الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              وجد ببيته درهما مثلا وجوز أنه لمن يدخلونه عرفه لهم كاللقطة قاله القفال ويجب في غير الحقير الذي لا يفسد بالتأخير أن يعرف للحفظ بناء على ما مر من وجوب التعريف فيه أو للتملك ( سنة ) من أول وقت التعريف للخبر الصحيح فيه ولو وجدها اثنان عرفاها سنة ولو منفردين عند السبكي ؛ لأن قسمتها إنما تكون عند التملك لا قبله وكل سنة عند ابن الرفعة [ ص: 334 ] ؛ لأنه في النصف كلقطة كاملة وهو المتجه نعم لو أناب أحدهما الآخر اعتد بتعريفه عنهما فيما يظهر ويظهر أيضا أنه لو عرف أحدهما سنة دون الآخر جاز له تملك نصفها وطلب القسمة وقد يجب التعريف سنتين على واحد بأن يعرف سنة قاصدا الحفظ بناء على أن التعريف حينئذ واجب ثم يرد التملك فيلزمه من حينئذ سنة أخرى ولا يشترط استيعاب السنة كلها بل يكون ( على العادة ) زمنا ومحلا وقدرا ( يعرف أولا كل يوم ) مرتين ( طرفي النهار ) أسبوعا ( ثم كل يوم مرة ) طرفه إلى أن يتم أسبوع آخر ( ثم كل أسبوع مرة أو مرتين ) أي إلى أن يتم سبعة أسابيع أخذا مما قبله .

                                                                                                                              ( ثم ) في ( كل شهر ) مرة بحيث لا ينسى أن الأخير تكرار للأول وزيد في الأزمنة الأول ؛ لأن تطلب المالك فيها أكثر وتحديد المرتين وما بعدهما بما ذكر أوجه من قول شارح مرادهم أنه في ثلاثة أشهر يعرف كل يوم مرتين وفي مثلها كل يوم مرة وفي مثلها كل أسبوع مرة وفي مثلها كل شهر مرة ( تنبيه )

                                                                                                                              الظاهر أن هذا التحديد كله للندب لا للوجوب كما يفهمه ما يأتي أنه يكفي سنة مفرقة على أي وجه كان التفريق بقيده الآتي ( ولا تكفي سنة متفرقة ) كأن يفرق اثني عشر شهرا من اثني عشر سنة ( في الأصح ) ؛ لأن المفهوم من السنة في الخبر التوالي وكما لو حلف لا يكلم زيدا سنة ( قلت الأصح تكفي والله أعلم ) لإطلاق الخبر وكما لو نذر صوم سنة ويفرق بين هذا والحلف بأن القصد به الامتناع والزجر وهو لا يتم إلا بالتوالي ومحل هذا إن لم يفحش التأخير بحيث ينسى التعريف الأول وإلا وجب الاستئناف أو ذكر وقت الوجدان أخذا مما مر في تأخير أصل التعريف إذ لا فرق بينه وبين هذا ولو مات الملتقط أثناء التعريف بنى وارثه كما بحثه الزركشي وأبو زرعة ورد قول شيخه البلقيني .

                                                                                                                              الأقرب الاستئناف كما لا يبنى على حول مورثه في الزكاة بحصول المقصود هنا لا ثم لانقطاع حول المورث بخروج الملك عنه بموته فيستأنف الوارث الحول لابتداء ملكه .

                                                                                                                              ( ويذكر ) ندبا ( بعض أوصافها ) في التعريف كجنسها وعفاصها ووكائها ومحل وجدانها ؛ لأنه أقرب لوجدانها ولا يستوعبها أي يحرم عليه ذلك لئلا يعتمدها كاذب فإن فعل ضمن كما صححه في الروضة ؛ لأنه قد يرفعه [ ص: 335 ] إلى من يلزمه الدفع بالصفات وإذا ذكر الجنس لم تجز الزيادة عليه على ما اعتمده الأذرعي ( ولا تلزمه مؤنة التعريف إن أخذ لحفظ ) أو لا لحفظ ولا لتملك أو اختصاص ؛ لأنه لمصلحة المالك ( بل يرتبها القاضي من بيت المال ) قرضا كما قاله ابن الرفعة واعترض بأن قضية كلامهما أنه تبرع واعتمده الأذرعي ( أو يقترض ) من اللاقط أو غيره ( على المالك ) أو يأمر الملتقط به ليرجع على المالك أو يبيع جزءا منها إن رآه نظير ما مر في هرب الجمال فيجتهد ويلزمه فعل الأحظ للمالك من هذه الأربعة فإن عرف من غير واحد مما ذكر فمتبرع وظاهر المتن وأصله جريان ذلك أوجبنا التعريف أو لا وصرح به جمع واعتمده محققو المتأخرين ويوافقه كلام الروضة وأصلها .

                                                                                                                              وهو إن قلنا لا يجب التعريف فهو متبرع إن عرف وإن قلنا يجب فليس عليه مؤنته بل يرفع الأمر إلى القاضي وذكر ما في المتن وهو صريح فيما ذكر وبه صرح الأذرعي فقال لا تلزمه مؤنة التعريف في ماله على القولين خلافا لما نقله الغزالي أن المؤنة تابعة للوجوب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله الذي لا يفسد بالتأخير ) أي حاجة إلى هذا القيد مع وجوب التعريف فيه سنة غاية الأمر أنه مخير بين بيعه أو غيره كما علم كل ذلك مما سبق ( قوله عرفاها سنة ولو منفردين عند السبكي ) كذا م ر وعبارة شرح الروض عن السبكي بل الأشبه أن كلا منهما يعرفها [ ص: 334 ] نصف سنة انتهى ( قوله وتحديد المرتين إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله الظاهر أن هذا التحديد إلخ ) اعتمده م ر ( قوله وإلا وجب الاستئناف أو ذكر وقت الوجدان ) قد يقال قضية المدرك وجوب ذكر الوقت مع الاستئناف أيضا فتأمله ( قوله أخذا مما مر ) أي في قول المتن ثم يعرفها من كلام النهاية ش ( قوله كما بحثه الزركشي إلخ ) في شرح الروض عقب ما تقدم عن السبكي قال الأذرعي وهذا ظاهر وقد قالوا يبني الوارث على تعريف مورثه انتهى ( قوله أي يحرم عليه ذلك ) ويفارق جواز استيعابها في الإشهاد بحضرة الشهود وعدم تهمتهم شرح م ر ( قوله فإن فعل ضمن إلخ ) هل له بعد ذلك أن يعرف ويتملك [ ص: 335 ] مطلقا أو إذا أقلع كما تقدم فيما إذا خان في الأثناء وعلى هذا فما الإقلاع هنا ( قوله لم تجز الزيادة إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله بأن قضية كلامهما إلخ ) اعتمده م ر ويدل عليه قوله أو يقترض إلخ فتأمله ثم رأيت في شرح م ر ذلك ( قوله من هذه الأربعة ) قد يقال من الأربعة أولها على قضية كلامهما والمصلحة منحصرة فيه فلا يتأتى الاجتهاد ( قوله كلام الروضة وأصلها إلخ ) كذا شرح م ر وعبارة الروض فرع ومن قصد التملك فمؤنة التعريف عليه تملك أم لا ومن قصد الحفظ فهي على بيت المال أو المالك انتهى ولم يزد في شرحه على شرح ذلك وعبارة الروضة فيمن أخذها للحفظ ما نصه وإن قلنا يجب أي التعريف فليس عليه مؤنته بل يرفع الأمر إلى القاضي ليبذل أجرته من بيت المال أو يقترض على المالك أو يأمر الملتقط به ليرجع كما في هرب الجمال انتهى فانظر مع ذلك قول الشارح كلام الروضة وأصلها إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله عرفه لهم كاللقطة ) ظاهره أنه لا يكفي التعريف لكل واحد منهم مرة بل لا بد من التعريف سنة على الوجه الآتي ولعله ليس بمراد فليراجع ( قوله ويجب إلخ ) دخوله في المتن ( قوله التقط للحفظ إلخ ) أي سواء التقط إلخ ( قوله الذي لا يفسد بالتأخير ) أي حاجة إلى هذا القيد مع وجوب التعريف فيه سنة غاية الأمر أنه مخير بين بيعه وغيره كما علم كل ذلك مما سبق ا هـ سم ( قوله من أول وقت التعريف ) قد يقال لا حاجة إليه مع قوله أن يعرف ا هـ رشيدي ( قوله عرفاها سنة ولو منفردين عند السبكي ) اعتمده المغني والنهاية فقالا ولو التقط اثنان لقطة عرفها كل واحد نصف سنة كما قال السبكي أنه الأشبه وإن خالف في ذلك ابن الرفعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكل إلخ ) عطف [ ص: 334 ] على فاعل عرفاها ( قوله ؛ لأنه إلخ ) أي كل منهما و ( قوله كلقطة إلخ ) أي كلاقطها على حذف المضاف ( قوله وهو المتجه ) مر آنفا عن النهاية والمغني خلافه ( قوله وطلب القسمة ) عطف على تملك إلخ أي وأجيب في طلب القسمة ( قوله وقد يجب ) إلى قوله أي إلى أن يتم في المغني وإلى قول المتن وإن أخذ للتملك في النهاية إلا قوله أو ذكر وقت الوجدان إلى ولو مات وقوله ولو ذكر الجنس إلى المتن وقوله ويوافقه كلام الروضة إلى المتن .

                                                                                                                              ( قوله استيعاب السنة إلخ ) أي بالتعريف في كل يوم منها قول المتن ( طرفي النهار ) أي لا ليلا ولا وقت القيلولة ا هـ مغني عبارة البجيرمي عن العزيزي المراد بالطرف وقت اجتماع الناس سواء كان في أوله أو وسطه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أسبوع آخر ) أو أسبوعان ا هـ شرح منهج ( قوله أو مرتين ) كما في المحرر مغني وسيد عمر ( قوله أي إلى أن يتم سبعة أسابيع ) التعبير بيتم ظاهر في أنه يحسب من السبعة الأسبوعان الأولان ا هـ رشيدي أقول : قول الشارح أخذا إلخ كالصريح في عدم حسبانهما من السبعة ( قوله بحيث لا ينسى إلخ ) الظاهر أن الحيثية هنا حيثية تعليل لا حيثية تقييد ا هـ رشيدي أقول : عبارة المغني وهي ثم في كل شهر مرة تقريبا في الجميع بحيث إلخ ظاهرة في كونها تقييدية وفي البجيرمي عن شرح الإرشاد للشارح زيادة على ذلك ما نصه حتى لو فرض أن المرة في الأسابيع التي بعد التعريف كل يوم لا تدفع النسيان وجب مرتان كل أسبوع ثم مرة كل أسبوع ا هـ وهو كالصريح في كونها تقييدية ( قوله بقيده الآتي ) أي في قوله ومحل هذا إن لم يفحش إلخ .

                                                                                                                              ( قوله وكما لو حلف إلخ ) فإنه لا بد لعدم الحنث حينئذ من ترك تكليمه سنة كاملة ولا يبرأ بتركه سنة متفرقة ا هـ ع ش ( قوله ومحل هذا ) أي ما صححه المصنف من الكفاية ( قوله أو ذكر وقت الوجدان إلخ ) قد يقال قضية المدرك وجوب ذكر الوقت مع الاستئناف أيضا فتأمله ا هـ سم أقول : وكلام النهاية والمغني كالصريح في وجوب ذكر الوقت مع التأخير المذكور مطلقا ( قوله أخذا مما مر ) أي عن النهاية في شرح قول المتن ثم يعرفها ا هـ سم ( قوله بنى وارثه كما بحثه الزركشي ) كذا في المغني ( قوله ورد ) أي أبو زرعة ( قوله بحصول إلخ ) متعلق برد ا هـ رشيدي ( قوله ندبا ) إلى قوله وإذا ذكر الجنس في المغني إلا قوله ومحل وجدانها ( قوله كجنسها ) فيقول من ضاع له دنانير ا هـ مغني ( ومحل وجدانها ) عبارة شرح الروض زمان بدل محل أي بأن يقول من ضاعت له لقطة بمحل كذا ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأنه ) أي ذكر بعض أوصافها ( قوله لوجدانها ) عبارة المغني إلى الظفر بالمالك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا يستوعبها إلخ ) ويفارق ما مر أول الباب من أنه يجوز استيفاؤها في الإشهاد بحصر الشهود وعدم تهمتهم مغني ونهاية ( قوله ضمن ) هل له بعد ذلك أن يعرف ويتملك مطلقا أو إذا أقلع كما تقدم فيما إذا خان في الأثناء وعلى هذا فما الإقلاع هنا ا هـ سم عبارة البجيرمي وهل هو ضمان يد حتى لو تلفت بآفة بعد الاستيعاب [ ص: 335 ] ضمن وينبغي أنه كما لو دل على الوديعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله من يلزمه إلخ ) أي قاض يلزم اللاقط أن يدفع اللقطة لشخص يصفها له من غير إقامة حجة على أنها له ا هـ بجيرمي ( قوله لم تجز الزيادة إلخ ) كذا شرح م ر ا هـ سم ( قوله أو لا لحفظ ولا لتملك إلخ ) أي أو لأحدهما ونسيه أخذا مما مر قبيل ويعرف جنسها ( قوله ؛ لأنه لمصلحة المالك ) فيه نظر بالنسبة لقوله أو لا لحفظ إلخ فإن له فيها التملك بعد مضي مدة التعريف على ما يفيده قوله قبل وله تملكها بشرطه اتفاقا لكن مقتضى قوله في أول الفصل الآتي بعد قصده تملكها أنه لا يعتد بتعريفه قبل ذلك وعليه فيقرب شبهها بمن التقط للحفظ ا هـ ع ش ( قوله قرضا ) إلى قوله فيجتهد في المغني ( قوله بأن قضية كلامهما إلخ ) معتمد سم عن م ر ا هـ ع ش ( قوله واعتمده الأذرعي ) ويدل عليه قول المصنف أو يقترض إلخ نهاية وسم زاد المغني وهذا الذي يدل عليه كلام الأصحاب ا هـ قول المتن ( على المالك ) أي فلو لم يظهر المالك كانت من الأموال الضائعة فيبيعها وكيل بيت المال وللاقط أو غيره الرجوع على بيت المال بما أخذ منه ا هـ ع ش ( قوله أو يأمر الملتقط به ) أي بصرف المؤنة من ماله ا هـ مغني ( قوله أو يبيع إلخ ) أي القاضي ا هـ مغني ( قوله فيجتهد إلخ ) أي القاضي ا هـ رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله من هذه الأربعة ) قد يقال من الأربعة أولها على قضية كلامهما والمصلحة منحصرة فيه فلا يتأتى الاجتهاد ا هـ سم ( قوله فإن عرف إلخ ) عبارة النهاية فإن أنفق أي الملتقط على وجه غير ما ذكر فمتبرع وسواء في ذلك أوجبنا التعريف أم لا على ما اعتمده السبكي والعراقي ونقله عن جمع لكن الذي في الروضة وأصلها إن أوجبناه فعليه المؤنة وإلا فلا ا هـ وقوله على ما اعتمده السبكي إلخ قال السيد عمر هي عبارة الشارح في الأصل المرجوع عنه ثم ضرب عليها وأبدلها بما هنا ا هـ وكتب سم على الأصل المرجوع عنه ما نصه قول لكن الذي في الروضة وأصلها إلخ كذا شرح م ر ثم سرد عبارة الروض ثم عبارة الروضة الموافق كل منهما لما عدل إليه الشارح ثم قال فانظر مع ذلك قول الشارح الذي في الروضة وأصلها إلخ ا هـ وقد تبين بذلك أن سم لم يطلع على رجوع الشارح عن العبارة الأصلية إلى ما هنا ( قوله فمتبرع ) أي إن أنفق من ماله وإلا فيضمن بدل ما أنفقه من بيت المال له ا هـ ع ش ( قوله جريان ذلك ) أي ما ذكر في المتن والشرح من الوجوه الأربعة ا هـ رشيدي ( قوله وذكر ) أي المصنف في الروضة ( وهو صريح ) أي كلام الروضة ( فيما ذكر ) أي من جريان ذلك أوجبنا التعريف أو لا ( قوله وبه صرح إلخ ) أي بالجريان المذكور




                                                                                                                              الخدمات العلمية