقل الرجل ، حتى يبلغ الثلث من ديتها } أخرجه النسائي . وهو نص يقدم على ما سواه . وقال ربيعة : قلت لسعيد بن المسيب : كم في إصبع المرأة ؟ قال : عشر . قلت : ففي إصبعين ؟ قال : عشرون . قلت : ففي ثلاث أصابع ؟ قال : ثلاثون . قلت : ففي أربع ؟ قال : عشرون . قال : قلت : لما عظمت مصيبتها . قل عقلها ، قال : هكذا السنة يا ابن أخي . وهذا مقتضى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه سعيد بن منصور . ولأنه إجماع الصحابة ، رضي الله عنهم ، إذ لم ينقل عنهم خلاف ذلك ، إلا عن علي ، ولا نعلم ثبوت ذلك عنه ، ولأن ما دون الثلث يستوي فيه الذكر والأنثى ، بدليل الجنين ، فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى .

                                                                                                                                            فأما الثلث نفسه ، فهل يستويان فيه ؟ على روايتين ; إحداهما ، يستويان فيه ; لأنه لم يعتبر حد القلة ; ولهذا صحت الوصية به . وروي أنهما يختلفان فيه . وهو الصحيح ; لقوله عليه السلام { حتى يبلغ الثلث } . وحتى للغاية ، فيجب أن تكون مخالفة لما قبلها ، لقول الله تعالى : { حتى يعطوا الجزية } . ولأن الثلث في حد الكثرة ; لقوله عليه السلام : { الثلث ، والثلث كثير . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية