الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ألم يعلم بأن الله يرى

                                                                                                                                                                                                                                      ألم يعلم بأن الله يرى أي: يطلع على أحواله فيجازيه [ ص: 180 ] بها حتى اجترأ على ما فعل، وإنما أفرد التكذيب والتولي بشرطية مستقلة مقرونة بالجواب، مصدرة باستخبار مستأنف، ولم ينظما في سلك الشرط الأول بعطفهما على "كان" للإيذان باستقلالهما بالوقوع في نفس الأمر واستتباع الوعيد الذي ينطق به الجواب، وأما القسم الأول فأمر مستحيل قد ذكر في حيز الشرط لتوسيع الدائرة وهو السر في تجريد الشرطية الأولى عن الجواب والإحالة به على جواب الثانية، هذا وقد قيل: "أرأيت" الأول بمعنى: أخبرني مفعوله الأول الموصول، ومفعوله الثاني الشرطية الأولى بجوابها المحذوف، لدلالة جواب الشرطية الثانية عليه، و"أرأيت" في الموضعين تكرير للتأكيد، ومعناه: أخبرني عمن ينهي بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهي عن عبادة الله تعالى، أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح كما نقول نحن ألم يعلم بأن الله يرى ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك فتأمل. وقيل: المعنى: أرأيت الذي ينهي عبدا يصلي، والمنهي عن الهدى آمر بالتقوى، والناهي مكذب متول فما أعجب من ذا. وقيل: الخطاب الثاني للكافر فإنه تعالى كالحاكم الذي حضره الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى، وكأنه قال: يا كافر، أخبرني إن كان صلاته هدى ودعاؤه إلى الله تعالى أمرا بالتقوى أتنهاه، وقيل: هو أمية بن خلف، كان ينهي سلمان عن الصلاة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية