الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غلب ]

                                                          غلب : غلبه يغلبه غلبا وغلبا ، وهي أفصح وغلبة ومغلبا ومغلبة ؛ قال أبو المثلم :


                                                          رباء مرقبة مناع مغلبة ركاب سلهبة قطاع أقران



                                                          وغلبى وغلبى ، عن كراع . وغلبة وغلبة ، الأخيرة عن اللحياني : قهره . والغلبة ، بالضم ، وتشديد الباء : الغلبة ؛ قال المرار :


                                                          أخذت بنجد ما أخذت غلبة     وبالغور لي عز أشم طويل



                                                          ورجل غلبة أي يغلب سريعا ، عن الأصمعي . وقالوا : أتذكر أيام الغلبة والغلبى والغلبى أي أيام الغلبة وأيام من عز بز . وقالوا : لمن الغلب والغلبة ؟ ولم يقولوا : لمن الغلب ؟ وفي التنزيل العزيز : وهم من بعد غلبهم سيغلبون وهو من مصادر المضموم العين ، مثل الطلب . قال الفراء : وهذا يحتمل أن يكون غلبة فحذفت الهاء عند الإضافة كما قال الفضل بن العباس بن عتبة اللهبي :


                                                          إن الخليط أجدوا البين فانجردوا     وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا



                                                          أراد عدة الأمر فحذف الهاء عند الإضافة . وفي حديث ابن مسعود : ما اجتمع حلال وحرام إلا غلب الحرام الحلال أي إذا امتزج الحرام بالحلال ، وتعذر تمييزهما كالماء والخمر ونحو ذلك ، صار الجميع حراما . وفي الحديث : إن رحمتي تغلب غضبي ؛ هو إشارة إلى سعة الرحمة وشمولها الخلق ، كما يقال : غلب على فلان الكرم أي هو أكثر خصاله . وإلا فرحمة الله وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته ، للثواب والعقاب ، وصفاته لا توصف بغلبة إحداهما الأخرى ، وإنما هو على سبيل المجاز للمبالغة . ورجل غالب من قوم غلبة ، وغلاب من قوم غلابين ، ولا يكسر . ورجل غلبة وغلبة : غالب ، كثير [ ص: 69 ] الغلبة ، وقال اللحياني : شديد الغلبة . وقال : لتجدنه غلبة عن قليل وغلبة أي غلابا . والمغلب : المغلوب مرارا . والمغلب من الشعراء : المحكوم له بالغلبة على قرنه ، كأنه غلب عليه . وفي الحديث : أهل الجنة الضعفاء المغلبون . المغلب : الذي يغلب كثيرا . وشاعر مغلب أي كثيرا ما يغلب ؛ والمغلب أيضا : الذي يحكم له بالغلبة ، والمراد الأول . وغلب الرجل ، فهو غالب : غلب ، وهو من الأضداد . وغلب على صاحبه : حكم له عليه بالغلبة ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          وإنك لم يفخر عليك كفاخر     ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب



                                                          وقد غالبه مغالبة وغلابا والغلاب : المغالبة ؛ وأنشد بيت كعب بن مالك :


                                                          همت سخينة أن تغالب ربها     وليغلبن مغالب الغلاب



                                                          والمغلبة : الغلبة ، قالت هند بنت عتبة ترثي أباها :


                                                          يدفع يوم المغلبت     يطعم يوم المسغبت



                                                          وتغلب على بلد كذا : استولى عليه قهرا ، وغلبته أنا عليه تغليبا . محمد بن سلام : إذا قالت العرب : شاعر مغلب ، فهو مغلوب ؛ وإذا قالوا : غلب فلان ، فهو غالب . ويقال : غلبت ليلى الأخيلية على نابغة بني جعدة ، لأنها غلبته ، وكان الجعدي مغلبا . وبعير غلالب : يغلب الإبل بسيره عن اللحياني : واستغلب عليه الضحك : اشتد ، كاستغرب . والغلب : غلظ العنق وعظمها ؛ وقيل غلظها مع قصر فيها ؛ وقيل : مع ميل يكون ذلك من داء أو غيره . غلب غلبا ، وهو أغلب : غليظ الرقبة . وحكى اللحياني : ما كان أغلب ، ولقد غلب غلبا ، يذهب إلى الانتقال عما كان عليه . قال : وقد يوصف بذلك العنق نفسه فيقال : عنق أغلب ، كما يقال : عنق أجيد وأوقص . وفي حديث ابن ذي يزن : بيض مرازبة غلب جحاجحة ؛ هي جمع أغلب ، وهو الغليظ الرقبة ، وهم يصفون أبدا السادة بغلظ الرقبة وطولها ؛ والأنثى : غلباء ؛ وفي قصيد كعب :

                                                          غلباء وجناء علكوم مذكرة



                                                          وقد يستعمل ذلك في غير الحيوان كقولهم : حديقة غلباء أي عظيمة متكاثفة ملتفة . وفي التنزيل العزيز :وحدائق غلبا . وقال الراجز :


                                                          أعطيت فيها طائعا أو كارها     حديقة غلباء في جدارها

                                                          الأزهري : الأغلب الغليظ القصرة . وأسد أغلب وغلب : غليظ الرقبة . وهضبة غلباء : عظيمة مشرفة . وعزة غلباء كذلك ، على المثل ؛ وقال الشاعر :


                                                          وقبلك ما اغلولبت تغلب     بغلباء تغلب مغلولبينا



                                                          يعني بعزة غلباء . وقبيلة غلباء ، عن اللحياني : عزيزة ممتنعة ؛ وقد غلبت غلبا . واغلولب النبت : بلغ كل مبلغ والتف وخص اللحياني به العشب . واغلولب العشب واغلولبت الأرض إذا التف عشبها . واغلولب القوم إذا كثروا ، من اغليلاب العشب . وحديقة مغلولبة : ملتفة . الأخفش : في قوله عز وجل : وحدائق غلبا قال : شجرة غلباء إذا كانت غليظة وقال امرؤ القيس :


                                                          وشبهتهم في الآل لما تحملوا     حدائق غلبا أو سفينا مقيرا



                                                          والأغلب العجلي : أحد الرجاز . وتغلب : أبو قبيلة ، وهو تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان . وقولهم : تغلب بنت وائل إنما يذهبون بالتأنيث إلى القبيلة كما قالوا تميم بنت مر . قال الوليد بن عقبة ، وكان ولي صدقات بني تغلب :


                                                          إذا ما شددت الرأس مني بمشوذ     فغيك عني تغلب ابنة وائل



                                                          وقال الفرزدق :


                                                          لولا فوارس تغلب ابنة وائل     ورد العدو عليك كل مكان



                                                          وكانت تغلب تسمى الغلباء ؛ قال الشاعر :


                                                          وأورثني بنو الغلباء مجدا     حديثا بعد مجدهم القديم



                                                          والنسبة إليها : تغلبي ، بفتح اللام ، استيحاشا لتوالي الكسرتين مع ياء النسب ، وربما قالوه بالكسر ، لأن فيه حرفين غير مكسورين ، وفارق النسبة إلى نمر . وبنو الغلباء : حي ؛ وأنشد البيت أيضا :


                                                          وأورثني بنو الغلباء مجدا



                                                          وغالب وغلاب وغليب : أسماء . وغلاب ، مثل قطام : اسم امرأة ؛ من العرب من يبنيه على الكسر ، ومنهم من يجريه مجرى زينب . وغالب : موضع نخل دون مصر ، حماها الله عز وجل ، قال كثير عزة :


                                                          يجوز بي الأصرام أصرام غالب     أقول إذا ما قيل أين تريد
                                                          أريد أبا بكر ولو حال دونه     أماعز تغتال المطي وبيد



                                                          والمغلنبي : الذي يغلبك ويعلوك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية